من أعمال التشكيلي الليبي.. عبدالرزاق الرياني
تراث

عادات وتقاليد ليبية لا تنسي .. الشاي الليبي عبر التاريخ

من أعمال التشكيلي الليبي.. عبدالرزاق الرياني
من أعمال التشكيلي الليبي.. عبدالرزاق الرياني

في العصر التركي ”شراب الملوك”:
أن الشاي قد دخل إلى ليبيا في العصر التركي ولم يعرفه في ذلك الوقت عامة الناس ولكنه ظل مقتصراً على فئة معينة كالعائلة الحاكمة وبعض الشخصيات الهامة في البلاد مثل القناصل ووجهاء البلاد ونتيجة للظروف الصعبة التي كانت تمر
بها البلاد من مجاعات وأمراض وضرائب باهظة من قبل حكام ذلك العصر أقتصر الناس على استهلاك أنواع معينة من الأطعمة دون غيرها وأن عامة الناس في العهد التركي كانوا يعرفون القهوة ولكنهم لا يشربونها لأنها كانت غير منتشرة على نطاق واسع ومقتصرة على الأغنياء فقط وكانت توجد بعض المقاهي التي تقدم القهوة في مدينة طرابلس.

وقد ذكرت الأنسة توللى القهوة في كتابها حيث قالت :
” عندما كنت في زيارة إلى اللالة أماني بسبب مرضها قدمت لها القهوة في فناجين صغيرة جداً موضوعة في صينية فضية وصينية من الذهب التقديم القهوة الى السيدات المتزوجات وأضافوا إلى القهوة القرنفل والزعفران والقرفة وكانت القهوة مليئة بالسكر” أنتهى الاقتباس.

المقاهي في العهد التركي :

ويقول ريتشارد تولّى قنصل بريطانيا في وصف المقاهي في مدينة طرابلس:
” يلتقي الأتراك المقيمون بطرابلس في المقاهي لتبادل الأخبار ومعرفة ما يدور في طرابلس من أمور أما سادة القوم فلا يأوون هذه المقاهي لأنهم يجتمعون في منازلهم على فرش فاخر ويبعثون خدمهم لإحضار القهوة لهم أما أن ذهب أحدهم الى المقهى فلا يذهب إلا ومعه خادمه لكي يمد له القهوة وتلبى طلباته ولما يجتمع هؤلاء السادة يدور الحديث بينهم وبعضهم يشرب قهوته والآخر يتمضى نرجيلة وآخرون قابضون على مناديلهم في أيديهم ويصعب على الاوربي الذي لا يعرف العادات هنا أن يتكيف مع الوضع ومجرى الحديث لأن المتكلم هنا يستعمل يده للتعبير عن شعوره بل لاستعمالها كما نستعمل نحن القلم لوضع الفاصلة أو القاطعة في الكتابة ويستعمل يده اليمنى في عد نقاط حديثه على أصابع اليسرى “.

ويصف الصحفي الألماني بانزه شرب القهوة في شهر رمضان بقوله :
” قبل نصف ساعة من الغروب يصبح الجميع عصبين فثمة من يغلي القهوة ويهي سيجارة لفها لتوه ووضع بجانبها عود الكبريت أو يأخذ قطعة خبز في يد وفنجان القهوة المملوء في اليد الأخر بينما يترقب الجميع طلقة المدفع “.
ولقد وصف الضابط التركي عبد القادر جامي الذي نفي إلى ليبيا في بداية القرن العشرين – الشاي على الطريقة الليبية حيث أورد بعض الطرائف عنه في رحلته المشهورة من طرابلس إلى فزان بقوله :

” بعد أن أكلنا البازين في قصعة خشبية وشربنا اللبن الحامض وضعت أواني الشاي في الوسط : كؤوس زجاجية صغيرة على مائدة خشبية صغيرة وإبريقان صغيران وعلبة من الصفيح ملونة لوضع الشاي والسكر مما يدل على أن صاحب البيت ذو مال أو بتعبير أصح إنه تحصل على محصول زراعي وافر في هذه السنة. وإن الشاي الأخضر الذي أدمن أهالي طرابلس على شربه فتاك من الناحية الصحية والمالية وأكثر ضرراً من المشروبات الكحولية التي أدمن على تناولها الأوروبيون. فالشاي الأخضر الذي يلون بأصباغ مضرة يجد سوقاً رائجة عند الليبيين لأنهم يفضلون الأغمق لوناً على غيره ، والشاي بلية انتشرت في شمال افريقيا وآفة عممتها الزوايا السنوسية بين السكان .

ورعاية لمنشأ هذه العادة يشترط أن يراعى في إحضاره وتوزيعه على الضيوف آداب خاصة. فالذي يحضر الشاي يقلد الوضع الذي يتصف به شيخ الزاوية أمام تلاميذه”.
وقال في موضع آخر من الكتاب:” قد كلف ذات يوم أحد رفقائنا وهو الشيخ أحمد بن علي شيخ قبيلة القوائد من الشاطئ وهو من التجار المعروفين بمهمة إحضار الشاي بعد الطعام (الغداء) لمعرفته بآدابه وتقاليده. وقام الشيخ المذكور بالمهمة وبعد أن انتهى من توزيع ثلاثة أقداح على جميع الحاضرين أشار على صاحب البيت برفع الأواني من أمامه ولكن بما أن ورشفانة جميعها وسكان وادي المجنيين وخاصة بدو ترهونة لا يكتفون بثلاثة أقداح وحتى بتسعة – فقد جذب صاحب البيت أواني الشاي لناحيته، ورعايةً لتقاليد إحضار الشاي مدّ رقبته الطويلة حتى برزت عضلاتها وحملق بعينيه الواسعتين البراقتين وظهرت تقاسيم وجهه المستطيل بأنفه المنقاري وشفتيه الرقيقتين وانتصب برأسه تحت طربوشه واتخذ وضعاً خاصاً يليق بمهمته وشرع في إحضار الكأس الرابع ….”

في العصر الإيطالي :

الشاي والحركة السنوسية :
يشير الرحالة المصري أحمد محمد حسنين الذي التقى بالسيد إدريس السنوسي في القاهرة عام 1915 الذي ساعده في الدخول إلى ليبيا سنة 1923 – يشير إلى موضوع الشاي في ليبيا:
” حرم السيد ابن على السنوسي مؤسس الطائفة السنوسية في ليبيا شرب القهوة والدخان على أتباعه ولكنه لم يصدر أي أمر بشأن تحريم الشاي وكان أتباع الزاوية السنوسية يفضلون شرب الشاي عن القهوة لسبب ديني وعملي ولهذا تجد كل أتباعه يحبون الشاي : ذلك الشراب الذهبي الشهي ذي الرائحة الزكية (يقصد النبيذ) الذى يوسّع حافات الموائد في بلاد الحضارة . وأهل الصحراء يفضلون الشاي عن القهوة لأنه منشط على العمل وهم يشربونه عقب كل طعام ويختمون به رحلة اليوم.

