تشدّك رغبةٌ من أقصى فضولك عما وراء باب موارب ؟ يُفتح الباب فجأة وترى مالا يُتوقَع ! .. معضلة الباب البرزخٍ في أن يكون مفتوحا و مقفلا في آن . العين السحرية تبدو في شبه إغفاءة لذا غالبا ما يكون وراء الباب خدعة اليد وهو ما تفعله بنا يد «هيتشكوك” في حكاية الباب الموارب لا تعطي كل التفاصيل دفعة واحدة إلا ما يقود إلى توفّر عنصرين من أهم عناصر أفلامه “الإثارة والتشويق”
بساطة فيلم تحدّى عقدنا
الوضوح البصري من أساسيات الفيلم الجيد
خدعة اليد والباب الموارب !
في الإثارة أنت تتساءل بتمرين الذاكرة ومزيد التشويق ،يعني هناك كم من المعلومات يمكن أن تسير عليها، ومع ذلك اتسمت أعماله بالجدّية في تفاصيل دقيقة لعمل كامل متماسك يقدم في شكل قصة نفسية أو اجتماعية بكل أبعادها .
ليس هناك ما تتوقّعه خلف الأبواب وهي تفتح ثمة ما تفعله بنا في ما نترقّب من تشويق وما تحفل به من إثارة ! .
الكل متهم طالما هناك طير في قفص !
في فيلم “الطيور” يبدو الغباء المستحكم بالنسبة للإنسان أثناء بحثه عن السبب الذي يجعل مثل هذا الكائن اللطيف يبدو في شكل من التوحش والرغبة في الانتقام وممن ؟ قصة يسردها الفلم عن ثلاث نساء ورجل علاقة تلقي الضوء البادي على تسلط يصل حد الاستحواذ ما بين الأم وابنها ميتش وعلاقة أخرى موازية لتسلط الإنسان على كائنات أخرى تعيش معه دون أن يدري تبدو الأشياء على غير طبيعتها الاستحواذ يمكن له أن ينتظر على أمل كما حدث للسيدة «هايورث” وهي طير آخر سجين قفص ميتش ! يمكن للإنسان أن يكون طائرا مستحوذا .. هنا الحديث عن الطيور قد لا يبدو لطيفا كما نتخيّل مازال “هيتشكوك” يوارب ولا يفتح الباب .. يضع قصة ناشئة في متجر للطيور لتكون حاضرة بين “ميلاني” و»ميتش” الذي حضر لشراء ببغاوين هدية لأخته ،مكان مناسب لكلام عن الحب رغم ما شابه من ثرثرة لا تبدو بريئة عن الطيور والفزع الذي أصابهما وهما يلاحقان عصفورا هاربا من قفص ! ينتهي المشهد برحلة “ميلاني” بعد ذلك إلى القرية المنكوبة ومعها الببغاوان كمفاجأة “لميتش” ماذا لو أراد الكائن اللطيف أن يكون مزعجا في حياتنا ويقودنا إلى كوارث غير مصدقة لا نتوقعها ؟! إشارة فيما يمكن أن تفعله اسراب الطيور في رحلة اجتياحها لقرية آمنة على خليج بوديجا ؟
يصعب الأمر حينما لا نريد أن نفهم !
يقف الإنسان أمام الطبيعة أحيانا بغباء لا يبدو محسودا عليه وفي رحلة صراعه معها وتلك تراجيديا من نوع آخر يعرف أنها محسومة سلفا . أن جمال التكوين في كوادر الفلم لا يفوت هيتشكوك الارستقراطي الرصين بطبعه أن الطيور الزاحفة مركّبة على خلفية الصورة لكن الإحساس الدرامي يعطيها الوقع الكارثي لهذه الجائحة التي يفترض أن تكون طبيعية نظير معاملتنا للطيور ! في آخر مشهد للفيلم تبدو سيطرة تامة لرفيف تلك الأجنحة على الأرض وهي تودِّع “ميتش وميلاني” خارج القفص ! آخر النازحين عن القرية. “هيتشكوك” لم يخبئ شيء. المشاهد دالة ولازال يوارب الجهل بالحقيقة التي هي أفدح أخطائنا ،هنا ثمة تلاعب بالجمهور ؟ ولأن الموضوع يمسّه بالدرجة الأولى كان البطل الحقيقي في الفلم إزاء كل الشخصيات الضعيفة ،قمة السخرية في الحديث الدائر بين أهل القرية وهي تتابع في تفسير مضحك كل الاحتمالات الواردة في افتراضات غير مقنعة ، كأن المتهم آخر من يعلم الكل متهم طالما أن هناك طير في قفص ! مما يزيد في سخرية «هيتشكوك» الموارب لا يعطي سببا لهجوم الطيور ويتسلى بغبائنا ويمعن في أذيّة عين المشاهد عبر مشاهد القسوة والطيور تفترس العيون !
لماذا تهاجم الطيور ؟!
والسؤال ماذا لو تحولت هذه الكائنات الوديعة إلى رد فعل قاس ومزعج ؟ سؤال الفيلم الذي أوقع الجميع في حيرة .. لماذا تهاجم الطيور ؟ بساطة الفيلم تحدّت عقدنا وننسى أن الوضوح البصري من أساسيات الفيلم الجيد
فيلم “الطيور” من اخراج ألفرد هيتشكوك وكتابة «إيفان هانتر” 1963 عن قصة قصيرة كتبها “دافني دو مورييه” عام 1952 بطولة تيبى هيدرن ، رود تايلور ، جيسيكا تاندي ، سوزان بليشيت ، فيرونيكا كارترايت.