الفيسبوك
تقارير

الفيسبوك الليبي ينشر الكراهية

الإهداء: إلى الصديقة نهلة الميساوي.

 

في العام 2008 بدأت علاقتي بمنصات التواصل الاجتماعي، وبشكل خاص الفيسبوك، والذي تعرفت إليه من خلال بعض الزملاء خلال دراستي بأكاديمية نيوكاسل للطيران، لأعود إلى فتح حسابٍ جديد في 2009 والذي مازال مستمراً حتى تاريخ كتابتي لهذه السطور.

قبلها كنت عضواً نشطاً في أكثر من منتدى على النت، أشهرها منتدى الهندسة نت، إضافة إلى مجموعة من المنتديات الأدبية، وأهمها منتديات من المحيط للخليج، ومنتدى الأدباء والكتاب والمبدعين العرب، والمنتديات التخصصية، كمنتدى مهندسي الطيران العرب،. وفي ظني إن هذه المنتديات هي الأب الشرعي لمنصات التواصل، فهذه المنتديان كان تعيش حياتين؛ أولى وهي الظاهرة والتي تمثل المنشورات والتعليقات والتفاعل الذي تحدثه، وثانية وهي غير ظاهرة تتم من خلال الخاص ومجموعات الأصدقاء، التي كانت تعتمد على التواصل الاجتماعي والعلاقات التي بنيت بين الأصدقاء.

وقبل هذا كله، استخدمت البريد الإلكتروني في التواصل والاتصال والنشر.

ما الذي تبقى، من هذه الزحمة؟

المنتديات، أغلبها توقف، ولم يعد نشطاً، أو في أحسن الظروف مستمر بشكلٍ أو بآخر.

البريد الإلكتروني، اقتصر استخدامه على تلقي المراسلات الرسمية، والتنبيهات والإشعارات.

وحده الفيسبوك بقي، والسبب قدرته على التجديد والتحديث، والتكيف مع متطلباتي!!!

خلال الفترة من 1 يناير 2016، وحتى 30 يونيو 2016، قمت برصد وتحليل الحرك الليبي على منصات التواصل الاجتماعي؛ فيسبوك، تويتر، وجوجل بلس. وكان التركيز الأكبر كان على منصتي التواصل؛ الفيسبوك وتويتر. وكنت أقوم بنشر تحليل هذا الحراك بشكل دوري، أي نهاية كل شهر، من خلال مدونتي (مالاخير)، من بعد تم جمع نتائج التحليل، وعرضها من خلال محاضرة (الفيسبوك الليبي)؛ التي ألقيت في 1 أغسطس 2016، ضمن فعاليات مهرجان التنمية البشرية الثاني، المصاحب لمسابقة ليبيا للذاكرة – طرابلس. كما نشرت هذه المحاضرة كتقرير، على أكثر من موقع إخباري إلكتروني.

الفيسبوك الليبي – خطاب الكراهية، هو أحد مخرجات هذا الرصد أيضاً، والذي نشر كتقرير من خلال مدونتي (مالاخير)، وعلى أكثر من موقع إخباري.

أخيراً تم المشاركة بهذا التحليل تحت عنوان (الفيسبوك الليبي – ملاحظات حول خطاب الكراهية) كورقة مقدمة ضمن ندوة (الإعلام والسلم الأهلي)، 2 مايو 2018، والتي نظمتها الجمعية الليبية للآداب والفنون، بمدينة طرابلس.

وكنت من خلال مدونتي (مالاخير)، قد قمت بنشر أكثر من تدوينة حاول الفيسبوك، غطت أكثر من جانب: فيما يخص الفيسبوك كمصدر للأخبار، أو كونه أحد منصات التدوين، والتحقق من مصادر الأخبار.

هذا إضافة لكوني قمت على تقديم برامج تدريبية اهتمت بالإعلام الاجتماعي، وكان الفيسبوك حاضراً من خلال البعض البرامج فيما يخص الترويج والتسويق، وإدارة الصفحات.

