في عام 1978م تفاجأ الوسط الديني والثقافي في أميركا وفي العالمين العربي والإسلامي بصدور كتاب عنوانه: (The 100: A Ranking of the Most Influential Persons in History) وترجمته الحرفية: (المائة، ترتيب أكثر الشخصيات تأثيرا في التاريخ)، لمؤلفه مايكل هارث، وهو عالم فيزياء وفلك، أميركي الجنسية، يهودي الديانة، دعا إلى تقسيم أميركا وفصل البيض عن السود.
قام الكاتب والصحفي المصري أنيس منصور بترجمة الكتاب إلى العربية بعنوان: (الخالدون مائة، أعظمهم محمد رسول الله)، لكن لم تكن ترجمته دقيقة، فقد اعترف في مقدمة ترجمته أنه لم يلتزم بحرفية كل ما جاء في الكتاب.
لقد جمع مايكل هارث في هذا الكتاب مائة من أعظم الشخصيات العالمية على مدى تاريخ البشر، أنبياء وقادة وكتَّاب وأدباء وعلماء وفنانون أثَّروا في البشرية وغيروا مساراتها، ومفاجأة الكتاب أن هذا الكاتب اليهودي وضع شخصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الشخصية الأولى التي أثَّرت في تاريخ البشرية، متجاوزا نبيه موسى عليه السلام الذي وضعه في الترتيب الخامس عشر، وكانت شخصية العالم إسحاق نيوتن هي الشخصية الثانية، تلتها شخصية السيد المسيح، وبوذا، وكونفوشيوس، والقديس بولس، ومخترع الورق الصيني تسي آي لون، ومخترع الطباعة يوهان جونتبرج، ومكتشف أميركا كولمبس، وصاحب نظرية النسبية ألبرت اينشتاين، وغيرهم، وجاءت شخصية سيدنا عمر بن الخطاب رصي الله عنه في الترتيب الثاني والخمسين، لكونه ساهم بالفتوحات في نشر الإسلام وتأسيس الدولة الإسلامية.
قال الكاتب في مقدمة كتابه مبينا منهجه في اختيار الشخصيات المؤثرة :(عليَّ أن أؤكد أن هذه لائحة لأكثر الناس تأثيرًا في التاريخ وليست لائحة للعظماء. مثلًا يُوجد مكان في لائحتي لرجل مؤثر بدرجة كبيرة وشرير وبدون قلب مثل ستالين، ولا يوجد مكان للقديسة الأم كابريني).
وفي أول كلامه عن شخصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بيَّن إن اختياره هذا سيستغربه كثير من الناس في الغرب، وعلل اختياره بأن محمدا هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحا لا مثيل له على المستوى الديني والدنيوي، فقد استطاع في فترة وجيزة أن ينشر الإسلام وأصبح قائدا سياسيا وعسكريا ودينيا، ولا يزال أثره قويا إلى اليوم في أتباعه.
وأضاف قائلا: (المثال اللافت للنظر هو ترتيبي لمحمد أعلى من المسيح، ذلك لاعتقادي أن محمدا كان له تأثير شخصي في تشكيل الديانة الإسلامية أكثر من التأثير الذي كان للمسيح في تشكيل الديانة المسيحية).
وفي رأيه أن كل من سبق محمدا ومن جاء بعده من مؤسسي المذاهب الدينية والسياسية والفكرية والأخلاقية نجحوا في زمنهم في نشر ما يؤمنون به، لكن أثر دعوتهم قد ضعف وخمد بعدهم، ولم يحققوا الإنجازات التي حققها محمد صلى الله عليه وسلم.