الخميس, 13 فبراير 2025
متابعات

المسرح الليبي على مِحك نقاش منتدى جامعة طرابلس الثقافي

ندوة حوارية بعنوان (المسرح الليبي: الهموم والعوائق..رهان ثقافي)

استأنف المنتدى الثقافي لجامعة طرابلس مناشطه الثقافية بإقامة ندوة حوارية صباح يوم الثلاثاء 28 يناير الجاري جاءت بعنوان (المسرح الليبي: الهموم والعوائق..رهان ثقافي)، وذلك بمدرج رشيد كعبار وسط مشاركة ثلة من المثقفين والمهتمين بالحراك المسرحي في ليبيا، وألقى الدكتور “خالد عون” رئيس جامعة طرابلس كلمة الافتتاح رحب فيها بالحضور فيما تولى “عبد الرزاق العبارة” إدارة وتقديم الحوارية منوها في مستهل الحديث إلى أن ما يعانيه المشهد المسرحي الليبي من مشكلات هي ذاتها تقريبا منذ عقد الستنيات.

صراع المسرح مع الدولة
كما تحدث الدكتور حسن قرفال عن إرهاصات المسرح الليبي وبداياته التأسيسية في أوائل القرن العشرين وتحديدا عام 1908 وفق ما ورد في بعض الصحف الصادر أوان ذاك الزمن ثم أعيد تأسيس المسرح مرة أخرى خلال فترة الثلاثينات من القرن المنصرم، وأشار الدكتور قرفال إلى أن العلاقة بين المسرح والدولة كانت ذات ملمح شد وجذب ارتقى في بعض الأحيان لدرجة الصراع الذي تمثل في أن الدولة بكل مقوماتها قد واجهت المسرح، وحاربت صيرورة نموه وتقدمه بدءا من العهد الإيطالي إذ أقفلت فرقة محمد عبد الهادي التي كان لها باع طويل شرق البلاد، وفي مدينة طرابلس إبّان عقديّ الخمسينات والستينات حين قدمت بعض الأعمال المسرحية صُودرت وأوقفت عن العرض وأحدها كانت مسرحية (العسل المرّ) فبعد عرض العمل على مسرح الحمراء استدعي الكاتب والمخرج وبعض الممثلين إلى مكتب التحقيق الأمني، وأوضح الدكتور قرفال أن النكسة الكبرى التي تعرّض لها المسرح كانت أثناء فترة السبعينات عندما قدم الكاتب منصور أبوشناف مسرحيته(تداخل الحكايات عند غياب الراوي)فهذه المسرحية حين عُرضت بمسارح بنغازي لاقت الكثير من الترحيب والاعجاب غير أن تقريرا أمنيا كتب بحق المسرحية أودي بمؤلفها إلى غياهب السجن !، وأضاف الدكتور قرفال أنه منذ سنوات أصبح كل عمل مسرحي يُقدم يخضع بصورة مباشرة لرقابة وزير الإعلام والثقافة، وأردف الدكتور قرفال بالقول : إن الحركة المسرحية إزدهرت في الستينيات بفرقها الفنية المتنوعة سيما بطرابلس فالمسرح السائد وقتذاك كان المسرح الاجتماعي الذي يعالج عدة قضايا وظواهر مجتمعية.