لماذا الفيس بوك؟

الفيسبوك هو أكثر منصات التواصل الاجتماعي رواجاً في ليبيا، مقارنة بتويتر أو جوجل +،  وذلك لعدة أسباب، ألخصها في مجموعة من النقاط:

  • الغياب الكبير للقنوات الإعلامية الرسمية.
  • قصور الإعلام –المتوفر-، أو القنوات الإعلامية، وعدم مصداقية الكثير منها.
  • سهولة التعامل مع الفيسبوك، من فتح الحساب إلى التعديل والكتابة وإضافة الصور، والمقاطع المصورة.
  • الحرية غير المقيدة، التي تجل من المشترك غير مقيد بعدد محدد من الكلمات، كما في تويتر (Twitter) على سبيل المثال، أو سهولة إتاحة المنشورات للعام.
  • سهولة التواصل مع الآخرين، بالقبول أو الرفض، والحظر، والتواصل والوصول إلى الصفحات.

الفيسبوك الليبي

هو وصف اصطلاحي لمجتمع التواصل الاجتماعي الليبي على منصة الفيسبوك.

تمثل الأخبار النسبة الغالبة من الغاية من استخدام الفيسبوك في ليبيا، ففي الوضع الذي تعيشه ليبيا ما بعد فبراير 2011، وما مر من أحداث، وفي غياب إعلام شفاف وعلى قدر عالي من المصداقية، تحول الليبيون إلى الفيسبوك كأحد وسائل الوصول إلى الأخبار ومتابعة الأحداث، بسبب توفر عدد كبير من الصفحات الإخبارية سواء كانت هذه الصفحات:

  • لجهات أو مؤسسات رسمية – حكومية.
  • لمؤسسات إعلامية؛ صحف، قنوات، مواقع إخبارية.
  • خاصة، يقوم عليها بعض الأشخاص.

والصفحات الإخبارية، هي من أعلى الصفحات متابعة، لتقصي الأخبار، إضافة إلى بعض الحسابات التي تختفي وراء أسماء رمزية. وهذه الصفحات أو الحسابات تستخدم شخصيات ذات حضور كبير في المشهد، أو تعتمد أسماء أو جمل لها تأثيرها في الوجدان المجتمعي الليبي.

وفي محاضرة (الفيسبوك الليبي)، حاولت تلخيص: لماذا هذا الاهتمام الكبير بالجانب الإخباري والسياسي؟ في مجموعة من النقاط، أهمها:

  • إن الوضع الراهن في ليبيا، هو السبب الأساسي لهذا لتوجه مستخدمي الفيسبوك في ليبيا للبحث عن الأخبار، والوقوف على أهم المواقف والأوضاع السياسية في ليبيا.
  • ما يميز الأخبار على الفيسبوك، هو سرعة مواكبتها للحدث، وسرعة انتشارها، وإمكانية التحقق من صدقها من عدمها، وذلك بمراجعة التعليقات. أو من خلال التواصل مع أشخاص قريبون من مكان الحدث، أو الحدث نفسه.
  • الوضع غير المستقر الذي تعيشه ليبيا، ينعكس بشكل واضح وجلي على صفحات الشخصيات السياسية، من خلال التصريحات والمنشورات والتعليقات.
  • الدليل على مدى تأثير مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، ومنها الفيسبوك في المجتمع الليبي، اعتماد الحكومات والمؤسسات الرسمية في ليبيا، عليها في نشر نشاطاتها وقراراتها وبياناتها.

لكن مع هذا فإن الفيسبوك الليبي يضج بشكل كبير وفاضح بما يمكن تصنيفه كـ(خطاب كراهية)، والترويج له، وفي عرضي الموسوم (الفيسبوك الليبي – ملاحظات حول خطاب الكراهية)، توقفت عند: ما معنى أن يكون خطاب الكراهية على الفيسبوك، وحاولت إيجاز ذلك في مجموعة من النقاط:

  • أولاً: أن لهذا الخطاب بذرة على أرض الواقع، بالتالي وكإجراء توسعي تم نقله إلى هذه المنصة.
  • ثانياً: إن هذا الخطاب، يستمد قوته، مما يثار على أرض الواقع. كسبب أو نتيجة.
  • ثالثاً: إن هذا الخطاب يحقق الكثير من أهداف محركيه، من خلال التواصل.
  • رابعاً: إنه يجد استجابة على أرض الواقع، تحريك وإثارة الشارع.
  • خامساً: مشاركة بعض ممن أوكلت لهم مهام حساسة (سياسية، اقتصادية، اجتماعية)، في هذا الخطاب.
  • سادساً: ارتفاع وانخفاض حدة هذا الخطاب، ترتبط مباشرة بالحراك السياسي، والعسكري، والاقتصادي والاجتماعي على أرض الواقع، في تناسب طردي مثالي.