ويشرح المؤرخ الليبي (محمد بن مسعود فشيكة) كيف منعت السلطات الإيطالية تعاطي الشاي في ليبيا:
أصدرت إيطاليا سنة 1922 م قانوناً يمنع تصدير السكر والقهوة والشاي والدخان والأقمشة من المدن الساحلية الى الدواخل أو المناطق التي يوجد بها المجاهدون وقد وصل بعض التجار على خيولهم وجمالهم الى تونس واتجهت القوافل الى مصر في فصل الربيع لإحضار الأرز والملابس والسكر والشاي مقابل المواشي التي يحملونها معهم من الأسواق الليبية وابتلى الليبيون جميعاً بشرب الشاي في أعز أوقات النهار ، فكانوا يتجرعون من أكوابه ثلاث مرات في اليوم ، يقيمون له في الدكاكين الريفية والاسواق العامة ، مجالس خاصة وتستغرق مدة كل شربة ساعة أو ساعتين ، ومن أكبر أثار هذه البلوى انها عودتهم الكسل والخمول ، والتسلي بتقييد أحوال الناس وقد رات الحكومة الايطالية بليبيا في ذلك الوقت ، ان شغف الليبيين بشرب الشاي تجاوز حدود العقل ، وتعودهم اياه على هذا الوصف ليس فيه مصلحة لها ولا لهم فاضطر المارشال بادوليو حوالى سنة 1933 م ان يعالجه بما يمكن ، فمنع ان يشربوه في المحلات العامة إلا في ساعات القيلولة ، ومع ذلك فقد كانوا يخالفون هذا الأمر الرسمي سراً .

مجالس الشاي والجهاد الليبي في العهد الإيطالي :
يقول الأستاذ محمد الأسطى في وصف مجالس الشاي في العصر الإيطالي:
” في العهد الايطالي بالرغم من انعدام وسائل الاعلام (الاذاعتين) ولم تكن ثمة مجلات أو جرائد تستحق القراءة ومع هذا كانت أخبار المعارك تتسرب عبر العائدين من الجبهة الى الناس وبالتالي فأن السهرات حول أكواب الشاهي الصغيرة تنقل أخبار الجهاد وكان يتوسط الجمع الذى يعقد عن النساجين واحد ممن يجيدون القراءة ويمسك كتاب السيرة أو التاريخ ويقرأ هو وينصت الأخرون. حيث كانت مجالس النساجين التي كانت تدور في محلات انوال النسيج وما يدور في جلسات الشاي تمتد حتى منتصف الليل من بعد صلاة العشاء وما يتناقله المواطنون فيها من أخبار المعارك”.

وكذلك يقول في موضع آخر:
” من بين الظواهر الغريبة التي لفتت نظري في الزنتان ما كان يجرى في يفرن إذ بين الحين والآخر يجرى تنظيم مزادات
لبيع الإبل والبضاعة المصادرة وقصة هذه البضاعة أن عددا من ابناء الزنتان اغراهم قرب تونس فتحولوا الى جلب احتياجات الزنتان من السكر والسلع خاصة وان السكر في تونس يباع في شكل ” الأقماع ” التي يفضلها الأهالي ولما
كانت هذه التجارة تتم من وراء ظهور الطليان فقد نشط الفاشيون في نصب الفخاخ والعيون وتسيير الدوريات خلف هؤلاء وتشددوا في تطبيق العقوبات عليهم فكانوا يزجون بهم في السجون ويصادرون الإبل بكل ما تحمله من بضائع أما عملية التصريف أو التخلص من هذه البضائع فقد كان يجرى الاعلان عن بيعها في مزاد عام وتنتشر الإعلانات في الزنتان ويفرن والقرى المجاورة وهنا لفت انتباهي ان أهالي البلاد كانوا يمتنعون عن المشاركة في هذا المزاد على اساس ان هذه البضاعة مغتصبة من العرب وبالتالي فليس من الحلال دينيا والجائز وطنيا تسويقها وهكذا تخلو الساحة ليهود يفرن الذين كانوا يأتون للزنتان فيزايدون فيما بينهم طبعا ويحصلون على البضاعة والإبل رخيصة ثم يبيعونها للأهالي بأسعار مرتفعة ولم استطع السكوت على هذه المفارقة الغريبة فأعلنت رأيي  للأهالي واقتنعوا به بعد أخذ ورد وأقبلوا المزاد فاشتروا البضاعة بدلا من اليهود”.

شاي بالكاكاوية على شاطئ البحر في مدينة طرابلس :
تقول الأمريكيتان في وصف نزهه بحريه وشرب شاي بالكاكاوية : ” وإذا كان التغيير ضرورياً للحياة فحياتنا مليئة به فحين رجعنا من السوق وجدنا أربعة من أصدقائنا الفرسان ينتظروننا في الشرفة لأخذنا في نزهة بحرية في الميناء وكان قاربهم ذو الشراع المثلث البنى اللون مزيناً تكريماً لنا وقد فرشت أرض القارب بالسجاد القيروانى ورصت المقاعد والوسائد العربية عند مقدمة القارب حتى تخفف من اصطدام القارب بحاجز الأمواج حيث هبطنا لتناول الشاي وقد أخذ القارب ينزلق في يسر وسهولة فوق البحر الهادئ مارا بمقر الحكومة وقصر الأمير والمطار الجديد وفوق المقبرة البحرية حيث أغرقت الباخرة الأمريكية ” فيلادلفيا ” حتى وصلنا لمدخل الميناء واخذ فرساننا الأربعة بأيدينا فأنزلونا الى الشاطئ حيث جلسنا فوق السجاد والوسائد ثم تجمعوا أصدقائنا الفرسان في حمية ونشاط حول الموقد العربي والغلاية النحاسية يحاولون في حذر إيقاد النار بثلاثة عيدان من الكبريت هي كل ما استطاعوا ابقاءه جافاً وقد أمضينا وقتاً جميلاً ونحن نمرح ونشرب الشاي في أقداح زجاجية مع الفول السوداني ولأول مرة نذوق ” الحلاوة العسلية ” وهى حلوة مصنوعة من معجون الجوز وعسل النحل “(راجع كتاب الرحالتان الأمريكيتان : د . لوينسن سميت –. لويز بريستون) أنتهى الاقتباس.

طرائف محمد الأسطى عن أغرب فنجان قهوة في ليبيا:
روى لي أحد المجاهدين ان ضباطا ألمانيين وأتراكا قدموا ضيوفا على احد قادة المجاهدين في مصراته فقدم لهم القهوة في فناجين عادية ولما استغربوا وتساءلوا عن مصدر البن والسكر في ذات الوقت الذى يعانون هم ايضا نقصا فيها في بلديهم الاصليتين واجاب رئيس المجاهدين بان ما شربوه مصدره النخلة فالسكر مصدره اللاقبى الحلو من النخلة أما البن فإنه عبارة عن نواة البلح بعد حرقها وطحنها فأصبحت تعطى مذاقا أشبه بالبن تماماً وانصرف الضباط بعد أن ابدوا اعجابهم الشديد ودهشتهم.