نشأة معهد جمال الدين الميلادي ودوره الريادي
بينما تطرق الباحث مصطفى حقيّة إلى ظروف نشأة معهد جمال الدين الميلادي ومؤسسه الموسيقار الراحل محمد مرشان بعد رحلته التدريبية التي قضاها في تونس فبدأ المعهد بقسم الموسيقى وكانت الدراسة به مسائية دون تحديد للمستوى الدراسي، وفي عام 1966م أقيمت دورة تدريبية في المسرح انبثق عنها قسم المسرح بالمعهد وتأسيس فرقة المسرح القومي حيث كان لهذه الفرقة دور بارز في تأسيس المسرح داخل المعهد لينخرط فيه مجموعة من شباب الفرقة فضلا عن أعضاء الفرق الأخرى فقدم قسم المسرح باقة من الأعمال المسرحية التي يشهد لها تاريخ الحركة المسرحية في ليبيا، وأشار حقيّة إلى أنه خلال السنوات اللاحقة لنشوء قسم المسرح بمعهد جمال الدين الميلادي بدأت هنالك محاولات للاهتمام بالمعهد نفسه ومن ثم بدأ الاتجاه نحو الجامعة بمبادرة من قسم التربية الفنية التي انبثقت عنها كلية الفنون والإعلام وأصبحت الكلية تستقطف مجموعة من الشباب للدراسة فيها، ولاحقا تأسس المعهد العالي لتقنيات الفنون علاوة على ما كان يقدم في المؤسسات التعليمية الإعدادية والثانوية من حصص في مجال المسرح والموسيقى وكذا أقيمت مهرجانات موسيقية ومسرحية بالمؤسسات التعليمية، ولفت حقيّة أن المسرح الوطني صار قوامه خريجي المعهد بما في ذلك قسم الموسيقى بالإذاعة فمثلا كلية الفنون التي تُعدّ مركز لصناعة الخبرة نظمت مجموعة من النشاطات الفنية وإن غاب النشاط المسرحي بالكلية وأيضا في المعهد العالي لتقنيات الفنون، ويرى حقيّة في المقابل بأن كلية الفنون باعتبارها المنهج الثقافي الحقيقي لتنشيط الحركة الفنية عبر الفرق المسرحية لذا لابد أن تضطلع بمسؤولية تنظيم المهرجانات والمسابقات، ويُعلل حقيّة أن فقر الامكانات المادية جعل كلية الفنون والفرق المسرحية في حالة جمود كبيرة.

الخطاب الأحادي عثّر انتعاش المسرح
من جانبه عرّج الكاتب منصور أبو شناف لمسألة غياب الحوار الاجتماعي فالمسرح اليوناني شهد انتعاشه بسبب وجود واقع ديموقراطي أدى لحوار اجتماعي موسع أما في ليبيا حسب وجهة نظر أبو شناف أن الحوار الاجتماعي ظل بصيغة أحادية بدءا من خطباء الجمعة والحكّام السياسيين، وهذا الأمر ألقى بظلاله على المناشط الثقافية وتعبير الفرد الليبي تحديدا عن ذاته فنشأ بالتالي مسرحا ذو صوت واحد، صوت المؤلف ثم صوت المخرج وصوت الكوميديان أو الممثل النجم، وتابع أبوشناف قائلا : إنه عبر هذه التجارب الطويلة ظل المسرح يتحرك ضمن قوالب أحادية جامدة ووفق أبوشناف هذا التحجيم والجمود يرجع مردّه لغياب الحوار الاجتماعي والصوت الآخر والرأي والرأي الآخرفالحوار المسرح عادة ما يكون ما بين أفراد من المجتمع وقيم مجتمعية متناقضة وفئات اجتماعية متناقضة، ويعتقد أبوشناف بأن المسرح الليبي عبر تاريخه الطويل لاشك عانى من الكثير الصعاب والعراقيل ناهيك عن غياب البنية التحتية للمسرح، وتوقف أبوشناف عند جزئية هامة لخصها في أن الدول العربية خاصة دول شمال إفريقيا لم يدخل بناء المسارح في إطار تخطيطها العمراني، وبالتالي لم تُشيِّد مسرحا واحدا في عواصمها بعد نيلها للاستقلال فجُل المسارح الموجودة بتونس والجزائر وغيرها ورثتها هذه الدول عن الاستعمار الفرنسي، ويوضح أبوشناف بالقول : إن هذا الأمر يُعزى إلى أن المسرح لم يكن أحد أدوات النهضة أو مشروع استقلال الدول الوطنية.

مقالات ذات علاقة

الدكتور أحمد رشراش يحاضر عن اللسانيات ومسارات النقد

مهند سليمان

حوارية رواق الصحافة حول تحديات القضاء الليبي وإزدواجية القضاء الدستوري

مهنّد سليمان

انطلاق الموسم الثقافي الأول لمنظمة إيراتو للإعلام والثقافة في طرابلس

المشرف العام

اترك تعليق