شخصيات

25 عامًا على رحيل بنت الوطن

بنت الوطن – السيدة خديجة الجهمي

يتزامن هذا اليوم الموافق 11 أغسطس مع حلول الذكرى الـ25 لرحيل الأديبة والإذاعية “خديجة محمد الجهمي” التي وافتها المنية عام 1996م من القرن المنصرم عن عمر ناهز75 عامًا بعد تجربة ثرية كُللت بالنضال والكفاح والنجاح على عدة أصعد المهنية والإجتماعية والإعلامية والثقافية، فقد شهدت زنقة البعباع المتفرعة من شارع الكيش بمدينة بنغازي ميلاد السيدة خديجة في الـ15 من ربيع شهر مارس عام 1921م، وكان لوالدها الأثر البالغ في تكوينها ودفعها للتعليم في زمن كان تُحرم فيه النساء بمن حقوقهن البديهية لتلتحق بمقاعد الدراسة في السابعة من عمرها عام 1928م في المدارس الإيطالية فتعلمت العربية والإيطالية والقرآن الكريم، ونقتطف من كتاب (أنا خديجة الجهمي) الذي أعدته الباحثة “أسماء الأسطى” حديث السيدة “خديجة الجهمي” عن شمائل والدها قائلةً(عن والدها بالقول: أبى رجل متعلم بالنسبة لجيله، فهو يقرأ ويكتب باللغتين العربية والايطالية، رغم انه لم يدخل مدرسة قط، وكان يعمل في مطبعة يصفف الحروف ويطبع الجريدة التي كانت الإدارة الإيطالية تصدرها انذاك وهى جريدة (بريد برقة). ثم تسترسل السيدة خديجة في الحديث عن والدها بحنان ومحبة حين تقول عنه في مقطع تالي من الكتاب: كان والدي شاعرا رقيقا وسيما أبيا، ذا شخصية قوية، عطوفا كريما وقد أحبني كثيرا).

باكورة النشاطات

 نتيجة ظرف عارض أضطرت السيدة الخديجة للتوقف عن الدراسة لعامين متتاليين ثم ما لبثت أن استأنفت دراستها من جديد إلى أن تحصلت على الشهادة الإبتدائية ثم بعد ذلك عملت في مجال التمريض كمتطوعة إبّان إندلاع الحرب العالمية الثانية حينما كانت مدينة بنغازي مسرحًا لرحى هذه الحرب وما أن وضعت الحرب أوزارها حتى عاودت استكمال دراستها لتلتحق مجددًا بمدرسة الأميرة في خريف عام 1947م وواصلت دراستها حتى بلوغ عام 1952م لتشد الرحال نحو مصر فدرست مرحلتيّ الإعدادية والثانوية في مدارس القاهرة وفي أثناء ذلك انطلقت في ممارسة أولى نشاطاتها بالإنتساب لنادي الشباب الطرابلسي الذي أسسه مجموعة من الطلبة الليبيين الدارسين بمصر إلى أن تخرجت عام 1956م.

الطريق نحو الإذاعة

إثر رجوعها لأرض الوطن عملت في إذاعة بنغازي المحلية كمذيعة برامج إخبارية وكثاني وجه نسائي ينخرط في العمل الإذاعي بعد الإذاعية “حميد أبو عامر”، ولاقت القبول والتشجيع لاسيما من السيدة “حميدة العنيزي” التي لم تألوا جهدًا في مساعدتها ، وسرعان بعد ذلك ما أخذت خطواتها تنحو نحو التطور مذ انتقلت للإقامة في طرابلس وتحصلت على بعثة في تونس تلقت فيها دورة تدريبية بغية صقل مواهبها وقدراتها المهنية، وفي سياق اشتغالها بالعمل الإذاعي قدمت باقة متنوعة من الأعمال والتمثيليات المسموعة عبر أثير برنامج (المسرح المسموع)، فضلاً عن قيامها بإعداد وتنفيذ العديد من البرامج الأخرى لعلنا نذكر منها (صور من الماضي) وهو برنامج يتناول سيرة حيوات المجاهدين الليبيين، وبرنامج (اسهر معانا)، وبرنامج (سل طبيبك)،وبرنامج (ركن الأطفال)، وبرنامج(ركن المرأة) وبرنامج( أضواء على المجتمع) الذي حقق أصداء واسعة وامتدت إذاعته لسنوات طويلة وصلت لـ18 عام متواصلة وبرنامج(لقاءات مع الفنانين العرب)، وغيرها من البرامج الأخرى.

الراحلة خديجة الجهمي
الراحلة خديجة الجهمي

الريادة النسوية وأول مطبوعة للطفل

نظرًا للتجربة الحافلة التي تمتعت بها السيدة “خديجة الجهمي” عدها الكثيرون من أحد أبرز الأصوات الرائدة التي نادت بصوت عالٍ بحقوق النساء في ليبيا وسعت طوال مسيرتها للنهوض بأحوال المرأة الليبية وإشراكها في مجالات الحياة المختلفة وفي سبيل ذلك أسس مجلة المرأة عام 1964م وفي المقابل كان للطفل شأوًا في سلم أولويات الراحلة فأسست مجلة الأمل وهي أول مجلة ليبية موجّهة للأطفال عام 1974م وكانت لها مساهمة فعالة في تأسيس الإتحاد النسوي الليبي عام 1972م.

الكتابة الإبداعية

وقد كان للسيدة “خديجة الجهمي” جهود محمودة وعطاء تنوعت مشاربه وصُعده فأصدرت مجموعة من الكتب في الشعر والقصة والزجل الشعبي وتحولت  بعض قصائدها لأغاني تغنى بها كوكبة من الفنانين الليبيين، الجدير بالإشارة إلى أن الراحلة تبنت في أولى خطوات مشوارها الإبداعي اسمًا مستعارًا وهو -بنت الوطن- كانت توقع به جُل أعمالها الشعرية.

رسالة إلى زعيم الفاشية

ومن المفارقات التي أثبتت بها السيدة خديجة توهّج وعيها وصلابة شخصيتها أنها كتبت رسالة باللغة الإيطالية في طور طفولتها وأرسلتها بالبريد للزعيم الإيطالي “بينيو موسوليني” نسرد ما جاء فيها (أنا معجبة بك كونك تريد أن توحد بلادك، لكن احتلالك لبلادي غير صحيح، ولابد أن تفكر كثيرا كي تترك ليبيا لأهلها وتخرج منها، وإلا سيأتي يوم سيكون جحيما على إيطاليا) وتسبب إرسال هذه الرسالة في إثارة حفيظة المسؤولين الإيطاليين أوان ذاك الزمن ليتم استدعاء والدها والتحقيق معه .

جوائز تقديرية

منحتها الدولة نظرًا لجهودها المحمودة ودورها الريادي في الحياة الثقافية والإبداعية، جائزة الدولة التقديرية (الفاتح سابقًا) عام 1996م عن مجمل قصائدها ونصوصها الغنائية، كما نالت جائزة ميزان من كلية القانون كونها من أوائل من دافعوا عن حقوق النساء في ليبيا وكُرّمت أيضًا في عيد يوم الوفاء في مدينة سرت.

مقالات ذات علاقة

أربعون الفنان التشكيلي علي عمر ارميص

رامز رمضان النويصري

عميد المسرح الليبي محمد شرف الدين

المشرف العام

الشيخ القاضي أبو الربيع الباروني

المشرف العام

اترك تعليق