في عصر الإدارة البريطانية:
أما بخصوص الشاي في سنوات الإدارة البريطانية يقول أحمد محمد القلال:
” إن عادة شرب الشاي لها جذر متأصل في العادات والتقاليد فالتحول حول سفرة الشاي والكانون عقب الوجبة اليومية على الأقل أمر طبيعي ، غير أن السكر والشاي سلعتان يصعب توفيرهما، فكانتا من الأمور اليومية التي يجب تدبيرها وكما قال عنهما ” بنبكوف ” إنهما بقيمة الذهب بين الليبيين حينذاك ، مما دعا إلى القيام بمحاولات لإيجاد البديل ، فقد استعمل التمر بدل السكر ، وأعيد استعمال الشاي الذي سبق غليه غلياً خفيفاً ، واستعملت مادة ” شيقوريا ” بدل الشاي ، كل هذا كان إرضاء لمزاج عادة شرب الشاي وما يجري من دردشة وأن كانت بعيدة عن راحة النفوس “.

ويضيف قائلاً عن أزمة الشاي في عهد الإدارة البريطانية:
” وخلال سنوات توزيع التموين البطاقي في عهد الإنجليز، تعرضت السلع إلى بعض التغيرات. فدقيق الشعير أوقف توزيعه في المدن لسهولة توفره في أسواق الحبوب، كما أوقف توزيع البن بحجة أن السكان لا يهتمون بشرب القهوة قدر اهتمامهم بشرب الشاي التقليدي في المدن والقرى، ولنقص الشاي عالمياً خفض مقدار الفرد إلى 60 جراماً شهرياً لعدة شهور من عام 1946 م “. (راجع أحمد محمد القلال).

 في العصر الملكي:
وصف جيمس ويلارد للشاي :
” وبينما كنت أقوم بعملية مسح (كسار مارا) بمقدار ما تسمح الظروف أشعل الدليل ناراً صغيرة بأشواك جافة وجلس الى جانبها القرفصاء يلاعب اثنين من أباريق الشاي الصغيرة التي يصنع فيها أهل الصحراء الشاي البالغ الحلاوة الذي يدعونه ” ويسكي ليبيا ” وكان أيضاً قد فرش قطعة من القماش نثر عليها التمور التي يجففونها ويصلحون من أمرها عادة بدفنها في الرمال وكان الذباب قد جاء من حيث لا أعلم ليشاركنا الطعام الذي أصبح جاهزاً ودعيت لأشرب أول قدح من الشاي وأتناول عينة من التمر اعتصرتها بقوة أصابع مصفحة بالأوساخ وكان الشاي وكانت التمور لذيذة فعلاً . في تلك اللحظات وأنا جالس على الرمل مع رجلين غريبين قلما كنت استطيع مخاطبتهما ولكنني كنت مع ذلك احدثهما ببضع كلمات من لغات مختلفة وببعض البسمات والحركات مختاراً لكل منهما ثمرة جيدة مشاركاً اياهما تناول الشاي من القدح الصغير نفسه (الذي كان يغسل تلطفاً بين كل رشفة واخرى). وهنا احب أن أكون واثقاً من أن أحداً لا يسئ فهم ما أقول فأنا لا أنوي أن أضيف شيئاً الى المؤلفات الرومانطيقية العادية الكثيرة حول الشيوخ وأشجار النخيل يماوج سعفها النسيم العليل ومناظر الغروب وضوء القمر “.

مكونات عالة الشاي الليبية :
توجد أدوات خاصة لطبخ الشاي بالطريقة الليبية ومجموع هذه الأدوات مع بعضها يكون ما يعرف عند العامية بعالة الشاهي وهذه الأداة (العالة) يتميز بها الليبيون عن غيرهم من سكان الشمال الإفريقي وعند إعداد الشاي لابد أن تكون كل هذه الأدوات موجودة وترتيبها كالاتي :
1 – النار: وكانت قديماً في بداية أنتشار الشاي تحضر من الفحم في منقل أو كانون خاص من الطين أما الأن فهي عبارة عن اسطوانة صغيرة من الحديد الصلب تحوي سائل الغاز الطبيعي وتسمى بريمس.
2 – سفرة صغيرة / بها السكر والشاي وكمية من الأعشاب العطرية مثل النعناع والزعتر كل منهم في إناء مقفل خاص به يسمى (سكرية) بالإضافة إلى علبة كبريت وقد انقرضت الآن وحلت محلها الولاعة (القداحة) مع إبريق كبير من الماء يسمى (سخان).
3 – سفرة كبيرة / بها إبريقين أحدهما كبير والأخر صغير مع مجموعة أكواب صغيرة من الزجاج تسمى (طاسات) وصفاي لتصفية الشاي وإناء أخر يشبه البراد ولكنه بدون غطاء لعمل الرغوة ولتبريد الشاي الساخن يسمى (لقامة) كل هذه الأدوات موضوعة في سفرة من المعدن ثم توضع فوق سفرة أخرى من الخشب مرتفعة قليلاً عن سطح الأرض ومغطاة بمفرش.
4 – سُفرة تقديم الأكواب والحلويات / وتختلف أحجامها حسب المناسبات، تحتوي على سلتين بهما بعض الكعك والخبز وكانت قديما الزميتة (تاعبوت) بالأمازيغية والبسيسة (طومن)  بالأمازيغية تقدم مع الشاي، حيث تملء أكواب الشاي (الطاسات) في هذه السفرة تم تمرر على الحضور وأحداً بعد الأخر وفي السنوات الأخيرة أصبحت تغطى كل السفر المستعملة بمفارش متشابهة في النوع والشكل وتختلف في الحجم حسب حجم السفرة وتسمى مفارش عالة الشاي.
5 – إناء من المعدن أو البلاستيك دائري مفتوح به عمق يوضع فيه الماء لغسل الأكواب وفي المدة الأخيرة أستبدل بالستيل والزجاج يسمى (محبس العالة).

ملاحظة :
كل هذه الأدوات ما عد الأكواب مصنوعة من معدن الستيل وتستورد من الخارج وتباع في الدكاكين والأسواق في الوقت الحاضر أما في أما في فترة الثمانينات كانت تباع في الجمعيات الاستهلاكية فقط ولا تصرف للمواطنين بدون كتيب استهلاك و انتظار الدور الذي قد يصل الى عدة سنوات وكذلك القرعة وعند حصول العائلة على العالة والفوز في القرعة تقام حفلة بالمناسبة ويحضر الجيران لشرب الشاي وتسرد الكثير من الحكايات عن كيفية الحصول عليها ويستمر الحديث الى أخر النهار عن الجمعية والبضائع الموجودة بها وهذا للتوثيق فقط.

