المقالة

مستقبل الثقافة في خارطة التحولات الليبية الجديدة

من أعمال التشكيلي الليبي جمال الشريف (من معرض دمى)
من أعمال التشكيلي الليبي جمال الشريف (من معرض دمى)

كان يمكن اعتبار لقاء أمين اللجنة الشعبية العامة للثقافة “وزير الثقافة” الليبي الدكتور المهدى امبيرش عددا من الكتاب والمثقفين الليبيين بمقر رابطة الأدباء والكتاب الليبيين بمدينة طرابلس في 2004/4/28 حدثا ثقافيًا مهمًا بل غير مسبوق لسببين:

أولاً: لأنها المرة الأولى التي تم فيها استحداث وزارة للثقافة في ليبيا منذ أكثر من نصف قرن أي منذ استقلال البلاد…

ثانيًا: لأنه بالضرورة أول لقاء يتم بين وزير للثقافة في ليبيا وبين كتاب ومثقفين ليبيين.

ورغم أن اللقاء جاء شبه عفوي احتفائي أقرب منه إلى الرسمي إذا خلا من أجندة محددة للنقاش ولم يشمل قائمة أعرض من الأسماء الثقافية إلا أن تعاطى الحاضرين مع ما تعلق بالهم الثقافي وبعض هموم المثقفين الليبيين خصوصًا كان إيجابيًا في شكله وموضوعه إذ اتسم بقدر كبير من الصراحة والوضوح.

بدأ اللقاء بحرص من قبل الكتاب والمثقفين الليبيين على الاستماع لأمين الثقافة قصد معرفة أبعاد هذا المستجد ورؤيته للشأن الثقافي وتعاطيه المستقبلي مع متطلبات واستحقاقات الثقافة والمثقفين في ليبيا ودور رابطة الأدباء والكتاب كمؤسسة ثقافية في إسناد الأمانة (الوزارة) الجديدة وتفعيل مهمتها في مرحلة تشهد فيها البلاد تحولات سياسية واقتصادية -ولم لا- ثقافية مهمة.

استهل أمين الثقافة كلمته بالتأكيد على أن التكليف بأمانة الثقافة مسئولية صعبة تحتاج إلى بذل الكثير من الجهود الجماعية وحيث أن الثورة مشروع كبير فسيكون بالإمكان استيعاب الجميع، الذين يلتقون حول هدف تقدم الوطن رغم تعدد واختلاف الآراء.

وأشار إلى أن أهم القضايا التي تشغله تتمثل في:

أولاً: صيانة اللسان العربي الذى يتعرض إلى التشويه من قبل مناهج غربية كالحداثة وغيرها تتستر لتفكيك الواقع الاجتماعي.

ثانيًا: المحافظة على القيم الاجتماعية والدينية التي تتعرض هي الأخرى إلى هجمات تبدت آثارها في تدهور الأخلاقيات والثقافة العامة في اللغة والسلوك والذوق، لذا فإن النظر إلى تخطيط وبناء هيكلية تنظيم الأمانة ووضع الاستراتيجيات سيتم في مرحلة قادمة وإلى حين إتمام ذلك بشكل مناسب وملائم للظروف والإمكانيات والقدرة على الإنجاز.

ثم طرح الكتاب والأدباء مجموعة من الأسئلة ووجهات النظر التي تركزت في مجملها حول:

* ضرورة معرفة وتحديث الأجهزة الثقافية التي ستضم إلى لأمانة الجديدة لليتم بناء الهيكلية ووضع الاستراتيجيات وهى القاعدة الأساس للثقافة وبحيث تتعامل مع مصطلح الثقافة بالمعنى الواسع العميق ولا تكن أحادية تقتصر على الأدب والفن فقط.

* أهمية إعطاء مساحة حقيقية لرأى الآخر المختلف وقبول اجتهادات الجميع في النظر إلى الواقع الحالي وفى البحث في التاريخ والمستقبل.

* إعادة النظر في موضوع الرقابة ولا ينبغي إخضاع الإبداع والكتابة للتأويل.

* إعادة بناء للمؤسسات الثقافية واستحداث إدارات جديدة مثل: إدارة للملكية الفكرية وأخرى لثقافة الطفل.

واتفق أمين الثقافة مع الكتاب والأدباء في تأكيدهم على أن المؤسسات هي الوسائل التي يتم بها تحقيق الأهداف، وأعرب عن تقديره لرابطة الأدباء والكتاب التي تعمل من أجل الثقافة وتطويرها، ولكن أكد أن حركة اللجان الثورية لا تنفصل عن الثقافة، «حيث أن بمبررات مشروعة خاضت الثورة معارك في الماضي، واليوم تواجه المجتمع مشكلات جديدة من أهمها إنقاذ الشباب من التغريب والاستلاب، ويتم ذلك عن طريق آلية عمل المؤتمر الشعبي الثقافي».

رأى الكتاب والمثقفون أيضًا:

* أهمية إسناد الهياكل الثقافية إلى أناس أكفاء لهم علاقة فعلية بالشأن الثقافي.

* الانتباه إلى خطورة التركيز على الأعمال الظرفية والاحتفالية بدلا من التركيز على الاستراتيجيات، باعتبار أن العمل الثقافي يحتاج إلى وقت وأجيال لكى تظهر ثماره الإيجابية.

* البحث في إمكانية توسيع المشاركة في إطار التحول الاقتصادي نحو الخصخصة والمشروع الحر أمام القطاع الخاص في العمل الثقافي في مجال إصدار الصحف والمجلات.

* إعادة بناء الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع.

* ضرورة تحديث المطابع لحل أزمة الطباعة أمام الكتاب والأدباء.

* توفير الدعم المالي.

* إعادة النظر في إلغاء مؤسسة الخيالة مع ضرورة فصلها عن المسرح.

* ضم هيئة الآثار إلى قطاع السياحة.

هاجس حرية الكتابة ومسألة الرقابة على المطبوعات كان أساسيًا في مداخلات الكتاب والمثقفين الذين طالبوا بعدم الوصاية على الثقافة وعدم إخضاع الإبداع الأدبي إلى التأويل موضحين أنه في حالة وجود أي التباس قدد يؤدى إلى رفع قضية ضد كاتب ما تتعلق بما كتب، يجب أن ينحصر الفصل في إطار القانون والجهة القضائية ذات العلاقة حيث يستوجب تغطية هذا الجانب تشريعيًا أخذين أذن بأهمية قبول الاجتهادات الكفيلة بخلق مناخ أفضل للابتكار والتجديد.

يذكر أن مؤتمر الشعب العام الليبي كان أصدر في دورته الأخيرة قرارا بإنشاء أمانة (وزارة) تختص بالثقافة تحت اسم اللجنة الشعبية العامة للثقافة وتعيين الدكتور المهدى امبيرش أمينًا لها.. والدكتور امبيرش وعضو حركة اللجان الثورية في ليبيا تقلد العديد من المواقع والمناصب منها أمين شئون التثقيف والتعبئة بمكتب الاتصال باللجان الثورية وأمينًا (وزيرا) للتعلم وسفير ليبيا في إيران إلى جانب عمله كأستاذ أكاديمي.


عراجين | العدد: 2، 1 يونيو 2024م.

مقالات ذات علاقة

تعلم واترك..

سعاد سالم

“المسرحية” في (شط الحرية)

يونس شعبان الفنادي

مازلت أحمل لها بعضاً من الحب

قيس خالد

اترك تعليق