من مجموعة تواصل للنحات عبدالله سعيد.
قصة

منظومة ربط مباشر

مهداة إلي صاحب الفكرة

من مجموعة تواصل للنحات عبدالله سعيد.
من مجموعة تواصل للنحات عبدالله سعيد. تصوير: حسن المتربح.

وقف علي الباب الذي يحمل لوحة ذهبية كتب عليها بلون أسود عريض (الدكتور / صلاح أبودية – مدير المستشفي)
يطرق طرقا خفيفا ، في إنتظار الموافقة للدخول ومقابلة المدير ، يحمل بين يديه مجموعة من الملفات ، مرتديا ثيابا بسيطة وأنيقة
يفوح منه عطر هادئ ، هذا هو كمال الأحمر، شاب ثلاثيني رفيع ، متوسط القامة ، صاحب ذوق رفيع وإبتسامة دائمة ، لا ينطق لسانه إلا بخير ، سليل عائلة كريمة ، رباه ابوه المعلم علي كل خلق كريم ، وبدل الكثيرمن الوقت والجهد حتي أصبح ما هو عليه الأن .
كل تلك الصفات مع حصوله علي مؤهل جامعي و إتقانه للغة الانجليزية والفرنسية ايضا ، جعلت منه رجلا ناجحا في حياته ، أقام العديد من المشاريع التجارية والزراعية الناجحة التي أمنت له حياة كريمة وسعيدة ، سعي للحصول علي وظيفة رغبة منه في خدمة وطنه بصدق وإخلاص ونزاهة ، فكان له ذلك من خلال عقد سنوي بالمستشفي العام .
نعم تفضل أدخل . . جائه الرد من المدير ليدخل مبتسما محييا ببشاشة . . صباح الخير يا دكتور / صلاح . . إنهارك طيب مبارك ، قاعة الإجتماعات جاهزة والإجتماع ح يعقد بعد شوية . . أنا حضرت ملف المشروع اللي عرضته عليك من مدة وعملت خمسة عشر نسخة ح نوزعهم علي الأطباء في الإجتماع .
د / صلاح : صباح الخير يا كمال . . أوكي تمام أسبقني إنت ، لحظات ونجيكم . .
خلال فترة وجيزة ، إجتمع مدراء الأقسام والوحدات الإدارية والخدمية في قاعة الإجتماعات لحضور الإجتماع الشهري الذي يتم فيه بحث الأمور ذات العلاقة بسير العمل في المستشفي .
د / صلاح : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . أرحب بكم جميعا في هذا الإجتماع الشهري الدوري . . ونبدأ علي بركة الله مناقشة بنود جدول الأعمال
حسب ما هي مدرج أول باول ،
البند الأول : مقترح مقدم من الأستاذ / كمال الأحمر لتنفيذ مشروع منظومة إتصالات ربط مباشر عبر الأقمار الصناعية للمستشفي العام .
تفضل أستاذ كمال يمكنك توزيع الملفات وشرح فكرة المشروع بإستخدام الحاسوب و جهاز العرض الضوئي
بعد السلام والتحية بدا الأستاذ كمال في شرح وتوضيح فكرة المشروع بإستخدام الصور والجداول والنصوص التي أعدها مسبقا . .
أ / كمال : هذا المشروع موجود في العديد من المسشفيات العالمية في الدول المتقدمة وانا من خلال إطلاعي في النت وزيارة بعض المستشفيات خارج الوطن وصلت إلي هذه النتيجة . . منظومة ربط مباشر متصلة بالأقمار الصناعية متكونة من صحن هوائي لاقط موصول بشاشة عرض وكاميرا وبعض الأجهزة الأخري الخاصة بالتحكم في المنظومة . . يتم وضع كاميرا وشاشة في غرفة العمليات لغرض إضافة طبيب إستشاري دولي من الخارج إلي الطاقم الطبي الذي يجري العملية ، دوره ينحصر في متابعة العملية مباشرة من خلال الكاميرا وإبدا الراي الطبي والتوجيه في حالة لزم الأمر لذلك من خلال الشاشة.
الفوائد من هذا المشروع لا تعد ولا تحصي :
1 – إختصار الوقت والجهد علي المريض بدلا من السفر إلي الخارج ودفع مصاريف كبيرة
2 – إكتساب الخبرة ونقلها إلي الطبيب الليبي ليكون مطلعا علي كل جديد متطور في المجال الطبي