تحضير الشاهي على الطريقة الليبية :
وفي الوقت الحاضر يعتبر الشاي من المشروبات المنتشرة بكثرة في المجتمع الليبي ويقدم للضيوف في المناسبات ويستخدم كمشروب يومي للأسرة ويستعمل كذلك في أغلب الدوائر الحكومية والمقاهي والفنادق وتختلف طريقة إعداده في المنزل عن الأماكن الأخرى ومن تقاليد إعداده في البيوت إنه يطبخ ثلاث مرات في اليوم على الاقل وتعد حلقاته من المناسبات الهامة لتبادل الحديث والتي لا يمكن التفريط في عقدها وخاصة بعد الافطار والغذاء والعشاء وعند مجيء الضيف وأحياناً أكثر حسب الظروف وبعد طبخه يقدم ثلاث مرات في الجلسة الواحدة والثالثة عادة ما تكون بالكاكاوية أو اللوز وتستغرق عملية طبخه حوالى ساعة ونصف الساعة ويدور خلال طبخه الحديث عن كل شيء يخطر على البال (من البنات المؤهلات للزواج حتى السوق المالية). وفي بعض الأحيان يبدأ طبخه في الصباح ويستمر الى أخر الليل ويتم طبخه على جمر موضوع في موقد يسمى (المنقل)أو موقد فخاري يسمى (كانون) مصنوع من الطين ذو لون أحمر ويضم نار الفحم الخشبي يسمى (بياض) او الفحم وسمى هكذا مع إنه لونه أسود لأنه الناس يتشأمون من السواد . ويثم طبخ الشاي في ابريق يسمى برّاد في اللسان الدّارج أما في الفصحى فيعنى اناء يبرد فيه الماء ويسمى البرادة أيضاً مع ملاحظة أن لفظ الشاي لا وجود له في لغة العرب القديمة لا نهم كانوا لا يعرفونها.

طريقة أعداد الشاي :
يمسك البراد ويعبأ بالماء حتى منتصفه ويضع فوق النار الى أن يغلي الماء تم يضع فوق الماء المغلي عشبة الحشيشة وتسمى (حشيشة) ويوجد منها نوعان الحمراء والخضراء (من ناحية اللون) وبالنسبة للنوعية منها الدقيقة والغليظة بعد الغلي يصفى بالصفاي (وهو أداة من المعدن بها تقوب توضع على البراد تسمح بمرور الشاي وتعلق بها البقايا المعروفة بالحشيشة) الى براد آخر أصغر حجماً من الأول يسمى براد السكر ويضاف السكر ويدع الخليط يغلي مراراً ثم يمر بعملية تبريد بنقله بين براد السكر وإناء أخر يسمى اللقامة وتسمى هذه العملية (تخديم الشاي) ثم يوزع في أكواب صغيرة تسمى الواحدة منها طاسة الشاي – وفي اللغة (طاس) وليس طاسه ويعنى اناء من نحاس يشرب فيه وجمعها طاسات وتوضع هاته على طبق يسمى صفرة ثم يوزع على الحاضرين مع بعض البسيسة أو الزميطة والآن حل الضيف الثقيل الكعك محل هاتين الأكلتين ويوضع السكر في صفيحة وتخصص أخرى للشاي وتوضعان في سفرة واحدة. ويباع الشاي والسكر في الدكاكين وهي أمكان أخرى لحضور الميعاد (أو اجتماعات الشاهي) بالنسبة للرجال، أو في السوق اليومية والأسبوعية.

اجتماعات عالة الشاهي اليومية الخاصة بالنساء المعروفة بالميعاد : (ميعاد النساوين):
من الاشياء المتعارف عليها بين النساء في المجتمع الليبي الاجتماع اليومي على (عالة الشاهي) الذي يسمى بالميعاد ثلاثة مرات في اليوم أحدهما في الصباح عند الانفطار والأخرة في المساء بعد الغداء ويكون هذا الاجتماع بالتناوب بين نساء الزنقة أي كل يوم يثم عند واحدة منهن . وأما المرة الثالثة ينفردن بها مع أزواجهن بعد العشاء في البيت .
والمرة الأولى لهذا الاجتماع تبدأ في الصباح حيث تجتمع نساء الشارع أو الزنقة كلهم أو بعضهم حسب ظروفهن في أحد البيوت على عالة الشاهي ومن مميزات هذا الاجتماع انه قصير في الداخل و ينتهى بانتهاء الشاهي ولكنه طويل في الخارج أي على عتبة البيت عند توديع بعضهن ، بعدها تذهب كل واحدة منهم الى بيتها لتخضير طعام وجبة الغداء واستقبال الأطفال من عودتهم من المدرسة .

أما الاجتماع الثاني يتم في الفترة من قبل العصر الى قبيل المغرب حيث يجتمعن حول ما يعرف بالعالة مع أكله خفيفة مثل الزميطة أو البسيسة أو الشكشوكة وفي معظم الاحيان يكتفين بطاسة الشاهي بالكاكاوية أو اللوز حسب حالة المادية للأسرة التي عليها دور الشاهي والمهم عندهم هنا ليس الشاهي وإنما الاجتماعات المصاحبة له وماهي جداول أعمالها.

وفي الاجتماع الاول يتم سرد الاخبار القصيرة والبسيطة يعني كما يقولون في تحرير الصحف عناوين الأخبار ولكن تحليل مضمون الاخبار يتم في الاجتماع الثاني في المساء حيث أي شيء تفكر فيه تجده عندهم مدرج في جدول بنود أعمالهم من (الفتيات التي في سن الزواج الى الأسعار في السوق المالية) بالإضافة الى ذلك منهم من لها أراء صائبة في مجال السياسة ولا يستهان بها .

في هاتين المرتين اللتين تجتمع فيهما نساء الزنقة على عالة الشاهي قد يشكل الأطفال الذين يرافقون أمهاتهم مشكلة ، بضجيجهم وحركتهم التي لا تنتهي حيث لا يتركون شيء في مكانه ولا تنفع فيهم كلمات الزجر والتهديد بالضرب ، ولا ينفع التخويف بعزوزة القايلة أو الغولة والعوّاوة أو غيرها من الأشياء المخيفة وهنا لا تجد النساء غير طريقة الايحاء الى احدى الفتيات الكبيرات للقيام بالمهمة . وهكذا الى ان تأخذ النساء في الرجوع الى بيوتهن واحدة تلو الاخرة وبأيديهن أطفالهن وبذلك يكون الاجتماع الثاني قد أنتهي وأما المرة الثالثة تكون في الليل بعد تناول وجبة العشاء وفيها تنفرد الزوجة مع زوجها بعد ذهاب الاطفال الى النوم وتستغرق تلك العملية حوالى ساعة ونصف والشاهي يفور على النار والحديث يدور عن البنين والبنات وشئون العمل والبيت فاذا كانت الزوجة لديها بنات مؤهلات للزواج تحكى لزوجها ما دار حولهن من حديث خلال جلستها مع النسوة في جلسة الشاهي واذا كانت أم أولاد فلا تبخل عن بعلها بسرد ما دار من حديث عن بنات الجيران مع ابداء رأيها في كل منهن وكم تتمنى لابنها تلك الفتاة أو هذه وهكذا ترى أن تلك الاسرة متراضية منسجمة متفقة .

