الشاعر عبدالحميد عبدالسلام بطاو عرفناه من الأصوات الشعرية في الستينيات، صدر ديوانه الاول تراكم الامور الصعبة، ثم توالت دواوينه الشعرية: من بكائية جالبة المطر، وعندما صمت المغني ، وأشجان هذا الزمان وغيرها .
وهو أيضا رائد من رواد المسرح الشعري في العالم العربي، حيث صدرت له العديد من المسرحيات الشعرية، من بينها: الموت اثناء الرقص، والجسر، والزفاف يتم الآن، ومعزوفة الكبرياء وغيرها.
وأخيرا عرفناه يكتب القصيدة العامية، وصدرت له ثلاثة دواوين بالعامية، وهي: موش عارف كيف سنة2007 م، وعاود حسبتك سنة2012م، وديوان مازلت نا هو نا وهو ملحمة بالعامية، شارك فيها العديد من شعراء العامية .
و أخيرا صدر له ديوان (مازلت حي ياعمر)، وهو مختارات من أشعاره العامية، سنة 2018م عن شركة الوسط الليبية..
كانت للشاعر عبدالحميد بطاو علاقة وطيدة مع الراحل عمر عبدالرحيم لياسوقد ساعد الشاعر في بناء منزله حيث منحه قرضا يوم ان كان مديرا لمصرف الجمهورية في درنة ثم انتقل بعدها كخبرة مالية للعمل في دبي وكلما التقى الشاعر بشقيقه كان يبلغه تحياته وفي اخر مرة سال شقيقه هو عبدالحميد بطاو مازال حي
فكتب له الشاعر قصيدة مطلعها يقول
تنشد على مازلت حي ياعمر
وسط الجفا وكثرة وجوه الشر ح
يهدي هذه المختارات الي الشيخ الطيب الراحل قريبه سالم ابراهيم بطاو، والذي كان في طفولته يسرد عليه الحكايات، و ملحمة بوزيد الهلالي.
يحتوي هذا الديوان مختارات من قصائده بالعامية وأهمها: مازلت نا هو نا، وماتنعدل، وموش عارف كيف، وعيط وصرخ، ويانك ابقيت رقيب، ومازلت حي ياعمر، وغيرها
وكل قصيدة في هذا الديوان لها مناسبة ، وعن حبه لمدينة درنة مسقط رأسه له قصيدة طويلة نقتطف منها هذه الأبيات القصيرة :
طليت من فوق الجبل ريت نورها
حبات لولي في الظلام
وكيف جيت في دروب السهل جا عطرها
فواح وشوشني كلام
وعن الأشياء الجميلة التي تميزت بها مدينة درنة ، هو تقطير زهر الليمون الشفشي ، حيث يتحول الي زهر له رائحة عبقة، ومذاق طيب لشفاء العديد من الأمراض ، يقول الشاعر :
هاك الزهر أشرب وشم وذوق
غناوي غلا وهمسة محبة وشوق
وهاك الزهر زهر درناوي
زهر ريحته اتزهي العقل الشاوي
كما يتجه في مختاراته العامية هذه الي الحكمة والموعظة كما في قصيدته التي ينصح
فيها ابنه السياب قائلا: اصبر وشد العزم يالسياب
ومااتسب وتزيد الخراب خراب
ماتشتمها
ولاتقول ماعاد نقدر انلايمها
ايامك بعد ماتميل ماتخاصمها
وفي آخر قصيدته هذه يدعو ابنه الي الصبر ويقول له :
لاتسب حظك ولا الحياة تظلمها
ولايوجعك صاحب رخاك وغاب
اصبر تحمل ضيقتك واهضمها
ولاغير باب الله تقصد باب
ومن قصائده في عهد القذافي، التي ينتقد فيها الأوضاع السيئة للبلاد، ويهاجم الفقر والفساد وعن فترة رئاسة رئيس الوزراء شكري غانم قال الشاعر قصيدة طويلة مطلعها يقول :
ماتنعدل لو اتجيب مية غانم
من حاش يظلمك ظالم وتشكي لظالم
وعندما سمع بهذه القصيدة رئيس الوزراء شكري غانم، دعا الشاعر الي مكتبه، وطلب منه سماع القصيدة، وألقاها الشاعر أمامه، بحضور كاتبه العام فوزي المقصبي، وعندما اختتم الشاعر بطاو القصيدة ابتسم الوزراء شكري غانم، بعد ان ضرب بقبضته على المكتب الذي أمامه قائلا
– فعلا صدقت ماتنعدل حتى لو يجيب ألف غانم ، عندها ردد الشاعر :- وشهد شاهد من أهلها .
ومن قصائده في هذا الديوان بعد انتفاضة فبراير 2011م، قال الشاعر قصيدته المشهورة عن تلك العجوز التي شاهدها عندما لم تجد ما تأكله ، كانت تمر على أكوام القمامة، وتفتش فيها قال قصيدة هذا مطلعها :
فتشي الشكاير لقطي الكناسه
لومك علي اللقاق والبزناسه
والعديد من القصائد العامية في نقد أوضاع البلاد وتفشي الفقر وانتشار السلاح والعنف والارهاب..
قصائد عامية رائعة لشاعر كبير ذات أسلوب سهل ممتنع، استمتعنا بقراءتها والاطلاع عليها في هذا الديوان الذي لاغنى للقاريء من الاطلاع عليه وقراءته وهو أاضاقة لمكتبة الالأدب الشعبي وأثراء لها.
