سليمان كشلاف
أتدركينَ كم هو صعبٌ على القلب أن يفتقدُك؟
أتدركينَ كم هو صعبٌ على الإنسان أن يغادر الوطنَ وهو يَعرفُ أنه لن يعود؟
أيّ نظرة أخيرة يُمكن لهُ أن يأخذها للوطن؟
أيّ ذكرى يُمكن لهُ أن يَختزلها لتعيش معهُ العمر كلهُ في الوطن؟
أيّ كلمة يُمكنُ لهُ أن يقولهَا وهو يغادر الوطن، وهو يعلمُ أنها الكلمة الأخيرة التي يُودعُه بها؟
أيّ ذرة من تراب؟
أيّ قصة حُب؟
أيّ حكاية شعبية؟
أيّ رنّة موسيقا؟
أيّ عينين سوداوين؟
أيّ حُلم جميل؟
أيّ اعتصار للقلب؟
أيّ زهرة؟
أيّ نسمة؟
أيّ همسة؟
أيّ لحظة عذاب، وأنا أعرف أنني أراكِ لآخر مرة؟
أتهونُ تلك اللحظة كلّ تلك الضحكات؟
كلّ تلك الأحلام؟
كلّ ذلك العُمر؟
لتكون لحظة تتفجّرُ فيها براكين، وتتحرك زلازل، وتفيض محيطات تقتلع كلّ ما في قلبكَ من ابتسامات، وسنابل وبراءة أطفال؟
تقتلُ كلّ نبض اللحظة في قلبكَ
أتهون تلك اللحظة، أيها السائر في طريق من لا يعودون؟
أيّ لحظة عذاب وأنا أعرف أنني أراكِ لآخر مرّة؟
أيّ لحظة عذاب وأنا أتركُ قلبي في مكان أعرف أنني لن أعودَ إليه أبداً. وأنني أتركُ قلبي مع إنسان أعرف أنني لن أراه مرة أخرى؟
أيّ كلمة حُب يُمكن أن أقولها لكِ؟
أيّ مشاعر تجتاحني وأنا أسبحُ لآخر مرّة في بُحيرة عينيكِ
أيّ كلمة تنثركِ في سمعي زهراً، أحفظها لكِ؟
أيّ هول للمغادر وهو يعلم أنه لن يعودَ لذات المكان مرّة أخرى؟!
أيّ هول للمفارق وهو يعلم أنه يَضمُّ بين جفنيه وجه منْ أحبَّ لآخر مرّة؟!
أيّ أوجه الموت تعيشه تلكَ اللحظة، أيها السائر في درب منْ لا يرجعون؟!
أيها السائر في درب منْ لا يرجعون.
عن صفحة: سليمان سالم كشلاف