وحين يستقر رأى الزوجة والزوج على بنت معينة يتصل الزوج بأخوته لدراسة الرأي معهم وتقوم الزوجة هي الاخرى بدراسة الموضوع مع ذواتها وحال وصول الجميع الى فكرة جماعية ناضجة وقرار صائب مدروس يكلف الزوج زوجته بأن ترسل لابنها تستوضح رأيه في بنت فلان ومن تلك التي ستكلف بالاتصال بها ياترى طبعا يتم ذلك عن طريق احدى العجائز الطيبات اللائي يثق فيهن ويطمئن جانبه اليهن وتثق العائلة بكلامهن وتقوم العجوزة بذلك فتستدعيه وتسأله فاذا سكت الشاب عرفت أن السكوت علامة الرضى وأنه موافق وراغب في الزواج ممن ذكرت أما اذا ثار وبانت عليه علامات الغضب موضحا أنه غير راغب في الزواج ولو أن ذلك غالبا لم يحدث الا نادرا لان الاسرة لا تختار الا الاصلح . تقول الجدات في بعض الأساطير أن الإخوة الذكور الذين ليس لهم اخوة بنات لا تنتقل لهم أخبار الميعاد (الشاي) الذي تقوم به عادة النساء في اجتماعهن الخاصة وأن جزء من هده الاجتماعات مخصص للكلام عن الشباب وهذا الكلام مهم بالنسبة للشباب في حياتهم حيث يهمهم رأى النساء فيهم ومن جانب أخر كانت قديماً تقوم حروب بين القبائل وفي مجالس النساء كانت تنقل أخبار عن تلك الحروب من بعض العائدين من الحرب في بعض الاسر وبذلك الذي ليس له أخت تحضر ميعاد الشاي الخاص بالنساء لا تصل اليه الأخبار أي نستطيع أن نقول أن الذي ليس له نساء في ميعاد الشاي مثل الذي لا يملك أي وسيلة من وسائل الإعلام في الوقت الحاضر.

أماكن ميعاد الشاهي :
في كل مساء يذهب الرجال الى ميعاد الشاي في الدكاكين ويجلسون على ركابات وتوجد هذه الركابات عادة في الشوارع أو أمام البيوت أو أمام الدكاكين والركابه مكان مرتفع للجلوس يشبه مجموعة مقاعد مصفوفة حذو بعضها البعض لجلوس عدد من الناس وتبنى الركابه من الحجر أو الطوب وتوجد أمام المتاجر و في الأسواق وأمام البيوت القديمة يجلسون عليها الناس لقضاء وقت فراغهم لمناقشة بعض الأمور التي تهمهم وأحياناً يجلس المتجمعون في الدكان على هيئة دائرة على الأرض وبعد اللقاء يتم السلام والمصافحة بالأيدي وأثناء هذه المصافحة تكرر عملية السلام عدة مرات وتستمر أحياناً حتى بعد الجلوس في حلقة الميعاد تم تحضر العالة ويبدأ إعداد الشاي، وفي بعض الاحيان وخاصة في ليالي الشتاء المطيرة يتحلق السامرون حول سفرة الشاي في (المربوعة)، أما في الصيف يتجاذبون أطراف الحديث تحت ظلال الزيتون في الغابة بعد انحسار القيظ حيث يتحدثون عن طفولتهم وحوادثها القديمة أو تراهم يذكرون الاعمار والسنين ومتى ولد فلان أو فلانه. وفي هذه الجلسات يتم تحقيق تواريخ الوقائع التي يذكرونها بنسبها إلى أحداث جسام، بعض منها قد يكون كوارث طبيعية – حروب – سقوط الحكام أو مجاعات، مثل عام السبول (سوقس ن إللي) أو قّرت الهزهازي وكذلك عام الطليان وعام الانجليز، وهذا ما فعله قبلهم الفراعنة والإغريق والرومان.
ولقد كانت جلسات الشاي مهمة بالنسبة للرجال لأنه من خلالها تعقد الصفقات وعمليات البيع والشراء .

دكاكين القرية وميعاد الرجال :
يختلف دكان الوقت الحاضر عن دكان فترة الستينات الذي كان يتميز بوجود طاولة قصيرة عند الدخول معيقة للمدخل وضعت فوقها أوعيه زجاجيه كبيرة بها الشاي والقهوة والسكر الذي كان يوجد في ذلك الوقت على هيئة قبابيع – أقراص يسمى سكر القالب يستورد من النمسا ويلف في ورق غليظ أزرق مثل الورق الذي كان يلف فيه اللحم ويسمى واحدها رأس سكر، أما الشاي يستورد من ألمانيا في صناديق خشبية مغلفة من الداخل بمادة من السلفر القوي وعند الشراء يزن بالميزان حسب الكمية المطلوبة ويضع في قطع من الورق المقوي تسمى (قرطاس) وكان يباع إلى جانب السكر والشاي عود الثقاب في علب صغيرة من الورق يسمى الوقيد ويستورد من بلجيكا أما سكان جبل نفوسة يستوردون الشاي والسكر عن طريق طرابلس ومع أن سكان نفوسة يستوردون مختلف السلع والبضائع من الاسواق المجاورة التي يحتاجون اليها مثل القطن والبلح والشعير والشاي والسكر فإنهم بنفس الوقت يعرضون بعض البضائع المصنوعة من الصوف مثل الوزرة التي تصنع في نالوت وفساطو والزيت الذي يحفظونه في جرار خاصة بالزيت وكذلك المواشي المشهورين بها أهل مزو أما أسواق الساحل فهي زواره والعجيلات وصرمان والزاوية التي تبعد يومين أو ثلاثة عن الجبل أما في المنطقة الجبلية فان يفرن وغريان وحدهما السوقان الموجودان الوحيدان ويفضل سكان الجبال الاسواق البعيدة على اسواق القرى المجاورة.

المرابيع وميعاد الرجال :
المربوعة هي مقر الرجل الليبي والغرفة الأكثر اضاءة في البيت والأكثر تزويقا بالآيات القرآنية ذات الإطارات وصور عنتر وعبلة وهى عادة الأكبر مساحة والأكثر زينة والأفضل بناء في البيت وتخص لجلوس الرجال فقط وتكون خارجية وتوجد في مدخل البيت الذى يعرف بالسقيفة ويجتمع فيها الرجال بعد الظهر (في المساء) لتبدأ جلسة الشاي المتواصلة حتى صلاة العشاء وقد تستأنف مع حلول الليل الى وقت متأخر ففي غرف الاستقبال أو ” المرابيع ” كما يسميها البعض يستطيع أن يحس الإنسان بالراحة التامة مع أصدقائه عند الجلوس على وسائدها المتناثرة على الأبسطة المصنوعة يدوياً حيث يشعر بالرغبة في الاسترخاء والتأمل هذا بالنسبة للنوع التقليدي منها أما الحديثة منها والتي توجد في كثير من البيوت الأن فتوجد فيها مقاعد عصرية تعرف (بالصالون) ولا يفضل الليبيون الجلوس فيها وقد يجلسون عليها قليلاً ولكنهم سرعان ما يهجرونها الى الجلوس على الارض في الجلسة الليبية التقليدية وربما تفسر لنا هذه العادة ذلك الخروج أو الهجرة في نهاية كل أسبوع من المدن الى القرى في الجبل أو الريف أو الصحراء بحثاً عن الأرض الحقيقية واقتراباً من جانب عميق الجذور في نفوس الليبيين.

