كنت معجبا بذلك الرجل الملقب في قريتنا بمسبلها.. كان يجيد العزف على آلة المزمار باتقان.. كانت الزمارة تتحدث .. كأني أسمع كلماتها ورسائلها.. كان مسبلها مسؤول بئر القرية.. جاء لقب امسبلها لأنه كان كثير الاهتمام بشعر رأسه.. يضع عليه رغوة الصابون حتى تتيبس كل شعراته فلا تتأثر بعوامل الطبيعة من رياح وشدة حرارة.. على ذكر الرغوة ..
كانت رغبتي جامحة لتعلم العزف على المزمار .. تأسست علاقة بيني وبين امسبلها.. عرضت رغبتي الشديدة في تراقص أصابعي على ثقوب الزمارة المصنوعة من قصب السكر .. قال لي: خذ إناء وضع فيه قليلا من الماء مخلوطا بصابون تايد.. وقتها لا توجد أنواع الصابون السائلةالمعروفة الآن .. تابع مسبلها درسه الأول لتعلم الزمارة.. فقال ضع مؤخرة الزمارةفي إناء الصابون بعد أن تكون رغوته كثيفة .. ثم انفخ وتنفس دون انقطاع مستخدما شدقيك وأصابعك.. كان هذا يسمى ” القلب” أي تغيير موسيقا المزمار من لحن إلى لحن.. في المساء وخلف بيتنا أعددت أدوات التجربة وطبقتها حسب تعليمات المعلم امسبلها.. أثناء التجربة تسربت كمية من الصابون إلى رئتي .. شعرت بأن الإكسجين غاب عني.. لم انتبه لشيء إلا في اليوم الثاني حيث وجدت نفسي بغرفة العناية المركزة..
المنشور السابق
المنشور التالي
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك