من أعمال المصور أسامة محمد
قصة

ليم دمي

إلى آمال عريبي… تكريم آخر.

من أعمال المصور أسامة محمد

المشهد الأول (عين زارة)

الطريق إلى ضاحية عين زارة ضيقة وطويلة ومستقيمة إلى حد كبير، بها انحناءة حادة عند المنتصف تقريبا تؤدي إلى هضبة شاقّة، تتسلقها السيارة “الفولكس فاجن” السماوية بمشقة، تسعل “مرميطتها” وترتعش، بينما يدوس عمي الأمين على دواسة البنزين بقوة وهو يمسك بمقودها.

تقع “حوازة” عمي الأمين في منتصف عين زارة، هي مزرعة للحمضيات، تتنحنح الفولكس وتدخل من خلال قوس خشبي يفضي إلى طريق ترابي ضيق تحيط به أشجار السرو.. ثم تمتد أشجار البرتقال متوسطة القامة في مربعات وصفوف متساوية. “اليافاوي” “بوصرة” “الحِلو” “السُكري” “الحَسَنا” “الشِفشي” “الدمّي”. تُحد بعض هذه المربعات المعروفة “بالشراك” شجر الليمون، وقد تختلط معها أشجار الزيتون، لكنها في مجملها أراض لا تعرف الاختلاط ولا تحبه.

وفي “حوازة” عمي الأمين تنطلق سيقاننا الضعيفة، تنغمس أقدامنا في التربة، تتسلق أنابيب “البيودجات” المعدنية، تبلل أجسادنا النحيلة قطرات الماء المنبعثة من رشاشات تدور فندور عكسها لنتفاداها ومنا من يقابلها بقلب بارد… نتسلق أغصان شجر الصنوبر الصلبة كالقردة من دون تردد، ننحني أمام شجرة التوت الأبيض والأحمر نجمع حبيباتها التي سقطت بهزة عرف، لزجة، تقطر سكراً على شفاهنا اليابسة بعد ساعات من الجري واللعب، نصرخ.. نتسابق.. نتمرغ في التراب… نختبئ.. نبحث عن الضفادع بجوار برك المياه المخلوطة بالتراب.

وحين تتلون السماء بالبرتقالي، وتسقط بقع الضوء على أوراق الأشجار ، معلنة مغيب يوم مزدحم ومفرح، تهبط على “الحوازة” بعض البرودة المُنَدّاة، وتعلو زقزقة العصافير وتزدحم ويهبط مستوى طيرانها، يتراجع صهيلنا إلى تنفس بصوت عالٍ، نُحشر في الكرسي الخلفي، تتقاطع سيقاننا وأذرعنا، وتتدلى رؤوسنا كحبات البرتقال، تتوقف السيارة عند أحد المنعطفات الترابية، ينزل عمي الأمين ليحمل الصندوق البلاستيكي الأبيض المليء حتى حوافه بالبرتقال، تتدحرج برتقالة أو اثنتان على التراب، يعود اليهما عمي الأمين ويلتقطهما ويضعهما إلى جواره في السيارة.

تعود السيارة الفولكس السماوية أدراجها وكأنها حمارة تتلمس طريقها من دون حاجة لمن يقودها، تصعد الهضبة بصعوبة، ثم تنزلق مع المنحنى بسرعة، يتحول تعبنا إلى شخير غير متناغم.. حين يفتح عمّي الأمين باب سيارته الخلفي، يسقط من الباب شيء منا.. ذراع أو ساق أو رأس يجر كامل الجسد نحو الإسفلت، يصرخ عمي الأمين “يا ساتر.. تي نوضوا وانتم زي الدجاج”.. ولم نكن دجاجًا، لكن التعب نال من أجسادنا الواهنة الصغيرة.

