هناك أغان تعيش وتبقى. يرددها الانسان. يشتهر بها ناظمها وتكاد تطغى على اغانيه الاخرى. يحدث هذا لكثير من اغانينا. لكثير من شعراء الاغنية عندنا. وبالمثل تماما في الوطن العربي والعالم.
وسافر مازال عيني تريده لا يمكن ان ينساها المستمع الليبي كلمات ولحن واداء. تكاملت فيها مقومات الاغنية التى تلامس الانسان.. وتعانق مشاعره ووجدانه. وكانت خطوة من خطوات التطور للأغنية في بلادنا. كتبها عبدالحميد الشاعري ولحنها كاظم نديم واداها سلام قدرى.
ولد عبدالحميد احمد محمد الشاعري في العقيلة عام 1936. تلقى تعليمه الاول في مساجد بنغازي ثم واصل تعليمه في المدارس النظامية في الاربعينيات الماضية. واشتغل في عديد المهن والحرف خلال شبابه ثم عمل موظفا فترة طويلة من الاعوام في مصلحة التسجيل العقاري ببنغازي وبعد تقاعده زاول العمل الحر في محل تجارى بالمدينة.
عندما بداْت محطة الاذاعة المحلية في بنغازي مطلع الخمسينيات كان من ضمن الذين التحقوا للتعاون معها فاْدى بعض الاغاني الشعبية لكنه لم يستمر. وكان قد اتجه الى كتابة الاغاني والنصوص الشعبية ووجد موهبته وعطاءه فيهما ويعود اول نص غنائي نظمه الى عام 1950. وحين واصل نظمه لتلك الاغاني التي اداها مجموعة من المطربين الليبيين ارتبط بها المستمع الليبي من خلال الاذاعة الوطنية التي تكونت عام 1957. كانت اغانيه في مجملها تتناول القضايا الوطنية مثل قضيتي الجزائر وفلسطين وغير ذلك من الموضوعات العاطفية والانسانية والاجتماعية.
اغنيته سافر مازال نظمها عام 1957 ونحتها من قلبه وكانت تحكى تجربة خاصة عاشها ولم تكن مجرد تخيل. كانت من صميم الواقع. واول من اداها الفنان عبدالسيد الصابري ثم الفنان سلام قدرى.
يوم الاثنين 26 اكتوبر 1998 رحل الشاعر في مدينة طرابلس التي ذهب اليها للعلاج. ثم وسده تراب بنغازي بمقبرة الهوارى. وبعد رحيله بعام واحد صدر له ديوان (سافر مازال) عن دار النخلة في طرابلس وبقت اشعار كثيرة خلفها لم تجد طريقها للنشر حتى الان.
الصديق الشاعر عبدالحميد الشاعري. رحل. سافر ولم يزل.
______________
الصورتان : الاولى في امسية كتاب الاغنية الشعبية. رمضان _ اكتوبر 1973. نادى الهلال بنغازى. من اليمين.. سالم الكبتى مدير الامسية. سالم صبره. عبدالحميد الشاعرى. عبدربه الغناى. مصطفي القرقورى.
الثانية : سافر مازال بخط الشاعر عبدالحميد الشاعرى عام 1957 هدية منه الى الكاتب.