مصطفى فنوش
يكرم الفنان رافع نجم، من ادخل البهجة والسعادة على الليبيين من خلال مسرحياته الضاحكة وأعماله الدرامية محليا وعربيا، وسيكرم خلال اليومين القادمين برعاية من وزارة الثقافة التونسية في الدورة التاسعة (دورة المرحوم الطيب الغربي) في ولاية باجة من قبل (جمعية الحيدري للمسرح).
وكثيرا ما يكرم المبدعين في الوطن العربي بعد رحيلهم عن عالمنا، واتذكر ما قاله الشاعر الكبير محمود درويش قبل وفاته بأشهر قليلة، حيث قاموا بإطلاق اسمه على أهم ميادين مدينة (رام الله)، فقال حينها: “ليس من المألوف أن يكرم الأحياء، فالموتى لا يحضرون حفل تأبينهم، وما استمعت إليه اليوم هو أفضل تأبين أود أن أسمعه في حياتي“. لذلك ثقافة الوفاء للمبدعين لا يعرفها المسئول العربي بصفة عامة والليبي خاصة. واتذكر أيضا ما قاله ونستون شرشل رئيس وزراء بريطانيا ”إنني على استعداد أن أتنازل على كل ممتلكات بريطانيا ولكنني لا أتنازل عن عمل واحد من أعمال شكسبير لأنها ثروة قومية“.
والفنان رافع نجم فنان كبير وقدير وسبق نشر كلمة عن سيرته العطرة في جريدة بنغازي أقدمها لكم فقد كان زميلي في اواخر الثمانيات حينما كنت اشغل رئيس قسم النشاط بتعليم بنغازي كان يتقلد وظيفة أمين وحدة المسرح. وجاء في الكلمة:
((الفنان رافع نجم أبو المسرح المدرسي في بنغازي.. إذا استطاع إنسان أن يحلق في جو من الإبداع والتألق فهذا يعني بكونه يمتلك موهبة التفوق، وأن تكون هذه الموهبة في الفن وفي بداية الستينات من القرن الماضي متحدية البيئة والظروف المحيطة والأوضاع الاجتماعية السائدة آنذاك من حيث نظره المجتمع للفن والفنانين فتلك هي الرحلة التي انطلقت بعد أن تخرج من معهد المعلمين ببنغازي…
وكانت البداية الفنية مع المسرح الشعبي بنغازي بعد أن أعجب الفنان الكبير عمر الحريري بموهبته الفنية وإسناد له دور في مسرحية “بيت الحرام” وهي من أعداد وإخراج الفنان عمر الحريري عام 1968م…
وبعد أن تألقت موهبته الفنية وخاصة في الكوميديا، رأت أمانه تعليم بنغازي تكليفه بالمسرح المدرسي في بداية الثمانيات من القرن الماضي صدر قرار بتولية مسئولية المسرح المدرسي في أمانة تعليم بنغازي. وحيث أنه فنان قبل أن يكون معلم رحب بهذه الفكرة وحرص علي أن تولد في بيئة صحيحة بذل الجهد وإقناع مدراء المدارس بأهمية المسرح وادخل مسرحة المناهج لترغيب الطلبة والطالبات والأستاذة بعشق المسرح وتذليل المواد العلمية الصعبة من خلال تقديمها في أعمال مسرحية أطلق علية آنذاك “مسرحة المناهج التعليمة“ حيث بذل الجهد والعرق من خلال زيارته المتكررة لمدارس المدينة الابتدائية والإعدادية والثانوية وحرص علي الاستعانة بزملائه المخرجين والكتاب والفنيين من خلال أماكن تواجدهم في مسارح المدينة والإذاعتين المسموعة والمرئية والمنتدى الإذاعي للتعاون معه لخلق مهرجانات مسرحية وتجاوب معه الجميع لإظهار الفكرة إلي حيز الوجود مما شجع أمانة تعليم بنغازي بتذليل الصعاب وتخصيص جوائز قيمة ومكافآت للمتعاونين للمدارس الفائزة بالشقين الأساسي والمتوسط وإقامة مهرجان المسرح المنهجي ومهرجان المسرح الحر. وأغلب المخرجين والفنانين على الساحة الفنية في منطقة بنغازي يعد الفضل لتواجدهم وتألقهم المسرح المدرسي بالتعليم…
واستمر عطاء الفنان رافع نجم في الإشراف على المسرح المدرسي حتى بداية عام 1993. ونتيجة لجهده وعطائه أتفق المسئولين في التعليم والإعلام تقديرا لما بذله من مساهمة فعاله وخلق فترة ازدهار في حركة المسرح في مدينة بنغازي أطلق لقب أبو المسرح المدرسي…
ويعد الفنان رافع نجم من المؤسسيين للمسرح الوطني بنغازي بداية التسعينات من القرن الماضي. قدم الفنان رافع نجم أكثر من خمسة وثلاثون مسرحية كانت من أهمها “مسرحية قهوة الرايق” ومسرحية” عائلة عصرية جدا” ومسرحية ”طار الحمام” ومسرحية ”طاجين ليلة صيف” ومسرحية ”فليسقط شكسبير“…
للفنان رافع نجم العديد من الأعمال والمسلسلات الدرامية شارك فيها نجوم من كافة أقطار الوطن العربي منها مسلسل ”العائد“ ومسلسل أخر بعنوان “المفسدون في الأرض“، ناهيك عن مشاركته في العديد من المسلسلات الإذاعية المسموعة…
للفنان رافع نجم مشاركات دولية منها مشاركته في مهرجان دمشق الدولي في بداية الثمانيات، ومشاركة في مهرجان الجزائر الاحترافي وأيضا شارك عده مرات في مهرجانات في مصر والمغرب وتونس وكانت له مشاركة دولية في ألمانيا بعنوان الربيع الأول…
تم تكريمه عده مرات من قبل المهرجانات الوطنية ولازال هذا الفنان الرائع يعشق فنه ووطنه ويقود إدارة المسرح الشعبي للتمثيل والموسيقي بنغازي. متمنين له مزيد من التألق والإبداع، وتلك هي ثقافة الوفاء التي تكرسها صحيفة أخبار بنغازي عبر رحلتها الطويلة منذ انطلاقها بقيادة ربانها المتألق المبدع القاص سالم العبار للمبدعين والفنانين والكتاب في عاصمة الثقافة في بلادنا بنغازي…))