لم يكن عمي الأمين بحاجة إلى بيع برتقاله… كانت له مصادر رزق أخرى، لذا كانت أشجار البرتقال تحمل وتنجب.. تتدلى أعرافها وتتقوس كبطون النساء، ثم تسقط ثمارها الكروية تحت ساقها الغليظة القصيرة كما تفعل الأنثى بوليدها الذي يسقط ما بين ساقيها…سرعان ما تهجر شجرة البرتقال ثمارها أو هي تهجرها، لا فرق، لكنها تظل حانية جاثية عليها.. تلتصق كالجنين بعرفها، تثقله، تحنيه، ثم فجأة تنفصل الثمرة عن النتوء الأخضر الضعيف في موضع واحد دقيق كما ينفصل الجنين عن أمه في الموضع ذاته.. يتجلى ذلك في ليم “البوصرة” الذي يحمل تلك العقدة المغروسة في قلب البرتقالة، كتلك المغروسة في بطوننا الرخوة. في حين تضخ الحياة في جسد الوليد، يصرخ، يتحرك.. يزحف.. ثم يقف على ساقيه ويجري، تموت الثمرة بسقوطها عند ساق أمها، تذبل، يصفر جلدها، يتشقق، تنفلق وتنزح من مائها، تجف، وتندثر.

في بواكير الربيع… تزهر أشجار البرتقال، تجذبنا نحو “شراك الليم” نستنشق بعمق، نقترب من زهوره البيضاء ذات القالب الوردي، نشعر بها كأنها تلتصق بذاك النتوء الأخضر ولا تنبت منه، إذ سرعان ما تترك مكانها وتسقط بمجرد لمسة من أطراف أصابعنا أو حكة من أرنبة أنوفنا على تويجاتها.. نجمع بعضها ونصنع منه عقدا نَنظُمه بين فتحتي أعناقها الرهيفة ورقبتها البيضاء، أو نفرش بعضا منها تحت وسادتنا وننام تحت سطوة عبقها العميق.. لكنها سرعان ما تتهدل، تصفر، تذبل، وتغادرها رائحتها، ثم تجف.

نتشابه في الموت لكن دورة الحياة تتناقض فيما بيننا، تموت البرتقالة لنحيا… نعصر الثمرة… نستخلص رحيقها كرها، لا نترك جلدها الخشن إلا وقد نفد ماؤها وتحول إلى خيوط يلتصق بعضها ببعض.. ننزع شبابها ونضارتها ونحيلها إلى جسد شائخ، فارغ، بلا أحشاء.. لا نكتفي بموتها بل ننكل بها ونفرغ دمائها من شعيراتها المكتزة، نملأ الدوارق الزجاجية بالليم الدمي القاني القريب من لون الحبر “الطرطاري”، لنتجرعه أو نكرعه، نرمي بجلدها الفارغ، أو نصنع من بعضه مربى ونسجنه في علب زجاجية. كبرنا… لكن الحياة اختلفت…انسلت من عروقنا أجيال لا تعرف أشجار البرتقال، ولا تشرب رحيقه، لكنها تمتص دماء بعضها أو يشرب دماءها التراب.

المشهد الثاني (عمي الأمين)

انحدر عمي الأمين مع أسرته من خارج المدينة، واستقر في بيت “عربي” في محلة الظهرة، درس بالكتاب وتعلم مبادئ الخط والقراءة، لكنه سرعان ما التحق بالعمل لدى أحد تجار المحلة المتزوج من قريبة لنا، يحمل له القفاف وينظف المكان ويوصل البضائع للزبائن. كان للتاجر بنات ثلاث، تزوجت اثنتان إلا الكبرى زهرة، قليلة الجمال والحيلة، ممتلئة وقصيرة، عيناها نصف مغلقتين ودامعتين من أثر مرض قديم.. قرر التاجر أن يقترن الأمين بزهرة، وهيأ لهما شقة يملكها.

