الطيوب
ولد الفنان التشكيلي الليبي علي عمر ارميص، في العام 1945م بمدينة طرابلس، حيث درس بها مراحل التعليم الأولى، ليكمل دراسته في جامعة بليموث للمعمار والتصميم في جنوب- غرب إنكلترا، وبعد تخرجه عام 1970م عاد إلى ليبيا، وشارك في الكتابة الفنية وترأس القسم الفني في مجلة الفنون الليبي، حتى العام 1981م التي استقر فيه في بريطانيا.
بدأ نشاطه الفني ستينيات القرن الماضي، حيث حاول في أعماله التركيز على العلاقة بين الفن والقيم والعلم والأخلاق والحياة والموت، في لوحات حافلة بالاقتباسات القرآنية والشعرية والأمثال العربية يضعها عادة على بحر من الألوان المتناغمة بينما تعطي في النهاية صورة مثيرة وجميلة، موسيقية تسحر العين وتصدم العقل.
في العام 1976م، وعمل كمستشار للفنون البصرية بمهرجان العالم الإسلامي الذي نظم في بريطانيا، حيث سافر إلى أنحاء العالم الإسلامي يجمع ويفحص المواد اللازمة للمعرض وبخاصة المنسوجات الإسلامية، وزار إندونيسيا والهند وتركيا ومصر بالإضافة لدول شمال أفريقيا وسجل انطباعاته السريعة في سلسلة من المقالات نشرها في الصحف الليبية في ذلك الوقت.
ومنذ إقامته ببريطانيا؛ شارك في الكثير من النشاطات اللصيقة بالمجتمع الإسلامي البريطاني، وأسهم في الكتابة بالصحف العربية والإنكليزية الصادرة في لندن مثل (القدس العربي) و(كيو نيوز)، وقدم مساهمات في مؤتمرات محلية وعالمية. واهتم في الفترة الأخيرة من حياته بتقديم تجربته من خلال أشرطة فيديو على يوتيوب وغير ذلك من وسائل التواصل الاجتماعي. وأقام عدة معارض في بريطانيا ودبي وأماكن أخرى وعرضت أعماله في مزاد بكريستي بلندن.
وظل “ارميص” حتى وفاته يعمل على مشروعه الفني، من الناحية النظرية والعملية، والذي أرفقه بنشاط سياسي، حيث سجل في لوحة ثلاثية رفضه للاضطهاد (أيا ضمير العالم) وكذا (لا) ولوحة صور فيها بطولات الشاعر العربي عنترة بن شداد وكانت من ضمن مزاد كريستي بدبي عام 2014م. وأهدى الفنان اللوحة لمجلة (فيلانثروبي إيج) التي قررت تخصيص جزء من عائد بيعها للمفوضية السامية للاجئين والمساهمة بعون اللاجئين السوريين المتضررين من الحرب.
كما أسهم بالعمل الخيري في داخل الجالية المسلمة ببريطانيا، وكان من المساهمين في بناء مسجد المنار الثقافي الإسلامي في لندن والذي يعتبر من المراكز الإسلامية المهمة والتي تعمل على بناء جسور مع المجتمع.
يرى الكثير من المهتمين والمتخصصين في الفنون أن “ارميص” فنان عالمي فريد من نوعه. حيث عرضت اعماله على نطاق واسع في العالم ويعتبر من أهم الفنانين التشكيليين المسلمين المعاصرين في العالم. خاصة في فن الحروفيات.
من أعمال التشكيلي علي عمر ارميص من أعمال التشكيلي علي عمر ارميص من أعمال التشكيلي علي عمر ارميص من أعمال التشكيلي علي عمر ارميص من أعمال التشكيلي علي عمر ارميص من أعمال التشكيلي علي عمر ارميص من أعمال التشكيلي علي عمر ارميص من أعمال التشكيلي علي عمر ارميص من أعمال التشكيلي علي عمر ارميص من أعمال التشكيلي علي عمر ارميص من أعمال التشكيلي علي عمر ارميص
حيث ركز في لوحاته بالحرف العربي، وإدخاله في اللوحة الفنية، مع أنه ظل يفرق نفسه عن هذا الاتجاه بالتأكيد على أن للحرف قيمة فنية واللوحات التي يقدمها هي لوحات فنية معاصرة وتشكيلية ولا علاقة لها بحرفة الخطاط العربي المعروفة، فهو يستخدم ريشته لوضع الحرف وتصويره وهو يسبح في بحر من الألوان والأقوال التراثية. ووسط الألوان والنصوص حرص الراحل “ارميص” على جعل واحد من حروف الأبجدية بارزا في وسط اللوحة أو على مساحات محسوبة لا تؤثر على جمالية اللون، الصورة. وهو يميل لاستخدام خط الثلث والديواني. وظل يؤمن برسالة الفن وأهميته في توجيه المتلقي للوحاته إلى جمالية التراث والحضارة الإسلامية، وظل ملتزما بهذه الرؤية طوال حياته، أي رسالة الفنان في الحياة، وجمع لهذه التجربة البصرية تنظيرات خاصة به برزت في كتاباته ومقالاته التي جمع بعضا منها قبل وفاته وكان يعمل على إصدارها في عدة كتب.
وقد جذبت تجربته الفنية اهتمام المتابعين والمهتمين؛ حيث كان موضوعا لأفلام وبرامج تلفزيونية ودراسات أكاديمية، فصدرت العديد من الكتب عن حياته وتجربته منها (اللغة في الفن في أعمال علي عمر ارميص) عن غولدسميث بجامعة لندن عام 2018. وتم الاستفادة من تجربته في استخدام الحرف العربي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها. وكان يرسم لوحات تتباين في الطول والقصر وبلغ طول بعض لوحاته أحيانا خمسة أمتار.
نتيجة إصابته بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) تأزمت حالته، مما اضطره لدخول المستشفى، ليعلن عن وفاته السبت 10 يوليو 2021. وقد أقيمت للراحل جنازة بمسجد المنار غرب لندن يوم 14 تموز/ يوليو ووري الثرى في مقبرة (غاردن أوف بيس/ بستان السلام) في شرق لندن.