عبدالله السنوسي هذا الاسم الذي ظل يرعب الليبين والعالم لسنوات طويلة ,وحين اتذكره عام 1976 ادرك ان البشر قابلون لان يكونوا اي شيء,ملائكة او شياطين , مرضى او اطباء ,جلادين او ضحايا ,غاندي او هتلر المهم ان الدور الذي يناط بهم يصنعهم ويحدد مصائرهم …
كان عبدالله السنوسي عندها ضابطا صغيرا بالحرس الجمهوري برتبة ملازم اول ,وكانت ملامحه الجنوبية تمنح الطمأنينة وكان هدوءه يوحي بالثبات والعقل بل وحتى التربية والاصول كما يقول الليبيون!!
لم اره في حياتي قبل ذلك اليوم 12 ابريل 76 بالحرس الجمهوري ببنغازي حين احضرني ضابط امن الثورة من مقرهم الى سلخانة الحرس الجمهوري كما يعرفها البناغزة اذ ذاك مصحوبا بتحويل رسمي من الضابط عثمان الوزري ,الذي استقبلني في مقر الامن ببنغازي بعد ان قبض علي في الجامعة,والذي اخذ مني الكتاب الذي كنت احمل “سأهبك غزالة”للمغربي “مالك حداد” وقال لي بعد ان قرأ عنوان الكتاب “سيمنحك حسن اشكال جليبة غزلان يعني قطيعا كاملا”!!
كنت اعرف ان الوزري يرسل بي الى الجحيم ,فاخبار سلخانة الحرس الجمهوري تصل الى الجميع ترهيبا …
اوقفني ضابط الامن امام مكتب بالحرس الجمهوري ودخل وما ان نطق باسمي حتى سمعت صوت حسن اشكال وهو يضحك ويقول “عندما تحكم الجرذان دخل الكلب”ليعود الضابط ويجرني الى الداخل بعنف ..
امام حسن اشكال الاشقر الوسيم كما يبدو للوهلة الاولى ,والرجل المجنون الذي يتسمتع بالعبث باجساد المعتقلين وكرامتهم ,الذي يهين ويعذب الاخرين ساخرا ومستمتعا وقفت مرتعشا خائفا واحسست بطغيان وجبروت الجيش والمخابرات تسحقني ,كنت صغيرا ونحيلا كنواة بلح كما يقول “ناظم حكمت” وكانت الحكومة عتلا جبارا ..
لم اكن الا كاتبا صغيرا يكتب للمسرح وكتبت عندما تحكم الجرذان وانا بالثانية ثانوي بمصراته ليلتقطها المخرج عبدالحميد المالطي ويخرجها لفرقة المسرح العربي وتكون جاهزة للعرض في بنغازي في تلك الفترة وتعلق اعلاناتها في شوارع بنغازي ليعرف الجميع اسمي قبل ان يمضي على قدومي الى بنغازي للجامعة عام او اقل.
اشكال صفعني على وجهي مباشرة حتى وقعت على الارض تحت قدميه وهنا تدخل عبدالله السنوسي ,اوقفني وجرني من يدي بعيدا عن اشكال وهو يقول “لا يافندي حسن ,خلي الجيفه عنك” بتلك الكلمات منحني صفة الجيفه .. فاحسست بانني انجو من انفلات اشكال وشهوة الفتك بالبشر لديه!!
ورايت وجه عبدالله السنوسي ,كانت سمرة الجنوب قد طمنتني وبدأت استجدي عطفه “يافندي ما درت شي والله”
اخرجني من المكتب تاركا شكال ومن معه,ومضى بي الى المعتقل ,حيث تنتشر ادوات التعذيب ,فلقه, عصي, خراطيم ,اسياخ حديد ,وحيث يؤدي له التحية جلادون مرعبون ..
عبدالله السنوسي وما ان دخل بي المعتقل حتى تحول كائنا شرسا ,والقى بي على الارض وانهال علي بالضرب بحذائه ليتقدم ست جلادين وينهالوا علي بكل شيء ,بالعصي بالخراطيم باسلاك الكهرباء ,جلس على بطني ولازلت احس ملمس مقعده فارتعد وخنقني بعنف وتحول وجهه الى وجه غوريلا هائجه وهو يقول “من يمول فيكم ياعملاء”!!
“شن دارلكم الاخ العقيد ؟”كنت اصرخ مستجديا “كل خير, والله مادرت حاجه ضده”..
كان عبدالله السنوسي يقدم اوراق اخلاصه وولائه وهو يعذبنا لشكال ,لتصل الى القذافي ,كنا معتقلي السابع من ابريل بالنسبة له اول درس في الاخلاص واول اختبار ليتخرج قاتلا وجلادا وناشر رعب وفزع عبر ليبيا والعالم
المنشور السابق
المنشور التالي
منصور أبوشناف
الاسم: منصور مفتاح أبوشناف
تاريخ الميلاد : 1/1/1954
مكان الميلاد : بن وليد/ ليبيا
مجالات الكتابة : المسرح – النقد – المقالة
تعريف قصير: التحق بفرقة المسرح الوطني بمصراتة، وفاز بجائزة النصوص المسرحية 1973، إضافة لحصوله على العديد من الجوائز في مجال المسرح، من خلال مهرجان المسرح بليبيا. كما له اهتمام بإعداد البرامج التسجيلية عن الصحراء منها (طريق القوافل) والذي تحصل به على أحد جوائز مهرجان القاهرة للتلفزيون عن فئة البرامج التسجيلية.
• من الكتاب الليبيين المتميزين، والذين لهم بصمتهم الواضحة في المسرح من خلال أعمالهم المسرحية.. ومنها عرض السعداء وجالو وغيرها من الأعمال المسرحية.
صدر له:
- سراب الليل- رواية/ 2007.
مخطوطات:
- الفتوحات الليبية – جاهزة
مقالات ذات علاقة
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك