في روايتها الثانية، العقيد، تأخذنا كوثر الجهمي إلى عوالم ليبية، طبعت حياة الليبيين طوال عقود، في داخل حدود بلادهم أو خارجها.
الرواية، يتنوع فيها السرد، بين الراوية، وبين شخصيات عاشت او عاش معها البطل في ليبيا أو في تشاد او في الولايات المتحدة.
الجهمي، تتناول في رواية العقيد الحرب الليبية التشادية، أو ما عرفت محليا بحرب تشاد، كنقطة تحول في حياة البطل، وتغيير رؤيته للأحداث.
الرواية تسلط الضوء على أزمان قبل عام 1969 وبعده، بالإضافة إلى سنوات الحرب الليبية التشادية أو ما يعرف لدى الليبيين بسنوات الجمر، وبداية سنوات التسعينات وما بعد عام 2011.
تلعب الجهمي على عنصر المفاجأة في روايتها، حيث يبدأ ابن البطل رحلة البحث عن تاريخه وتاريخ والده، ليصطدم بحقائق غيرت من أفكاره، كما غيرت أحداثٌ مهمة جزء من أفكار والده بطل الرواية.
كان يمكن لشخصيات في الرواية أن تلعب أدوارا أكبر، لنستمع لشهاداتهم حول حياة بطل الرواية، ومنهم فاطمة، زوجة العقيد علي المرابط الثانية، وابنة المعارض الشرس لنظام معمر القذافي.
في هذه الرواية نجد تواصلا لشخصيات من رواية الجهمي الأولى “عائدون” مثل شخصية غزالة زوجة العقيد علي الأولى وابنته حسناء.
استطاعت الجهمي، أن تخلق حالة من الجدل بعنوان روايتها الجديدة، العقيد، وهي رتبة عسكرية طُبعت في مخيلة الليبيين طوال عقود عن حاكمهم، ولكن في هذه الرواية، العقيد هو الضحية إلى حد ما، وسط مكائد السياسة وسخرية القدر.
وكغيرها من كتاب هذا الجيل، جيل ما بعد 2011، تؤثر على أعمالها أحداث هذا الزمان، وتنخرط من خلال شخصيات الرواية في نقد الاوضاع الحالية والبحث في جدوى ما حدث خلال أكثر من عقد.
كان يمكن أن تتوسع الكاتبة في إعطاء تاريخ أكبر لشخصية آدم ابن العقيد علي، لنعرف كان عاش الغربة واليتم.
ويظل العمل الروائي، عملا أدبيا، لا يمكن جعله مصدرا تاريخيا اوليا، بقدر ما يساعد على إخبارنا بما حدث في أزمنة محددة من الماضي بطريقة أدبية تحتاج في بعض الأحيان إلى خيال الكاتب.