وقديماً كان للسكر والشاي مكانة خاصة و قيمة لذلك فإن الليبي يمكنه أن يودع عند زوجته نقوده وأشياءه الثمينة ولكن مفتاح صندوق الشاي والسكر المربوط في سير من الجلد المعلق في رقبته لا يأتمن عليه أحد لأن أعداء السكر والشاي في البيت كثيرون.

السهر في ليالي الشتاء صحبة عالة الشاي وكانون الفحم :
يعتبر كانون النار وعالة الشاي من أعز الأصدقاء في ليالي الشتاء الباردة في بيوت طرابلس ومن أهم فوائد عالة الشاي في الدار الليبية في الليالي الباردة هو تكيف الجو للعائلة وخاصة الأطفال الصغار حيث عند دخولك إلى الحجرة تجد الزوجة جالسة مع عالة الشاهي والى جانبها يجلس رب الأسرة بالقرب من الموقد الذى وضع عليه براد الشاهي وهو يغلي وبعد التدفئة وشرب الشاهي يتهيأ الأب ويبدأ سهرته مع أطفاله الصغار وذلك بعد تناوله طاسة الشاهي الأولى والتي يحرص أن تكون في المستوى الطيب أي ساخنة وداكنة ومرة لكى تعطيه مزاجا رائقا تتيح له المضي في سهرة طويلة مليئة بالحكايات الممتعة ومن هنا تنطلق الأصوات مقهقهه عبر أرجاء الحجرة الدافئة التي تفوح منها رائحة الشاهي الذى يغلى بداخل البراد المهيأ للطاسة الثانية ثم الثالثة وعند الثالثة وهي الأخيرة حيث يقترب الوقت من نهاية هذه السهرة التي تختم عادة بوضع بعض البخور في النار لطرد الأرواح الشريرة و بحكاية طويلة عن محمد ولد السلطان أو قصة الغيلان التي كانت تسكن الجيل وأبادها ماس بيدت وعند بلوغ هذه الفترة تكون كل العائلة قد بلغ بها السهر منتهاه بعدها يستسلم الأطفال للنوم الذي يداعب جوفنهم ويذهب كل منهم الى مكانه الخاص به.(راجع سالم سالم شلابى).

بعض استعمالات الشاي في الطب :
تستعمل عشبة الشاي في علاج الشخص الذي تعرض إلى لدغ بعض الحشرات السامة مثل الأفعى وذلك بإعطائه شراب الشاي الساخن المحلى بالسكر تم بعد ذلك يهدى من روعه ويؤخذ الى المستشفى ومعه جثة الافعى – أن أمكن ذلك – كي يستطيع الطبيب معرفة نوع السم ويستعمل كذلك في علاج الهالات السوداء حول العين التي تظهر نتيجة لسوء التغذية أو حساسية جلدية ولعلاج هذه الظاهرة تستخدم كمادات شاي دافئ لمدة عشر دقائق تم كمادات شاي باردة لمدة خمس دقائق قبل النوم يومياً.

 استعمالات الشاي عند الطوارق :
يعتبر الطوارق من الشعوب المستهلكة للشاي شأنهم شأن كل سكان الشمال الأفريقي وهناك عادة متبعة عندهم وهي عندما يحضر العريس المهر يجب عليه أيضاً أن يحضر معه أشياء مصاحبة للمهر تسمى (تيوسِي) تتمثل في كمية من الشاي والسكر وبعض العطور التي تسمى عندهم (أضوتن) وكمية من التبغ ورداء لأم العروس يسمى ( تسيغناس) وعدد من الأحذية المتنوعة ويستعمل الطوارق الشاي لعلاج بعض الأمراض مثل أمراض الحنجرة واللوزتين وذلك بطهى الحليب مع الشاي والسكر تم يبرد المخلوط ويسقى للمريض ويستعملونه كذلك لعلاج نهشة الأفعى وذلك بأن يسقى الملدوغ كثيراً من الحليب الساخن والشاي ثم مرق اللحم حتى يتقيأ الملسوع أما لسعة العقرب عندهم تعالج بإعطاء الملسوع الشاي الساخن أما انتفاخ البطن يعالج بسقي المريض الشاي الأخضر بدون سكر .

 خصائص تقاليد الشاي الليبي :
1– طريقة الجلوس عند إعداد الشاي :
طريقة الجلوس الشائعة في أغلب مجالس الشاي عند النساء والرجال هي التربيعة وهى تشبه طريقتهم في الجلوس اثناء الأكل وتتمثل في وضع المقعد والقدمين على الأرض كل ركبة على جانب وتعتبر هذه الطريقة من أحسن الطرق التي يجد
فيها الليبي راحته عند طبخ الشاي حيث يتم الجلوس فوق وسائد خاصة تسمى المنادير وفي هذه الحالة لابد من وجود عالة وجماعة من الناس ليتم الانسجام التام والتسلية.
2 – عملية تكرار طبخ الشاي ثلاث مرات في اليوم :
من التقاليد الليبية السائدة إعداد الشاي ثلاثة مرات في اليوم ولكن تقاليد الضيافة تفرض نصب عالة الشاي كلما قدم ضيف بدون نقاش وفي كل مرة من تلك المرات تطبخ ثلاثة طاسات متوالية صغيرة الحجم ويقدم الشاي لثلاث مرات في الجلسة الواحدة وتستغرق عملية إعداده حوالى ساعة ونصف الساعة.
3 – الطاسة الأخيرة باللوز أو الكاكاوية:
أن عادة وضع المكسرات في الشاي لم أجدها إلا عند الليبيين حيث في كل مرة يطبخ فيها الشاي تكون الطاسة الثالثة (الأخيرة) مختلفة عن الأخريات بإضافة الكاكاوية أو اللوز اليها بعد عملية التقشير والتحميس على النار ويفضل أغلب كبار السن شرب الشاي بهذه الطريقة على الرغم من عدم وجود أسنان لديهم لذلك نجد إلى جانب العالة المهراس في بعض الأحيان لكي يسهل العملية.
4 – تخديم الشاهي وعمل الكشكوشة!! :
كلمة (تخديم) مصطلح في اللغة الدارجة ويعني عملية نقل الشاي من البراد إلى اللقامة بالتناوب عدة مرات متتالية لقصد التبريد أو عمل الكشكوشة (الرغوة) ولا توجد هذه العادة عند بقية الشعوب ولم أجد لها تفسير مع أن تم فيها نقاش كبير لمعرفة سبب ذلك وإضافة إلى ذلك لاحظت أن معظم الناس في ليبيا يفضلون إضافة الأعشاب العطرية إلى الشاي والتي من أشهرها النعناع والمينته والعطر والقرفة والقرنفل والكليل والزعتر وهناك بعض الأعشاب الأخرى التي تضاف لقصد العلاج من بعض الأمراض.

