يشرع موقع بلد الطيوب في نشر رواية (الحرز) للقاص والروائي “إبراهيم عبدالجليل الإمام“، على أجزاء بشكل أسبوعي!! قراءة ممتعة للجميع…
6
منحها بقائها وحدها لفترات طويلة فرصة للتفكير في مصابها.. كانت مشورة جارتها سببا لما جرى لها.. بذرة شك صغيرة نبتت في عقلها.. روتها بماء القلق لتنمو اشواكها وتنغرس في قلبها.
هل كانت ضحية اتفاق بين جارتها والعجوز الشمطاء؟
كبر الشك فصار ظناً.. سرعان ما أصبح يقيناً.. خاصة أن جارتها لم تعد تسألها عن رضيعها.. لم تهتم لغيابها عن مجلس النسوة كذلك.. كما انها انقطعت عن زيارتها دون سبب.
هل قبضت ثمن جرها لوكر العجوز؟..
أسئلة كثيرة كانت بحاجة لأجوبة مقنعة قبل أن تبحث عن حل.
بعد شهر من مغادرة زوجها وجدت التميمة الغائبة.. حدث ذلك مصادفة.. عندما كانت تتهيأ لحضور عرس في عرش مجاور.. وجدتها تحت ثوب العرس الذي انتوت التزين به..كيف وصلت الى سحارتها؟
بل من وضعها هنا؟
في البداية أعتقدت ان زوجها من دسها هناك.. استبعدت ذلك من اول وهلة لسبب بسيط هو انه لم يأتي عل ذكرها.
انتقلت للشك في جارتها.. لكنها استبعدت ذلك لصعوبة وصولها الى السحارة في ذلك التوقيت الضيق.
هل هي العجوز الشمطاء؟
اسئلة جديدة تضاف لسابقاتها.. لابد من الإجابة عليها قبل الشروع في أي خطوة.. لكن
الوقت يمضي ورضيع امة الخفاء يكبر ويكبر..
صار قادرا على الوقوف
وحده الان.. ربما يتمكن من أشياء أخرى بعد حين.
بعد أيام وصلت قافلة قادمة من تمبكتو.. حملت معها سلعا كثيرة..
طالما انتظرتها الواحة.. الكثير من عاج الفيلة.. كميات كبيرة من ريش النعام.. بالإضافة لكثير من الجلود التي ستعاد دباغتها لتحملها فيما بعد القوافل المتجهة شمالا.. حملت القافلة كذلك بريدا مهما لها.. رسالة من زوجها.
لم تكن رسالة مكتوبة كما اعتاد التجار ان يفعلوا.. بل كانت شفاهة بينه وبين حامل الرسالة.. يقول حامل الرسالة على لسان زوجته التي ارسلها لتبلغها بفحواها:
- يقول: انه التقاه في غات.. اخبره عن نيته التوجه الى اقاديس وربما الى ابعد من ذلك.. لم يذكر له سبب تغيير وجهته.. كما لم يذكر منى سيعود.
هذا يعني ان غيابه سيطول.. ربما لن يأتي الا بعد عام
وربما اكثر.
يبدو ان يدا خفية
تبعده عن الواحة.
حملت القافلة معها اشياء اخرى لم تعرها ادنى اهتمام.. قيل أن غائبا عاد بعد ان آيس أهله من أوبته.. كما ان معالجا رافقها ليعرض طبه على أهل الواحة.. ما أثار فضولها واهتمامها ما تحدثت به احدى النسوة عشية وصول القافلة.. قالت أن شيخا مهيبا غامضا قد وصل مع القافلة.. هذا وصف تعلم انه يعني انه من أهل الكشف .. انهم أقدر من يمكن الاستعانة بهم في مصابها الجلل… قد تكون عودة الرضيع الضائع على يديه.
ها هي الاقدار تخدمها مرة اخرى.