“أعطي بنتك وفوقها عصيدة”، يهز رأسه و يقولها بمرارة مداراة ببعض المرح…

لم يختلف الأمين عن زهرة جسديا، متقاربان في الطول، ممتلئان، ملامحهما الغليظة كأنها واجهة مبنى لم يكتمل، مشيتهما كأن بها أثر لعرج قديم، لكن زهرة مرحة، والأمين “كُزّمة”.

“يوشا عمي لامين.. يوشا أحمر وسمين.. يوشا ف ايدا بانينا.. يوشا ومرته سمينة”…

ما أن يعود الأمين من مزرعته مساءً، ينزع حذائه المعفر، ويستلقي على “المندار” إلى جوار زهرة في السقيفة وهو يمسح بقايا الغبار عن أهدابه، تصنع له “الشاهي”، تتمايل في كل مرة ترفع فيها “البراد” لصناعة الرغوة، تضحك وتحكي له أخبار الجيران.
شعرت زهرة أنها بحاجة لتحسين نسل أولادها الأربعة الذين ورثوا عنهما خليطا من الملامح الغليظة والأجساد المليئة وحتى ذلك العرج الخفيف.. تطرق الأبواب لاستطلاع الفتيات الشقراوات وهن قلة في الحي، خرجت إلى الأحياء الأخرى تتفحص لون عيونهن وتتمعن في شفافية بشرتهن، وتتأكد من اصفرار شعورهن، ولا تهتم بنقش ملامحهن، تقول “نبيها بللارة.. زي السقيطة في الجزارة”.

انسلّ من أولادهم نسلا هجينا، ملامح الآباء المكتنزة بالشحم وبشرة الأمهات الباهتة. لم تخفف الخلطة من تلك الملامح خاصة الأنف المكور البارز الذي بالكاد تظهر فتحتاه، وكأنها قطعة لحم التصقت بالوجه وزائدة عن حاجته… ومن هذا النسل جاء عبدو.

المشهد الثالث (الحوازة)

بعد أن غادر عمي الأمين والحاجة زهرة المزرعة إلى غير عودة، قسم أولادهم الأربعة “الحوازة” بعد أن اختلفوا لسنوات وتخاصموا، في حين اتفقوا على اقتلاع أشجار البرتقال في يوم واحد، وتنافسوا في صناعة الفحم من سيقانها وأعرافها. يكوم العمال التراب، ويسحبون جثث الأشجار ويسندونها على بعضها البعض، يهيلون عليها تراباً مشبع بالمياه حتى تتغطى، يحفرون بها حفراً للتهوية، ثم يحرقونها كما يحرق الهندوس جثث موتاهم عند نهر “الغانج”، لكنهم لا ينثرون رمادها ويودعونها دامعين في النهر المقدس، بل يبيعونها ويتربحون من حرقها وتفحمها فرحين.

حين انتقل النسل الهجين الى المزرعة، ما وجدوا إلا بناء وأرضاً مزرقة لا تتنفس بعد أن جثم على صدرها قطع “الزليز”، إلا من أحواض قليلة لنخلتين و”كرمة” عطشى.

تغيرت الطريق إلى عين زارة، زاحمتها الدكاكين والورش والساحات المغبرة لبيع الإسمنت والحصى ومواد البناء. اتكأت الأبواب المعدنية الضخمة على سيقان الأشجار اليابسة حتى جرحتها، جلس العمال الأجانب القرفصاء على جانبي الطريق.. تسطحت الأراضي وأُعدَّت للبناء بعد أن قطعت أوصالها وأهمل زرعها حتى يبس وسقط أرضا مغشيّاً عليه أو ميتاً.

