سرد

رواية الحـرز (41)

يشرع موقع بلد الطيوب في نشر رواية (الحرز) للقاص والروائي “إبراهيم عبدالجليل الإمام“، على أجزاء بشكل أسبوعي!! قراءة ممتعة للجميع…

مدينة غدامس (الصورة: عن الشبكة)

41

دخلا الى حرم المسجد الكبير.. طلب الشيخ من المؤذن إحكام إغلاق الباب خلفهما.. استنكر طلبه:
– هل ستمنع الناس من صلاة الجماعة؟ – هيء هيء لا يا شيخ.. فقط أريد الإختلاء بالقادم الغريب.

 – إذاً لا تتأخر فقد اقترب موعد صلاة الظهر.

اغلق الباب خلفهما على مضض:
– عجب.. ضاقت عليهم الواحة بما رحبت حتى صار المسجد مكانا للاختلاء بالأغراب.

جلسا تحت المنبر.. قال كبير الأعيان:
– إياك أن تبصق هنا.. هيا هات ما عندك.
تنحنح القادم الغريب… أحكم لثامه حول فمه..
 – سبق وأن قلت أني هنا لأمنع وقوع الحرب بين أمم الخفاء.
– هل تعتقد انه من السهل تصديق أمرٍ كهذا.

 – أعلم صعوبة ذلك عليك فما بالك على باقي العوام.. لكن عليك تصديقي لهذا طلبت محادثتك على انفراد.

 – لم اخترت الجامع؟.. هذا امر يدعوا للريبة أكثر مما يدعو للثقة.
– سأخبرك عن ذلك بعد ان افرغ ما في جعبتي.

 – أذا اسرع فوقت الظهر قد أزف .
– لا تختلف أمم الخفاء عن أممكم في شيء سوى في أنهم يروننا ولا نراهم.

أكمل موضحا:

– فليس هذا بالجديد عليكم.. حروب كثيرة وقعت بينهم.. أما أشدها تلك التي اتقد أوارها بين ساكني الصحراء وساكني البحار.. مات خلق كثير فيها.. ليس من أمم الخفاء فحسب.. بل حتى من أمم الطير ومن أمم الدواب.. أمم الإنس لم تكن استثناء فقد نالها ما نال باقي الخلق

– سمعنا بهدنة الالف عام التي اتفق عليها المتحاربان.
– توشك الهدنة على الانتهاء يا كبير الواحة.
– ألم تكفهم الف عام ليتصالحوا؟
– ذاك أمر صعب المنال.. بل كل أمة تستعد في حماسة لخوض المعارك من جديد.
– ما شأننا نحن بكل هذا؟
– سأخبرك يا سيدي هذا ما جئت من أجله.. لابد لكل حرب من أحلاف واسلحة لتتمكن من خصمك.

نعم.. لولا وفرة السلاح لما شن أحد حربا.
-ولولا عقد الأحلاف لما طالت حرب.

أكمل.. لا تنسى موعد الصلاة.

– من أراد أن يخوض حرباً فعليه أن يستعد لها بالسلاح البتار والحليف الجبار… هذا ما سعت إليه كلا الأمتين في فترة الألف عام من الهدنة .

لم يقاطعه كبير الاعيان هذه المرة.. واصل الغريب قائلا:
– أحدهم اختار سلاحاً مختلفاً هذه المرة.
 – سلاحا مختلفا؟

 – الزئبق الأحمر.

 – ظننت أنه لا وجود لهذا الشيء إلا في أذهان السحرة فقط. – وحده يمكن أن يحسم حرباً بأقل تكلفة .
– وهل حصل عليه أحد الطرفين؟
– ليس بعد لهذا أنا هنا.

 – لم أسمع بوجود زئبق لا أحمر ولا أسود في واحتنا..
 – للحصول على الزئبق الأحمر وسائل مختلفة.. بعضها يصعب تحقيقها وبعضها يستحيل.
 – أرى أنك تلمح إلى استثناء .
 – نعم.. للحصول على هذا الكنز للبد من قرابين..
 – قرابين؟..
 – هذه القرابين لابد ان تكون بشرية .

ران صمت ثقيل بينهما.. استشعر كبير الأعيان خطراً يلوح في الأفق.. واصل القادم الغريب:
– يشترط في هذه القرابين أن تكون من سبعة أماكن مختلفة..
سرى عرق بارد في بدن كبير الأعيان.. زادت ضربات قلبه قوة وسرعة.. قال مستعجلا الغريب.

 – أفصح .
 – الشرط الآخر للقربان أن يكون طفلا لم يفطم بعد.
شعر كبير الأعيان بشيء من الراحة:

– أما الشرط الأهم فهو أن يستبدل كل طفل بنظير له من أمة الخفاء.
– هذا يصعب أمر الحصول على الزئبق .
– لن أفشي سراً إن قلت لكبير الأعيان أن جميع الشروط تكاد تكتمل للحصول على الزئبق الأحمر.
– إذا لما أنت هنا؟
– أنا هنا لأحاول منع اكتمال الشرط.
– هل تعني أن رضيعا من واحتنا مستهدف من أمة الخفاء؟
– بل أنا هنا للمساعدة لاسترجاع الطفل .
اذن المؤذن لصلاة الظهر..

مقالات ذات علاقة

رفيعة – من رواية: دكاكين سعيد

حسن أبوقباعة المجبري

مقتطف من رواية عطر شان

فتحي محمد مسعود

رواية ديجالون – الحلقة 8

المختار الجدال

اترك تعليق