– الكانون المصاحب للعالة:
يستعمل الكانون لطبخ الشاي ويفضل كبار السن شاي الفحم عن شاي الغاز ومن أحسن أنواع الفحم لطبخ الشاي فحم الزيتون وهناك من يضاف الى الفحم عيدان بعض الأعشاب البرية مثل عيدان الشعال أو التقوفت التي توضع في أعلى فحم الكانون لتعطي نكهة ورائحة عطرية وبعد طبخ الشاي يستعمل الكانون في تدفئة المكان وخاصة في ليالي الشتاء الباردة وعندما تهمد النار يوضع البخور في النهاية لتعطير المكان.

مصير عالة الشاي في الوقت الحاضر :
والآن وبعد كل هذا الاحتفاء والهالة الزخرفية التي أحاطت بمشروب دخل ليبيا منذ مائتي عام فقط ، وبعد أن نال شعبية لا حدود لها وأصبحت تقاليد شرابه جزء من ملامح الثقافة الليبية، وتسابقت النساء الليبيات على تزيين أدواته وزخرفت أغطيتها بأيديهن في بداية الأمر ثم أشترين الاغطية البلاستيكية التي أنتجتها مصانع (لداين ليبيا) ، ثم أوصلن طقوس الاعتزاز والتقديس لدرجة غسل أدواتها بالصابون والوراكينة (البوتاس) بعد تقديم كل دور، وذلك يتكرر ثلاث مرات.

لقد انقرضت عالة الشاهي من طرابلس منذ عشر سنوات تقريباً، ولعل نفس الشيء قد حصل في بعض المدن الليبية الأخرى. و تركت العالة مكانها في الجلسات الليبية اليومية في الوقت الحاضر في أغلب البيوت حتى في ارياف جبل نفوسة وبقى استعمالها محدودة في المناسبات أو بيوت العجائز المتقدمات في السن (توسَّارين). وحل مؤخراً محل العالة براد وأحد فقط يطبخ في المطبخ تم يقدم مع مجموعة من الأكواب الحديثة في سفرة ويقدم هذا البراد مع طاساته أثناء تناول طعام الفطور أو بعد الغذاء أوفي المساء أو عند قدوم ضيف وأن مصير هذه الأداة في المستقبل هو الزوال نهائياً والخروج من البيت الليبي بدون طرد شأنها شأن كل أدوات المطبخ القديمة التي لا مكان لها في المطبخ الآن ما عد بعض صورها في أرشيف توثيق المقتنيات التقليدية أو عرضها في المعارض الخاصة بالتظاهرات الثقافية، وإنه من الغريب حقاً أن يتم التخلي عن العالة بعد ذلك الاهتمام الخاص الذي كانت تحظي به كل تلك السنيين الماضية من قبل ربة البيت.

الشاي في الأدب الليبي :
وقد ورد ذكر الشاي في ذكريات الأديب سليمان الباروني في كتاب صفحات خالدة :
” في ربيع الأول سنة 1322 بمحل يعرف بـ(بنداو) من جبل نفوسة المعروف الآن في البوسطة بجبل نفوسة مع جماعة من الأصدقاء هم أدباء القطر ورجاله خصصوا ذلك اليوم للاجتماع بنا وإكرامنا بما لذ وطاب استبشاراً يقدمونا ثم تواعدنا على العود مرة ثانية (وكان ذلك) ولكن حال دون حضوري معهم عارض فأرسلوا الى رسولاً مخصوصاً فأجبتهم معتذرا ومرغبا لهم في إعادة الاجتماع مرة ثالثة فقلت كالمرتجل :

الأنس بين زيتون وزرع وما من غدير في ظروف
ومشوى وشاى في كؤوس مزججة مذهبة الحروف
وضرب بالبنادق وانشراح وصيد وانتشار في الكهوف

وهذه أبيات أخرى للباروني ذكر فيها الشاي قالها في مدينة الجزائر:
وقلت ونحن في رياضة ببرج القليعة من ملحقات مدينة الجزائر وكان غداؤنا عند رجل عظيم القدر من أعضاء مجلس إدارة ولاية الجزائر وذلك يوم توجهنا الى مدينة تلمسان للسياحة :
بين الجبال وبين حوض البحر أبهى منظر
طود به قصر(القليعة) والمناخ الأخضر
فيه استرحنا وارتشفنا كأس شاي أعطر
(زكّار) واسطة الجبال أمامنا كالمنبر
فاشرب هنيئاً وابتهج وأعرج لبرج المشترى
فإن العز معقود لواء على هام العمائم والحصون
فهذى بقذفها دكت جبال وتلك بطيها رفع السكون

وللباروني أبيات أخرى ذكر فيها الشاي قالها في مدينة قالمة عندما تذكر الأيام التي قضاها في جبل نفوسة :
وصلت في رجوعي من الصحراء الى مدينة (قالمة) المشهورة في التاريخ فاستقبلني أعيانها الأصدقاء الكرام بكل إجلال ثم حكم بعضهم بالرجوع الى الحمام المعدني المشهور هناك بينها وبين قستنطين وبعد أن دخلنا الحمامات وهى غاية من الانتظام والنظافة اجتمعنا للأكل وشرب الشاي على بساط الأرض والمنابع محيطة بنا وبخارها ملأ الجو متصاعداً ، ثم رجعنا في الليل وقد طلع البدر والجو صاف والعربة تسبح بنا في تلك الطرقات المنظمة بين تلك الأودية والجبال الشاهقة وعندما تذكرت تلك الأيام التي قضيتها في جبال نفوسة بطرابلس الغرب أو أن الربيع مع كثير من الأعيان في جبل بنداو كما سبق ذكره فقلت :
تدفق ماء معدني من الصخر يذكرني مما تخلد في الفكر
زمانا قضينا في جبال نفوسة بربوة (بنداو) المجاور للقصر
فحنت الى الأوطان نفس غريبة نأت فرأت أنسا بإخوانها العز
فأنّت وتاهت في الخيال ورفرفت عشية إذ هب النسيم على الزهر
ودارت كؤوس (الشاي) بين أحبة كرام كإخوان الصفا مظهر الفخر
سبحنا وروّحنا النفوس سويعة وعدنا وجنح الليل منسدل الستر
تحف بنا تلك الجبال يزينها من الثلج هامات كمنفلق الفجر

الشاي في الأدب الشعبي الأمازيغي:

تروي احذي السيدات عند وصفها للشاي أيام نذرته وكانت بعض النساء قد أدمنت على تناوله ” أنه قد دخل رجل كبير السن على خادمته وحدث حوار بينهما بلغة الشعر هذا نصه :
سأل الرجل خادمته: ما بالك نائمة يا عزيزة ؟
فأجابته :
منين قالوا الشاهي مهناش رميت المغزل والقرداش
فردّ عليها :
أمك عزيزة راقده خلوها كيلو وربع واق ما يسقوها

فقالت هي :
ما هيش غير عزيزه حتى السارح في السند بمعيزه
يقشقش يدير النار ويغلّيها

وتورد الراوية أعلاه قصيدة باللسان الأمازيغي عن الشاي:
الطّاست تيزاي خدّمتت د افكيّد جاي
خدّم د افكيّد نتش ايغفنوّ يعطب ديدّ

وتضيف على لسان شاعرة أمازيغية أخرى :

ليا قربع البراد وبناويته جيت قامزه حتى اللحاف نسيته
ونفرح ليا نادى على جاري وعيشى خبزته والحسى خليته
انتهى الاقتباس.