بعد أن كانت الطريق محفوفة بأشجار السرو بكرياته الصلبة والصنوبر بحراشفه السميكة المتشققة والديدونيا بوريقاتها الناضرة دائمة الخضار والاوكالبتس العجوز المكتنزة بأعشاش الطيور، وأزهار الربيع البرية التي تطل برؤوسها الملونة المحتشمة على الطريق الخالية إلا من بعض المركبات التي بالكاد تلتقي، تشق فيافي خضراء على مد البصر، أصبحت الطريق مكتظة بالسيارات المتوقفة بإهمال، ومزدحمة بتلك المتحركة بفوضى كما دكاكينها، عنوانها الازدحام والفوضى، حتى باتت أشدً اكتظاظا وأكثر ضجيجا من وسط المدينة.

المشهد الرابع: (عبدو الافطس)

للأنوف انواع… اجملها الروماني المنتصب كالرمح الجاهز للانطلاق. ولأنه ابرز ملامح الوجه، فإنه أول ما يمتد إليه البصر، ويشكل علامة دالة للشخص..

– “خشمه كبير”
– “خشموش”
– “مفطس”
– “واقف زي السلة.. صغير…”

كان تأثير أنفي الأمين وزهرة واضحاً على نسليهما، ورغم محاولات زهرة للتخفيف من غلاظة ملامحها وملامح زوجها إلا أن نجاحها كان جزئيًا، إذ ظل تأثير أنفيهما مجتمعين كالبصمة على وجوه أحفادهما.

إن كان تأثير الأنف في الشخصية والطباع حتمياً، فإن أحد أحفاد الأمين امتد تأثير أنفه إلى اسمه، أُطلِق عليه “عبدو الأفطس”، و”الخشموش” من أصدقائه المقربين. لم يكن سر أنفه في حجمه فحسب بل في هندسته أيضاً، به انعطافة نحو اليمين تجعل من وجهه كأنه يقوده أنفه.

عاش عبدو يحمل أنفه اينما حل، ولا يمكنه اخفاؤه أو توجيه أعين الناس نحو جزء آخر من وجهه.. كان كل وجهه في الحقيقة، لدرجة ان بقية تقاطيعه انكمشت وكادت تضمحل.. حتى صوته يخرج من أنفه، أو هكذا بدا له.. تتغير حدقاته لتلتقي عند أرنبة أنفه وتصاب بالحول بين الحين والآخر.

سيطر أنفه عليه وعلى تفكيره وجسده.. يسير منكفئا نحو الأسفل، معوجا في مشيه. وتحت وطأة أنفه، حمل سلوكا عدوانيا ظاهرا، ازداد مع اشتداد العنف في البلاد.. انقطع انقطاعا كاملا بسلفه، ولم يذهب تفكيره القاصر إلى أبعد من أنفه الذي سبب له عقد نفسية.

شكل عصابة مسلحة، تفرض الإتاوات على التجار على طول الطريق التي عرقلها ببوابة يقف عليها مسلحون من أفراده بدعوى فرض الأمن. يوقفون السيارات، يطلّون على أصحابها القلقين، يرددون…

– “منين خونا”..”شنو تبعيتك”؟
– “وين يا جدي”؟
– “استمر ..استمر عموووو”.
– “كبر وخود ساتر”.

يتناول عبدو جهازه اللاسلكي بطريقة استعراضية، يلتف حول نفسه، يقربه من أنفه ويتكلم بخُن منه “سمعك طيب.. يا نمر”..

جمع “الخشموش” أموالا طائلة. عندما تفاقمت أزمة السيولة في البلاد وعز “الدينار” وبات من الصعب على الناس إخراج أموالهم من المصارف، وقف عبدو أمام أبواب المصارف بحجة تنظيم الطوابير، يتقاضى جزءاً من الخارجين بدراهمهم حتى القليل منها. تعامل مع بعض المصارف واستصدر بطاقات ائتمانية سمحت له بسحب الأموال.