أما أشكال هذا الخطاب، فيمكن تلخيصها في الأشكال التالية:

  • التأليب، وبث ثقافة الكره والعداء ضد الغير. وهذا يتم على مستوى الفرد (الحساب)، أو المجموعات (الحسابات، مجموعة، صفحة). وتعود أسبابه للاختلاف؛ الفكري، العقائدي، والسياسي، والجهوي، والقبلي. وهو يعكس اختلال ثقافة الاختلاف في المجتمع.
  • العنف اللفظي، ويتمثل في أعلى مستوياته بالاعتداء اللفظي (السب والشتم). ويتدرج إلى الإهانة، السخرية والتهكم.
  • بث الشائعات، والأخبار غير الصحيحة، والعمل على نشرها.
  • تزييف الحقائق، والترويج لها، ودعمها بالمعلومات المزيفة، والصور، ومقاطع الفيديو والصوت.

وتتمثل ممارسات هذا الخطاب، في: التحشيد. المواجهة. الاختراق. الحظر. تقارير فيسبوك

صحيفة نيويورك تايمز تقول: الفيسبوك الليبي ينشر الكراهية

في 4 سبتمبر 2018، نشرت صحيفة (نيويورك تايمز)، تقريراً حول استخدام الفيسبوك في ليبيا، ودوره خلال الاشتباكات التي وقعت مطلع هذا سبتمبر الجاري في طرابلس.

فبحسب التقرير ، فأن وسائل التواصل الاجتماعي، تحظى بانتشار ونفوذ كبيرين في ليبيا، رغم قلة عدد سكان ليبيا، وإنها تعكس بشكل قوي الفوضى الحاصلة في البلاد، وبذا تحول الفيسبوك الليبي، إلى أداة من أدوات القتال، تستخدمه الجماعات المسلحة التي تتقاتل فيما بينها، كوسيلة سهلة وسريعة ومجدية، لمعرفة أماكن من يعارضهم ويخالفهم الراي، من نشطاء على هذا البراح، كما تحول الفيسبوك تدريجياً إلى أداة مقيته، تدعو للعنف والتطرف والكراهية، وتبث الفتنة، بنشرها لوثائق مزورة ،في أغلب الاحيان، تؤجج الراي العام، وتزيد من حدة الخلاف بين المتصارعين على السلطة، دون أن يغفل التقرير الاشارة إلى ما يقوم به أصحاب هذه الصفحات من مساس بمؤسسات الدولة الوطنية في ليبيا مستشهداً بالإشارة لما يواجهه مصرف ليبيا المركزي، من إساءة توجه له عبر هذه الصفحات (صحيفة المنظار).

وأشارت الصحيفة إلى أن إدارة الفيسبوك، قامت باتخاذ مجموعة من التدابير لوقف هذه الأعمال. حيث قامت بإقفال بعض الصفحات التي ثبت تورطها في الاتجار بالبشر أو تجارة السلاح.

على الهامش، وخلال الأحداث الأخيرة بطرابلس، والتي تناولها تقرير صحفة النيويورك تايمز، قمت عبر حسابي الشخصي بالإشارة لأحد الصفحات، التي قامت بنشر مجموعة من المنشورات كإعلان ممول، وهو أمر مستغرب، ولأول مرة أصادفه على الفيس، بقيام أحدهم بدفع المال من أجل الترويج لأخبار تبث الرعب والخوف بين مواطني طرابلس.

