صداها يتردد في زنقتنا بالصباح الباكر بصوت عمي “حسن” الجهوري، نعرف من خلالها أن الصباح ولج. بعدها تتسارع أصوات الحركة ببيوت الجيران والخطى أمام أبواب البيوت، وتتناهي على مسامعي صوت طقطاقة بيتنا وأعرف أن “جمال” ابن الجيران سيأخذ القـفة كعادته، ليتوجه للمرسى لأستقبال البحارة الراجعين من رحلة صيد مضنية طوال الليل، كانوا جيراناً واقارب فيأبوا إلا أن يتقاسموا جزءً من هذا الصيد مع الأحباب.
كانت دائما تراودني الرغبة أن أصطحبهم هناك، ولكن لأنني بنت وهم شباب، لم يسمح لي التفكير في هذا.
كانت تتصاعد رائحة السفنز وأنا بطريقي لكوشة عمي “خميرة” بشارعنا (كوشة الصفار)، كانت رائحة الخبز الشهي تنافس رائحة السفنز بالصباح، وأصوات الخطى السريعة مع تصبيحات متناثرة هنا وهناك تتداخل مع صوت صفائح الفرن التي يدخلها الخباز ويخرجها كل مرة، ونحن ننتظرها طازجة وشهية، على مائدة الفطور ونحن منهمكين في رشف الشاي والحليب. يتصاعد صوت الطقطاقة مرة أخرى، هذه المرة أنا من يفتح الباب لأني أعرف أن القفة رجعت مليئة بالسمك؛ السردين والكاوالي والبوقة والمرجان، والرائحة تطغي على كل شئ، عدا فرحتي وأنا أطرح سؤالي الدائم من أي مكان أتت هذه الأسماك؟!!
المنشور السابق
المنشور التالي
كريمة حسين
كريمة محمد حسين.
بكالوريوس مكتبات ومعلومات - جامعة الفاتح.
صحفية وكاتبة.
عضوة برابطة الأدباء والكتاب.
عضوة بنقابة الصحفيين.
نشرت بالصحف والمجلات المحلية والعربية.
أعدت حلقات مرئية شملت اغلب فناني الحركة التشكيلية الليبية.
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك