كلّما د اهمتني جيوش الكتابة وجدت نفسي أغرق في دوامة تلك الأفكار التي تتزاحم على بوابة الرّوح تارة تكون نتـف من ثلج الكلمات التي تختـزل عميـق المـعاني، فتمطر قصائـدا مـن تبر أو مــن ماس النّبض، تلــــك هي رحلـة الإبــداع يستعــــذبها كــلّ مـن سار فـي ممـــراتــــها التـي تستـــهويــه همســات البــــوح فيـــهــا، إنّــــها رحلــة الــوجــــد الصـــافـي، ودافــــق المـوارد من الأفكـار مهــــما تعددت، ومهما تنوعـت في عـناوينها ومحطاتها تظلّ رحلة الكتابة وهج الحنايا، وفيض الأعماق لا يدرك سرّ القــول الحـرّ فيــها ســـوى من وهـب نعــمة الموهبـة وهـو يصنع مـساحات التواصــــل بينـــه، وبــين الآخر من المستمــع والمــتابع النّهم لكلّ نصّ آسر.
والحديث الحرّ، قد يتبـــــدّى لك إبداعا حرّا في شتـى صنوف وفنـون الكــتابة، وقد يقتـصر على مجــال من مجالات الحــياة في العــلوم والمعــارف، وفي هـذه الرحـــلة قد تسعــد بمــــن هــــم حولك من يستـــفيدون مـن تجاربك، وقد تشقـى بمن يضايقونك لأنك تقول: من الأفكـــــار ما يزعـــج الجـــهلة، والمتسلطـــين، وأصحاب النــوايــا البغيضـــة، لأنك لســت منهـــم، وتبقــى هــنــــاك حقيقــــة خفيّـة لا يدركـها إلا الكاتب المــوهوب الذي جــرّب في شتّى فنون الإبداع، وعـرف كيف يستفـيد منها كي تصل الى المتعطـش للمعارف التــوّاق إلى معرفة أسرار الجمال بكل ما يشمله المعنى في عالم الأفكار.
ولعلّ أفضل ما يبقى في عالم الأحياء والأموات هو القول الحر، والقلم الحرّ غير المأجور في هذا العالم الرحب، ولعلّ المتأمل لمعنى الحريّة في عالم الكتابة يدرك جيدا تلك الأبعاد التي تمنحها الحريّة للمبدع الذي لا سلطة عليه غير سلطة الضمير الحرّ، وسلطة الكلمة المبدعة التي تتجاوز حدود الزيف والنّفاق، وحدود الركض في متاهات الفراغ..