ولقد نقلت ذاكرة الأطفال في بعض الأغاني التقليدية الطرابلسية وصفا طريفا للشاي:

بعينى ريت اليوم عشية القملة لبست فراشية
ريت الفروج يتكيف شاهى باللوز
هو طاسة وأنى زوز وكمّلنا الشاهى بالنية

وهناك أبيات من الشعر تصف انتشار الشاي في مدينة طرابلس القديمة :
خطمت على حومة غريان سمعت البراد وتصفيره
تلقاها النسوه ملمومه إثنين ثلاثة فوق حصيره

وهذه أغنية شعبية أخرى جاء فيها وصف لبعض مكونات العالة :
البراد يبكي وتاسطه تشكيله
والسخان من صهد الجحيم حليله
البراد يبكى والمروحة ضرباته
جوه الطواسى يمسحو دمعاته

وهناك من الشعراء الشعبيين من انتقد عادة تناول الشاي وشرح مضارها التي انتشرت بين الناس فيقول أحدهم:
جي الشاهي للناس سلبها قل حسبها إللي عنده عيله سيبها
* * *
إتريت الحق مع النسوان إللي يشكوا لدار القاضي
من مصر لبن قردان حتى لحدادات الاراضي
* * *
في كل زنقة تلاقي دكان البابور إيفرد وينادي
حط البي مع الأخوان وإلا إدنى عليهم غادي
* * *
وهذه أبيات للشاعر أبو القاسم الشيش التكبالي ينهى فيها عن ظاهرة شرب الشاي التي تفشت في البلاد الليبية في مطلع الخمسينيات الماضية :
الشاهي سلب الاهالي فيه يطبخ المبسوط والزوالي
بعادة الشاهي الشعب ماشي التالي ضد شعبنا الشاهي كثر فساده

الشاهي في الأمثال الشعبية:

لم أجد أمثال عن الشاي في  ما جمعناه من أفواه الناس أو في كتب المأثورات الشعبية الليبية. ومن الممكن أن يكون سبب ذلك هو كون الشاي مشروب دخيل جاء في وقت متأخر وليس شراب أصيل على الرغم من صبغه بالعادات والتقاليد الليبية التي لا توجد في مكان أخر.

الثلاثاء 16 من شهر رمضان المبارك

الموافق 21/06/2016م

طرابلس / ليبيا

________________________________

المراجع:

سعاد أحمد بوبرنوسة
– حسن الفقيه حسن
تحقيق عمار جحيدر
اليوميات الليبية / الجزء الثاني / الطبعة الأولى
منشورات : مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية / 2001 م .
– المبروك على الدريدى
من عادتنا وتقاليدنا
منشورات : الجمهورية العربية الليبية / وزارة الاعلام والثقافة / الإدارة العامة للثقافة.
– سالم سالم شلابى
تذكرة الى عالم الطفولة
منشورات : الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان.
– الأمريكيتان : د . لوينسن سميت – ه . لويز بريستون
منشورات : المنشأة الشعبية للنشر والتوزيع والإعلان.
– في صحراء ليبيا
تأليف : أحمد محمد حسنين
منشورات : لا توجد
6 – جيمس ويللارد

الصحراء الكبرى
منشورات : مكتبة الفرجاني / طرابلس – ليبيا / الطبعة الأولى بيروت مايو / 1967 م.
– من طرابلس الغرب الى الصحراء الكبرى

تأليف : عبد القادر جامي
الناشر : دار المصراتي – مؤسسة ثقافية – ج . ع . ل / 1974 م.
– محمد سعيد القشاط
التوارق عرب الصحراء الكبرى
منشورات : مركز دراسات وابحات شؤون الصحراء.
– جريدة : الشط / الثلاثاء 11 جمادى الاول 1372 و. ر – 2004 / العدد – 689.
– محمد الأسطى
ورقات مطوية
منشورات : المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان / طرابلس – ليبيا / 1983 م.
– محطات سيرة شبه ذاتية
كامل حسن المقهور
منشورات : دار الرواد / 1995 م
– اطلس الرحلات
فهرس الرحالة والرحلات
منشورات : دار المختار للطباعة والنشر والتوزيع / جنيف سويسرا.
14 – تاريخ ليبيا العام من القرون الاولى الى العصر الحاضر
محمد بن مسعود فشيكة
منشورات : مطبعة الكافليير مادجى بطرابلس الغرب 1950 م / الطبعة الأولى
– في تاريخ ليبيا المعاصر سنوات الحرب والادارة العسكرية البريطانية في برقة (1939 – 1949 ف).
أحمد محمد القلال
منشورات : جامعة قاريونس ( بنغازي – ليبيا).
– من طرابلس الغرب الى الصحراء الكبرى
تأليف : عبد القادر جامي
الناشر : دار المصراتي – مؤسسة ثقافية – ج . ع . ل / 1974 م.
– مدينة غات وتجارة القوافل الصحراوية خلال القرن التاسع عشر الميلادي
تأليف : نجمي رجب ضياف
منشورات : مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية.– مجلة : تراث الشعب
السنة الثانية والعشرون – العدد 1 / 1370 و. ر – 2002 ف.
– صفحات خالدة من الجهاد الليبي
زعيمة الباروني
منشورات : مطبعة الاستقلال الكبرى– محمد حِجّي
رسومات من ليبيا
منشورات : الدار العربية للكتاب / الطبعة الأولى – 1984 م.
21 – أنتم !! إجتماعيات .. سياسيات
كتاب الرسوم الساخرة
محمد الزواوي الترهوني
منشورات : إقرا- 1973 – 1983 م
– تفاصيل ليبية – هون
مصطفى محمد عبداللطيف
– من طرابلس إلى فزان
مذكرات الرحالة الانجليزى جون فرانسيس ليون 1818 م
نقله إلى العربية : د . مصطفى جودة
منشورات : الدار العربية للكتاب / ليبيا – تونس / 1976 م
– أنا وطرابلس
جمع وترجمة : منصور عمر الشتيوي
منشورات : دار الفرجاني للنشر والتوزيع / طرابلس – الجماهيرية الليبيية .
تصوير إلكتروني : توفيق يوسف الختالي.

“(راجع كتاب الرحالتان الأمريكيتان : د . لوينسن سميت –. لويز بريستون) أنتهى الاقتباس.

 

مقالات ذات علاقة

عينٌ على عوالمِ (عين وطارت) للشاعر ‫‏سالم درياق‬ – 1/3

جمعة الفاخري

قصة بائع الفحم في الصحراء والغلام المسافر

المشرف العام

يوم قتل الشيطان…….!

المشرف العام

اترك تعليق