يصرخ في الطوابير البائسة والجائعة: “عليّا اليمين ما كم خاشين.. نسكر أمه المصرف”. ترتعد فرائصهم من القهر والمهانة… أسس شركة، وفتح لها اعتمادات بالملايين، ورّد مقابلها حاويات فارغة صدئة ملقاة على رصيف الميناء تعبئها الريح الآتية من الشمال. كلما ازدادت صفقاته عن طريق المصرف المركزي، صرخ بفخر “اللي ما يقرع للتريس مش راجل”. شحن آلاف البشر في مراكب مطاطية من دون واقيات تنقذهم من الغرق، دفع بهم إلى الماء، سمع صراخهم عند غرقهم فضحك بعد أن قبض ثمن موتهم… تاجر في عمال بائسين وأمن دخولهم من المطار بتأشيرات مزورة وتقاضى عن كل رأس “بنقلا” مبلغا من المال.

رغم كل هذا ظل أنفه يجره من صفقة إلى أخرى، يشم رائحة الدنانير ويتبعها حتى يمتص عرقها قبل أن يقبضها بيده. حين سافر عبدو لأول مرة في حياته إلى اسطنبول، بحث عن مواخيرها، شرب حتى ثمل، وقف وسط حلبة الرقص، أحرق رزمة دولارات كما أحرق أبوه أشجار برتقال جده ونثر هباءها على القوم الجالسين فاغري أفواههم، وحين تحرش به بعضهم، تملكته رغبة القتل التي استهواها بحث عن مسدسه خلف ظهره فلم يجده، حينها تذكر أنه ليس في عين زارة حيث اعتاد القتل متى نالت منه غوايتها، يقلّب الجثة الممددة تحت قدمه ويصرخ “تي صقّع.. بالتريس”.

المشهد الخامس (النار تعقب الرماد)

“النار تعقب الرماد”… صيحة أطلقها الجار المجاور لمزرعة الأمين، الذي ما يزال يحتفظ بجزء من مزرعته… يضرب يده كفا بكف، ويرددها كلما لمح عبدو يزور بيت أهله في جنح الظلام.

تعددت الجماعات المسلحة في المنطقة ما بين “الخشموش” و”الأفطس” و”الأحول” و”العايب” و”الأعمى” و”الأبرص” تناحروا فيما بينهم على مناطق النفوذ، واستعرضوا سياراتهم المثبتة عليها القواذف، وأفرغوا أحشاء بنادقهم كل ليلة، ومارسوا الأنشطة المجرّمة، وباعوا كل شيء حتى تراب عين زارة الذي جمعوه في شاحنات و تربحوا منه.

لأن عبدو الأفطس لم ير جده، ولا مزرعته، لم ير أشجار برتقال عمي الأمين، لم يقطف ثمارها ولم يتذوق عصيرها المخلوط بأنواعه، ولم يشرب الليم الدمي، شرب دماء الليبيين وامتص أرزاقهم.

وكما تغيرت عين زارة من الوداعة إلى الفوضى، من الهدوء إلى الصخب، من البراح إلى الضيق. كما تحولت أراضيها من خضار إلى رماد مكدس يحرق الحلق ويدمع العين. من أشجار البرتقال إلى دكاكين جزارة تعلق أمام أبوابها رؤوس الجمال، والأكباش وتغتسل مداخلها بالدماء.. كما تطايرت أكياس البلاستيك والإسمنت واشتبكت مع بعض الفروع اليابسة. كما هدأ غبارها كل “عشية” بخرطوم الماء المفرط في استخدامه، بعد أن تكدس الغبار على أرضها الطينية التي كانت مشبعة بالماء من عينها الرقراقة، ومغطاة بحبات المُزن على الحشيش الأخضر كأنها حبات الفستق.

تغير نسل الأمين إلى “عبدو الأفطس”.

“النار تعقب الرماد”.

10 مايو 2017

مقالات ذات علاقة

اللـوحــة

أسماء الأسطى

الساعة الحادية عشرة بتوقيت اللصوص

رضوان أبوشويشة

هـدف أكـيد

أبوالقاسم المزداوي

اترك تعليق