الذكرى الـ16 لرحيل الشاعر الليبي، شاعر الشباب؛ علي صدقي عبدالقادر
رأيتها فحسبتها أمي
خرجت من القبر ، لأنها
تشبهها وجها وشكلا
فناديت: يا أمي…
تعالي.. أنت.. يا أمي
ولم تسمع
ولم تنظر الى صوتي
ولو نظرت
رأته حاملا أوراق زيتونة
وعش حمامة بيضاء
ولو نظرت
رأت في نظرتي شيئًا
رأت أشياءها الحلوة
على فستاتها أزرع
وأحصد غلة الموسم..
ولو نظرت
رأتني طفلها الاول
وفى عيني ألعابي
بها ألهو ، وأصحابي
وتنظر عبر وجهى ، باب غرفتنا
وقوس زقاقنا ، الضيق
وقطة بيتنا ، ( سعده )
وأربطة القماط البيض مغسولة
بحبل البيت منشورة
قماطي وأنا طفل
رأت كلماتي الاولى
على شفتي تتعثر
أنادى يومها، (ماما)
فتغمرني بألف ربيع..
ولكن هي لم تذكر
ولم تسمع نداءاتي
وتمضى في زحام الساحة الكبرى
ركضت وراءها، نأديت.٠ يا أمي
على منعطف الشارع
وكل الناس تسمعني
ولكن هي لم تسمع
وصحت بها، يا.. انت.. يا أمي
أنا… ابنك..
وكانت امرأة في وجهها أشياء من أمي
وفوق جبينها خصلة
وأقسم أنها من شعر والدتي
عليها مطر أسود
وددت لو إنني أسطيع أن أحضن
مواطئ خطوها.. بالساحة الكبرى
وحتى الشارع المكتظ بالناس
بما فيه
لأحضنها
لأحضن من ارى في وجهها أمي
لأغسل صدرها كالطفل، بالدمع
كطفل خائف أبكى على صدرك
لأتى بعد لم أكبر
أنا طفلك.
مجلة الثقافة | العدد: 51، 7 يوليو 1964، ص: 15.