من أعمال التشكيلية الليبية خلود الزوي.
تراث

يوم قتل الشيطان…….!

من الحكايات والخرافات والأساطير التباوية

امراجع السحاتي

يحكى انه في قديم الزمان بأن الشيطان أو موشي كما يطلق عليه التبو تعود أن يزو بعض القبائل بالصحراء الليبية من تلك القبائل كانوا التبو، حيث كان يأتيهم في عديد المناسبات وفي العادة يكون متخفياً بصورة رجل أو امرأة، وخاصة في الأفراح.
ويحكى أنه في ذات يوم قدم الشيطان أو ” موشي ” إلى فرح أحد قبائل التبو في الصحراء القريبة من جبال تيبستي، وقد تعود الشيطان (موشي) أن يتسلل لصفوف النساء ليشاركهن التصفيق والغناء ويرفع أكففه ويصفق بكل حرارة ويصرخ معهن حتى الفجر وهو يختفي بزي امرأة.
 وفي صباح اليوم التالي أخبرت النسوة بعض رجال القبيلة بما حدث، وقد أكدت أحدهن بأن ” موشي ” قد كان معهن وقد رقص وغنى وصفق بعدها تسلل دون أن يشعر به أحد وذهب .
 وكان من ضمن الذين تم أخبرهم بما حدث ” توزبأي بونأي” وهو شباب تباوي يمتاز بالشجاعة والإقدام على الصعب فقرر القضاء على ” موشي “، حيث قام بارتداء زى امرأة لكي يختفي بين النساء بعد أن أخفى سيفه بين ثيابه. كان “موشي” يخشى فارسين من تلك القبيلة وهما ” موسى موزنقر” و”توزباي بونأي”.

 جاء الظلام وقام الشباب بإحضار الحطب وتكويمه فوق الرمل في ساحة كانت وسط القرية وقدم أحدهم وقام بإشعال النار معلناً بدء الحفل، التفت النسوة مكونات صف في نصف دائرة بالقرب من النار، وأمست يرقصن ويتغنين ويدقن على “نقارا” تلك الطبلة الكبيرة التي طرحت على الرمل وجلست بالقرب منها امرأتين تدقان عليها أكففهن، فحين أمسكت أحد النسوة آلة موسيقية يطلق عليها التبو”شكاني” وهي آلة وترية تشبه الربابة. صارت تلك المرأة تعزف ألحاناً عذبة أطربت الحاضرين وبعثت الوهج والافتعال في نفوس النساء والرجال.
ما أن بدء الحفل حتى قدم موشي وصار يرقص ويصفق بين النساء، وفي تلك الأثناء كان فارس القبيلة ” توزباي بونأي” متخفي بين النساء، فجأة شم “موشي” رائحة عرق غريبة لم يشمها مساء أمس فتقدم إلى ” توزباي بونأي” معتقداً بأنه امرأة قائلاً:
–         أني أشم رائحة عرق رجل.
فرد عليه (توزباي بونأي) المتخفي بزي امرأة:
– لا يوجد بيننا رجل فنحن هنا نمثل صف النساء في القرية.
أرتب (موشي) ثم أردف يقول:
–         متأكدة بأنني أشم رائحة عرق رجل.
 صار موشي ينظر هنا وهناك ثم تقدم من (توزباي بونأي) وقال:
–         هل موسى موزنقر أو توزباي بونأي من بين الحاضرين هنا.
فرد عليه (توزباي بونأي):
–         لا يوجد أحد منهما هنا الليلة.
بعد أن أطمئن (موشي) أستمر يقفز ويصفق، في حين تقدم (توزباي بونأي) ناحيته وما أن صار أمامه حتى أخرج سيفه الذي كان يخفيه داخل جلابيته، وقطع به رأس (موشي) وبهذا تم القضاء على (موشي) الشيطان.

 ويحكى أن موشي كان يقطن بمكان بمنطقة تيبستي يطلقون عليها ” جوبا كأي” فطالما صادف أناساً وأفزعهم في الصحراء، وكان يفتخر بذهابه وإيابه من مكانه، فكان يقول:
– إنني امضي من جوبا كأي ثم إلى دوزني قوجي إلى موزي حيث اطبخ قربة لي بدوزني قوجي ثم امضي إلى موزي. أي أنه يخرج من المكان الذي يعيش فيه في جوبا كأي إلى منطقة دوزني قوجي حيث يشعل النار ويضع قدره لكي يدبغ قربته بعد ذلك يمضي لملاقاة صديق له من جنسه في موزي (ربيانة)، وهذه المسافة تقدر بعشرات الكيلومترات، يقطعها الإنسان في أيام أما موشي فيقطعها في لحظات حيث كان يخرج من مكانه في الصباح ويرجع وقت المبيت.
 ويحكى أن التبو كانوا عندما يدفنون الميت ويرجعون فأنهم لا يلتفتون للخلف حيث كانوا يعتقدون أن من يلتف إلى ناحية المقبرة بعد الدفن فانه سيرى موشي.

 كثرت منذ مئات السنين الحكايات والخرافات على الشيطان أو (موشي) كما يطلق عليه التبو، حيث كان يشاع بين الأهالي بأن للشيطان خطوات كبيرة وعندما يهوي بقدمه على الرمل يترك أثر عميق وواضح وعندما تحفر تحت ذلك الأثر تجد بعض الدود، ويشاع بأن المسافة بين أثر القدم والآخر مسافة مشي يوم على الأقدام، كما كان بعض من التبو يعتقدون بأن الطائر الذي يطلقون عليه أسم ” قوأ جي” وهو طائر يقتد من بقايا القمامة التي يرميها السكان ولون ريشه أحمر منتهية باللون الأسود له صلة بموشي أو الشيطان، كانوا عندما يعتقدون بأنهم قتلوا شيطان يجدون بدله طائر ” القوأ جي “، علاقة غريبة بين طائر وشيطان أنها الحكاية والأسطورة التي جعلت تلك العلاقة.

مقالات ذات علاقة

قصيدة (حواء) للشاعر حسين الرياني

يونس شعبان الفنادي

صفقة القرن .. مشروع أوهام

ميلاد عمر المزوغي

نشعر بنفسي خاش فـــــي تكــوينك

ميلاد عمر المزوغي

اترك تعليق