ظهرت الفتاة، بعدها ظهر الفتى، من خلف منعطف السور إلى حيث تتسع المسافة فيما بينه وبين البحر، ثم سارا متحاذيين.. كانت ابتسامتها تومض من بعيد، وبد إنهما على قدر كبير من الانشراح والالتذاذا بالصحو والدفء، وسكون الظهيرة الرقراق، وقبل كل شيء، بوجودهما عاً وسلاسة تواصلهما.
اتجها ناحية السلم الحجري الصاعد إلى الشارع، عندما وصلا بدايته توقفت الفتاة وقالت شيئاً لفتاها (الذي صار أمامها)، وانحنت تنظف حذاءها (من قار البحر ولابد).. تألقت نظافة ساقها السمراء الرشيقة تحت وهج الشمس كما لو كانت ساقها مدهونة بمادة دهنية، داخلتني رغبة في أن أشاهد قفا ركبتها والمساحة لأعلاه التي كشف عنها ارتفاع ذيل التنورة، لكني حافظت على إيقاع خطواتي تاركاً الأمر للصدفة الحسنة.
قبل أن أصل إلى زاوية تتيح لي تحقيقي رغبتي، فردت الفتاة جذها وصعدت مع فتاها متجهين نحو الشارع، فأوليت وجهي للبحر محاولاً إغراق وحدتي في تأمل عذوبته.