قصة واقعية
بمدينة برمنجهام في المملكة المتحدة في الفترة من 18 – 25 مايو 2010 إنتظم المعرض الدولي لتقنيات الطباعة (IPEX) والذي يعقد مرة كل أربع سنوات .
كانت فرصة جيدة لزيارة المعرض والإطلاع علي أحدث التقنيات العالمية في مجال الطباعة ، وأيضا زيارة أختي المقيمة في نفس المدينة والإقامة مع عائلتها الكريمة . فكانت رحلة عمل وصلة رحم وإستجمام .
تقدمت بطلب الحصول علي التأشيرة وكنت متخوفا من الرفض حيث سبق لي أن طلبت التأشيرة مرتين ولكني قوبلت بالمنع ، هذه المرة تم قبول طلبي وتحصلت علي التاشيرة ، قال لي بعض العارفين إن تقديمك دعوة من إدارة المعرض مرفقة بالطلب هو عامل رئيسي ومهم للموافقة حيث ان إدارة الجوازات والتأشيرة أخذت في عين الإعتبار المنافع الإقتصادية العائدة للدولة من وراء الدخول إلي بريطانيا وزيارة المعرض
هذه الرحلة هي الأولي لبريطانيا لدولة عريقة طالما تمنيت زيارتها و التعرف عليها عن قرب
قبل الرحلة بيوم او يومين لا اذكر وقع حادث أليم يوم الاربعاء 12 مايو عند الساعة السادسة صباحا سقطت طائرة الخطوط الجوية الأفريقية ولقي جميع الركاب حتفهم ولم ينج إلا راكب واحد هو طفل يحمل الجنسية الهولندية
كنت قد حجزت للسفر علي الخطوط الجوية الأفريقية وكان وقوع ذلك الحادث قد هز سمعة الشركة وأثار الكثير من اللغط والتساؤل حول أمن و سلامة رحلات هذه الشركة ، لم يكن لي فرصة لتغيير الحجز علي شركة أخري أو تغيير موعد الرحلة لأن الحجز تم مسبقا ولم يبق إلا بضعة ايام لإنعقاد المعرض – ثمانية أيام هي فترة المعرض تم ينتهي ليفتح من جديد بعد اربع سنوات في مدينة أخري من مدن المملكة – ولن تتوفر لي نفس الظروف الجيدة التي أتيحت لي الأن من حصولي علي التأشيرة وإقامة أختي في نفس المدينة وغيرها . . لذلك قررت المضي قدما والسفر في الموعد المحدد علي طائرة شركة الخطوط الجوية الأفريقية
وصلت سالما إلي منزل اختي بحمد من الله وتوفيقه – هي تقطن في ضاحية من ضواحي برمنجهام تبعد عن مركز المدينة مسافة 30 كم تقريبا – وتجاوزت كل الصعوبات والعراقيل ( لن أخوض في شرح وتفصيل مراحل الرحلة من مطار هيثرو بلندن حتي منزل أختي في ضواحي مدينة برمنجهام لعدم الإطالة وحتي نصل إلي محور هذه القصة بإيجاز )
في يوم إفتتاح المعرض 18 مايو توجهت إلي محطة القطار الكائنة بجوار محل إقامتي ،
وقفت في طابور شباك التذاكر ، حجزت تذكرة ذهاب إلي المحطة الرئيسية بوسط المدينة ومن ثم ساخذ قطارا آخر حيث يقام المعرض في مدينة المعارض بجوار مطار مدينة برمنجهام ،
موعد الرحلة كان مدونا علي لوحة الإعلانات ولا زال محفورا في ذاكرتي بقوة ( الساعة 07:21 صباحا )
كوني مواطنا عربيا يزور هذه الدولة لأول مرة وبالرجوع إلي ماضي حياتي الجميل في (( الجماهيرية العظمي )) فإنه لا قيمة كبيرة للوقت في حياتنا ماذا يعني ساعة او نصف الساعة أو ربع الساعة فما بالك بدقيقة واحدة
جرت العادة لدينا حين يكون موعدا ما لاي سبب ما ان يكون عند الساعة الكاملة او ربما نضيف ربع او نصف الساعة وبالتأكيد لن يلتزم اي كان بهذا الموعد المدون فيتم تجاوزه بوقت مفتوح .
اما أن يكون الموعد حسب ما رايت لدي هولاء القوم ثلث ساعة اي عشرون دقيقة مضافا إليه دقيقة واحدة فهذا شئ عجيب وغريب أثار في نفسي الحيرة والدهشة والإستغراب وايضا الشك في مصداقية هذا الموعد من عدمه ، هل فعلا سنغادر في الوقت المحدد ام لا ، بيني وبين نفسي لم أكن علي ثقة من هذا فماذا يعني خمس او عشر دقائق تقديم او تاخير لا مشكلة لدي في ذلك ،
عموما . . نحن الأن في رصيف المحطة ننتظر القطار ، عين علي ساعة المحطة والأخري علي طريق السكة .
تبددت حيرتي وحل مكانها دهشة كبيرة حين لمحت القطار قادما من بعيد .
، بهدوء وإنسياب وقف علي الرصيف عند الساعة 18 :07 نزل الركاب في خلال دقيقة صعدنا نحن في مدي الدقيقة التانية وإنطلق القطار مغادرا في الدقيقة الثالثة عند الساعة 21 : 07 تماما .
لا تسالوني عن حالي خلال هذا الموقف . . الدهشة والذهول والحيرة تلبستني حتي علت علي ملامح وجهي واضحة للعيان فكانت صدمة حضارية عشتها بكل تفاصيلها . . واكثر . . عرفت ان هذا الشعب يقدر تماما ويحترم الوقت ، فكانت الدقيقة الواحدة لها قيمة كبيرة وكبيرة جدا في حياته .
جال في خاطري السؤال الذي دائما ما يكون حاضرا لدي كل منا . .
لماذا نحن لا نكون مثل هؤلاء . . لماذا وإلي متي نظل متخلفين متأخرين عن العالم من حولنا ؟ ؟ ؟