طيوب النص

النساء العاديات

من أعمال التشكيلي الليبي محمد البرناوي.
من أعمال التشكيلي الليبي محمد البرناوي.


أحب النساء العاديات، اللواتي يلبسن القفاطين المنزلية، اللواتي يجمعن شعرهن بنوع من الضجر الى أعلى، اللواتي يهتممن برجالهن كما يفعلن بالأثاث المنزلي، يرممنه قدر المستطاع وإن أثبت عدم جدواه يرمينه في الخزانة أو من شرفاتهن العالية، الهادئات أثناء العواصف، المزعجات حين يشعرن بالملل، الخائفات من الرتابة، الشجاعات حين يتعلق الأمر بالمراهنات الفاشلة، الوحيدات في دوراتهن الشهرية، المنزويات في خلايا اليوم، اللواتي يطلقن الرصاص بشكل عشوائي حين يشعرن بالغيرة، العاديات اللواتي اختارتهن الطبيعة لتدفن أسرارها، المضيئات في الليالي الكئيبة، العاديات مثل الكواكب والأنهار والغيوم، اللواتي لا يتخلين بسهولة عن أنوثتهن، أنثيات للأبد، اللواتي يحملن في عيونهن أجنة الفيضانات، وفي قلوبهن يلقي آخر رب رحيم تعاليمه، مزارعات بالفطرة و شجرات خوخ بحكم التجربة، اللواتي يمتلكن ذاكرة لا نهائية، ونسيان لا نهائي، الجميلات بلا ارادة، اللواتي يشفقن على الوحوش، وينزلن حلبات المصارعة مكان عشاقهن الجبناء، النبيلات رغم فقرهن، الفارسات رغم استسلامهن، الواثقات كعيدان القرنفل، المتشككات مثل الغابات العظيمة، المضحكات في عنادهن كشموع الكنائس، صاحبات أجمل قرارات سيئة في هذا العالم، العاديات متاحف الفن، وأناشيد الصباح الطازجة، العاديات اللواتي لا يسمحن للمهرجين بإضحاكهن، ولا لشعراء بإغرائهن، اللواتي لا يعشن حول الأشياء، بل في داخل الأشياء، البسيطات، المسامحات، اللواتي يركضن حافيات مع الريح، غير المتكلفات، القادرات دائماً على إكمال الحكايات إلى آخرها، العاديات هن سلالة الضوء المنكسر والأزهار المنقرضة.

مقالات ذات علاقة

مرايا .. خبز الحنين

المشرف العام

محاولة لإيقاظ الضمير العربي

سعيد العريبي

المرة الأولى

الصديق بودوارة

اترك تعليق