3 – إمكانية إجراء عمليات كبري تحت تدريب وتعليم مستشار دولي مختص
4 – المستشار الدولي لا يتكبد مشقة السفر والحضور إلي المستشفي في ليبيا بما يتبعها من إجراءات إدارية ومشاكل أخري .
هذه بإختصار فكرة المشروع والفوائد العائدة علينا وعلي مرضانا وعلي بلادنا .
بادر أحد الحاضرين : شكرا لك أستاد كمال علي هده الفكرة وهدا الشرح الجلي الواضح لكن أنا لدي بعض الإستفسارات : بخصوص التكلفة ، أعتقد ان هذا المشروع مكلف ماديا ، أيضا ربما تحيط به عديد من المشاكل الأخري نحن في غني عنها
رد كمال : التكلفة ما هيش كبيرة ونحب نقول أني أنا شخصيا متبرع بهذه المنظومة من جيبي الخاص لتكون صدقة جارية عني
لكل مريض أرجو من الله تعالي ان يتقبلها وينفع بها البلاد والعباد .
أما بخصوص أية مشاكل أخري فأنا درست هذا المشروع جيدا ومستعد لكل حاجة كبيرة وصغيرة فيه . . بين إيديكم الملف ويمكنكم الإطلاع عليه بدقة .
دكتور / صلاح . . بالإمكان أخذ راحة ربع ساعة لتناول الشاي والقهوة ومناقشة فكرة المشروع ومن ثم نرجع لإتخاذ القرار المناسب .
خلال فترة الإستراحة كان هناك كثيرا من النقاش واللغط بين مؤيد ومعارض ، كل يوضح أسبابه ويعرض وجهة نظره ،
فجأة علي صوت دكتور العظام د / جابر أبو ساق : موجها خطابه لمجموعة من الأطباء : يجماعة إسمعوني كويس . . المشروع هذا أني مش موافق عليه بتاتا . . هذا المشروع فالطة كبيرة . . فالطة مش من دون .
قال شنو . . يدخلوا معانا لغرفة العمليات دكتور إستشاري طلياني وإلا ألماني وإلا أمريكي ، يتفرج علينا وإحني نقصوا في بطون المرضي ونلعبوا في مصارينهم زي ما نبوا ، اللي يقص مصران بالغلط ، واللي ينسي إبرة في بطن مريض ، واللي ما يعرف شئ يفتح وبعدين يسكر ، وهذا جهاز عطل وهذا جهاز تاني ما نعرفوش كيف نخدموه . لا . . لا . . أبدا . أني مش معاه بكل .
صمت برهة من الزمن وجال ببصره في وجوه المجموعة ليقرأ تأثير وقع كلماته عليهم . . ثم واصل حديثه بوتيرة أقل مستخدما كلتا يديه للتوضيح أكثر : إنتم يدكاترة يا محترمين . . الناس تشبح فيكم مدايرينكم حاجة كبيرة بكل ، هيبة وقدر وقيمة . ح تتعروا . . إي نعم ح تتعروا قدام الأطباء الأجانب الكبار المشقفين ، هذوم لما يقولك إستشاري معناها إستشاري ، متعلم و قاري صح ، ما يلعبوش زينا ، حرك بالعود ودف لمسعود . أنتم عارفين حالنا و عارفين وضعنا كويس . . راهو ما هناك شئ . . الطب في ليبيا تعبان . . تعبان جدا يا جماعة ما .نكدبوش علي بعضنا .
بهت الجميع لسماع هذا الحديث ، هزوا رؤوسهم موافقين الدكتور جابر علي رأيه السديد .
قارب الوقت علي الإنهاء وإتفق معظم المجتمعين علي رأي واحد ، عادوا أدراجهم إلي القاعة وهم يجرون أقدامهم جرا .
د / صلاح : نرحب بيكم مرة أخري ، نرجو أنكم درستو فكرة المشروع وتوصلتم إلي قرار نهائي بالخصوص .
د / جابر : إيه نعم د / صلاح . . من خلال النقاش والبحث توصلنا إلي قرار إتفق عليه أغلب الأطباء :
.
.
.
.
فكرة المشروع مرفوضة جملة وتفصيلا
وإذا تم تنفيذها ف إحنا ح نقدم إسقالة جماعية من العمل ، ودور من يخدملك المسشفي ويعاينلك المرضي .

مقالات ذات علاقة

لماذا لم يتسع حضنك لي؟

عبدالعزيز الزني

نْبَقّ بغداد

المشرف العام

ارتـــواء

حسين بن قرين درمشاكي

اترك تعليق