هذا إضافة إلى حملة كبيرة شنت على مدينة طرابلس، وكأنها مدينة غريبة لا تقع في ليبيا، إذ تعتمد هذه المنشورات على خطاب يعتمد: التشفي، القبلية، الجهوية، الإقصاء، التوعد. وللأسف فإن هذه المنشورات شارك في كتابتها حتى من يحسب على الطبقة المثقفة أو ممن يحسبون على الإعلام. وهو أمر يعكس الكثير من الأمور التي يجب التوقف عندها وبحثها، والخروج بنتائج مهمتها إصلاح المنظومة الاجتماعي للنسيج الليبي، الذي أظنها اهترئ، أو أن الحجاب رفع عن حقيقة اهترائه، وضعفه وتخلخله.

ماذا بعد؟

إن جزء كبير مما يحدث على الفيسبوك من حراك، حراك الفيسبوك الليبي، نحن جزء منه، وشهود عليه، وحتى إن كان بسيطاً، فإن دورنا في مكافحة هذا الخطاب وهذه الفوضى يمكن أن يتحقق. وذلك بالتخلي عن سلبيتنا. في أن نتحول من مجرد (حساب سلبي)، إلى (حساب إيجابي)، حساب إيجابي لا يكتفي بالتعليق أو كتابة المنشورات المحفزة، أو إعادة نشرها، إنما المراقبة والمراجعة.

بمعنى أن نتجاوز مرحلة القراءة، إلى التصفية، والانتخاب، والتوقف عن مشاركة الأخبار أو الترويج لها، والتأكد من مدى صحتها، قبل انتشارها وتحقيق الهدف من نشرها، وبشكل خاص مما تثيره بعض الصفحات وتنشره، او ما يقوم به أصحاب بعض الحسابات. فلو تكاتفنا وقمنا بالإبلاغ عن هذا الحسابات فإن إدارة الفيسبوك ستنتبه وستقوم بالمراجعة ومن بعد قفل الحسابات في حال الحاجة إلى ذلك.

لو قمنا بتحمل هذه المسؤولية، بالتبليغ عن الحسابات التي تروج للأخبار الكاذبة، بغاية التخويف وبث الرعب، أو نشر خطاب الكراهية، أو بث الفرقة والتعصب والجهوية، فستختفي هذه الحسابات من مجتمعنا الليبي الفيسبوكي، وسيكون ثمة بيئة صالحة لنشر الخير والمعرفة وتبادل الخبرات. ولن نجد من يقوم بتمويل منشورات للوصول لأكبر عدد من الحسابات الليبية على الفيس بوك، كما حدث إبان الأحداث الأخيرة في طرابلس (أو ما يعرف بهجوم الكانيات)، ولقد أشرت لأحد هذه الصفحات عبر حسابي على الفيسبوك، كما أشرت سابقاً.

الفيسبوك رفع الغطاء عن حقيقة المجتمع الليبي، الذي كان يؤكد وحدته وقوة نسيجه، برباط الأخوة.

وعلينا كمواطنين ليبيين تحمل مسؤولية ما حدث، والعمل على رأب هذا الصدع، بالعمل الإيجابي، والوقوف ضد من يعمل على بث الفرقة والعصبية والقبلية والجهوية، بكشفه وفضحه، والتبليغ عنه. وبإذن الله تجنة ثمار هذا العمل سريعاً، ويعود للمجتمع الليبي ألقه.

مقالات ذات علاقة

إكتشف 10 معلومات عن الموسيقار عبد جليل خالد

المشرف العام

اليونسكو تقرر استمرار ادراج المواقع الليبية على قائمة الخطر

المشرف العام

حوش القرمانلي.. ذاكرة مدينة تضج بالحياة

مهند سليمان

تعليق واحد

rashad 12 أكتوبر, 2018 at 20:24

اعتقد ان لا دور للفيس بوك فى الحرب الاخيرة على طرابلس بل معظم رواد الفيس تفاجئوا بهذه الحرب وظهرت الحيرة والجهل بالموضوع من خلال الجهل التام باللواء السابع ((غير ذلك فهو قد ساهم ولكن بقدر فى العنف السائد ولكن وسائل الاعلام المرئية والقنوات الموجهة لها الدور الاكبر واتمنى منك استاذ رامز ان تقوم بدراسة ورصد مشابه للقنوات الاعلامية وتحليل خطابها لك كامل التحية للمجهودات التى تبدلها فى هذا الشان تحياتى@@@

رد

اترك تعليق