طيوب عربية

تباسيم الجمال

رمضان زيدان | مصر

تصوير: الشاعرة ليلى النيهوم.

من منّا لا يعشق العروس الساحلية
الوثيـرة النّـدِيّـــة
التي يفوح منها عبق البحر
بموجة الثائر اليقظ المبتهج
الوسيم من تباسيم الجمال
بين الليالي المقمرة
قد علَى وجه الصبوح رؤىً تبوح
بنظرةٍ تلتاع خلف النافذة
تعدو إلى سِحر المدينة نافذة
كسهم الرمية حين يمضي للهدف
دون هزلٍ أو ترف
فالرامي يعمد أن يرمق
الموج والثبج وغيمة السماء
والمحار والصَدف
الودق الموسمي يطربني بصوته الشجي
بكرة كان أم عشي
ها هو خفقان الريح والموج العتي
حينما جالا ينطلقان في رحلة المجهول
أقدمتُ طالعَ كي أطالع في ذهول
صخب المدينة والتلاطم المهتاج
وأصوات النوارس والرواج
في جولة بين الحواري عابرة
عند أسواقها العتيقة شوارعها
بين أزقتها وجدت البائعين الجائلين
على جانبي الطرقات والأمهات
يتسوقن حاجات المنازل
ويعلو صوتٌ يُنبئ عن بضاعة مزجاة
فيأتي صوتٌ آخر من هناك وقد دعاك
لكي تلاقي ما يناسبك
من بضائع الصباح
العرض محدود
فهلمَّ واجْبي من العروض
التي أفاءت بالمتاح
سروال – قميص – إزار
جريدةٌ شاحبةٌ تغشّاها اصفرار
من عوامل الزمن قد أصابها العطن
أو قصة معرّبة أو كتاب أشعار
من شارع دانيال النبي وانه لحييّ
بنا أن نقتني هذي الكنوز
من روائع الأدب العالمي
إنسانية – ساخرة كانت أم ذات أفكارٍ ثائرة
ثم اجلس بعدها
على مقهى البورصة عند المساء
الذي يضم الناس لالتقاط الأنفاس
وأحتسى الشاي الذي تتطاير منه الابخرة
وبُنَّ قهوتي
طيب النكهة والرائحة التي
قد بدت من حولنا في كل شئ غامرة
ثم أتناول وجبة العشاء آخر الليل
على رصيف البحر والناس من حولي تمر
كلٌ مولي وجهته حيث شاء
من يحمل آلة التصوير في الجو المطير
ليلتقط بها الصور التذكارية
هنا بائع الترمس والذرة الشامية
وبائع الشراب المثلج
هناك بائعة الفريسكا واليويو للأطفال
وتَوجَّه الصياد بشباكه رحّال
في رحلة للصيد محفوفةٌ المخاطر
مجدافه العنيد قد تعوّد الوثوبَ والمغامرة
مدينتي التي لا تنام
مدينة العشق السماوي والهيام
البحر – الأرزاق – عطايا الرزّاق للأنام
تسمع فيها صوت السنابك على الإسفلت
خيولها سَلِمْت
تجر حاملة السائحين إلى رأس التين العريق
وعلى جانب الطريق
هناك من ينظر للبحر باسما
للسما متأملا
سابحاً في الملكوت ناسجاً
من خيوط العنكبوت
في الخيال بانيا وهي أوهن البيوت
يطير بحُلمه القديم للشاطئ الآخر
كي يصير إلى ضواحي بلاد الإفرنج
على متن ألواحٍ فوق لُج
إلى حواري نابولي وجنوه والبندقية
إلى مدينة ثرية قصية
قد عبَر مبحراً عبْر أصوات البواخر
وبحرك العتيق أيتها الساحرة زاخر
يؤجج في أماني كل حالم
حُلم الخروج إلى العبور
وقد نذر النذور
عند الأضرحة
من أجل أمنيةٍ
لدى تحقيقها تظل بالشغاف مفرحة
لمحتها في نظرة العيون الطامحة
إلى طموحها البعيد
قد غدت خلف الحدود
شئٌ مُحال خياليُّ المنال
وتطوف من فوق البساط
على المدينة الآسرة
ها هي مدينة الاسكندر المقدوني
يعشقها المتوسط برذاذه الدافئ
يعشق سماءها ورملها الذهبي
وأنا أعشق طقوسها وطقسها الثلجي
وهي تعشق ضريح الولي
كم جال على زعفران أرضها مبشرٌ
بهبوط وحيٍ أو ظهور نبي
يسير ثم يصير
كي يهدي للإشراق
للإدراك أنفسَ حائرة
على أبوابها طُرقاتها من كل الجهات
قامت تماثيلٌ تدلّت قناديلٌ على وجه الحياة
كي تنير أمام درب السابقين
تستحث النابهين ذوي العقول المبهرة
وفي جنباتها ضمّت
اليونان والرومان والأرمن
ها هو
سادن القيم الجليلة مستأمن
كي يُعلي للعدل قيمة
في مفاهيم سديمة
قد عَلا للحق صوتٌ بين ركب الواردين
كي يصون حقوق خَلقٍ في عداد البائسين
وظللتِ عيناً للنجوم الساهرة عبر السنين
قِبلةً للموج حيث
ولى وجهه وفتحتِ أذرعَ للأماني حاضنة
فطلعك الندِيّ والنَدى
الساحل البهي والسنا
لبحرك السمي والسما
أسرَوا النوارس والحمائم بين شُطآن الحمى
فاستوطنت بين الثريا والثرى ولن تعود مهاجرة

مقالات ذات علاقة

فيلم الحارة بعيون القامة الوطنية فارس الحباشنة

نعمان رباع (الأردن)

تحليل مفصل للنص الشعري “ماضرَّ قافلةً كلابٌ تنبح” الشاعر: عبدالناصر عليوي العبيدي

المشرف العام

جائزة الشيخ زايد للكتاب تستعد لإعلان الفائزين في دورتها العاشرة ثقافة

المشرف العام

اترك تعليق