شعراء الفصحى يقدمون كلمات ليست فى القاموس
أنحاز للعمل ولا أنحاز للشخص
حاوره: الصالحين الرفروفي
من لا يعرفه وهو الذي غنّى ولحّن وعزف؟ سؤال بالتأكيد لم نجد إجابة عليه بالنفي لو سألنا مختلف المراحل العمرية .. هذا الفنان الذي منحنا اللحن الشعبي وهوية الأغنية الليبية والنغمة الرقيقة الحنونة سمعنا أغانيه عبر أثير إذاعاتنا المحلية والعربية .. فأطربنا ونحن نغني معه “بعد الغروب” وتنساب ألحانه عذبة معبّرة عن هويتنا وفننا الأصيل فتجري عبر سواقي النغم لتطرب لها القلوب قبل الآذان “فتسلّم على من إيسلّم على قرى ومدن ليبيا العاشقة لهذا الفن “على عدّ موج البحر بالوقية” محاولاً وصل سلامه عبر الأثير إلى “أعيون لحباره” ليقول لها “يا مشكاي .. لا مش هكي الغلا “.. لأن “ماضي إتعبنا فيه” لابد أن نكون أوفياء له .. فأصبحت كل هذه الأعمال وغيرها لهذا الفنان “تخطر ع العين إتبكّيها” ونحن نردد معه “إرحم قلبك” فقط أعطيت لنا الكثير من الإبداع لفن بدأت معه منذ ستّين عاماً مضت أو يزيد ولا يزال هذا العطاء متدفقاً لحنا ومحبة .. رغم كل الصعوبات .. إنه الفنان محمد حسين مرشان الذي كان لنا معه هذا الحوار.
* كيف كانت البداية؟
بدايتي مع الفن قديمة منذ حوالي ستين عاماً أو يزيد .. فلقد بدأت بتعلم العزف على آلة العود على يد الشيخ المرحوم صالح الفزاني الذي كنت أتمنى دائماً سماع لحنه المتميز والذي يشدّني كثيراً كنا في ذلك الوقت نستمع إلى الفنان “كامل القاضي” من خلال الإذاعة البريطانية “القسم العربي” B.B.C منذ الاربعينيات من لندن .. وكنت أيضاً استمع إليه من خلال الاسطوانات “الجرامافون” وهي اسطوانات ليبية مسجلة في تونس لدى “بشير فحيمة”.
* بعدها تعلمت العزف على آلات عدة كيف كان ذلك؟
أول من أعطاني درساً في قراءة الموسيقا كان الفنان رمضان الأسود والد الفنان مختار الأسود كان هذا في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي كنت أذهب إلى نادي ايطاليا في الغزالة وأتعلم الحصة من الفنان : رمضان الأسود في الشارع وأمام المارة .. بعدها درست الصولفيج وتدربت على آلتي “الكمان والبيانو”، مع الايطاليين.
* كيف بدأت الغناء والتلحين؟
أول ما غنيت بنادي الاتحاد مع مصطفى بن شعبان وفائق بن سلطان وكان ذلك لأول مرة أمام الجمهور .. أما أول عمل لي غناءً ولحناً هو “كتبت الرسائل لين فشلوا إيدي” وأثناء الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين عام 1948 والألم الذي شعرنا به جرّاء هذا الاحتلال كانت محاولة كتابة عمل غنائى عن فلسطين وقد بعث بها إلى أمين “جامعة الدول العربية في ذلك الوقت” عبدالرحمن عزّام.
وهي من تأليفي وألحاني وغنائي .. كنا لا نعرف مؤلفين وأول مرة عرفت أحد المؤلفين كان يُسمعني ما يكتب ولا يسمح لي بذكر اسمه أو كتابة ما يؤلفه فكان هذا عيباً في ذلك الوقت ..
ومن الطرائف أنه ذات مرة وأنا أسكن بزنقة “الحمّاص” كنت أعزف العود فكاد الجيران أن يخرجونني من بيتي واشتكوني للشيخ وأخبروه بأنني أعزف العود وأغنّي.
* كيف كنت تُحيي حفلات الأعراس إذاً؟
كانت هناك ما يسمى بالعراسة بالنسبة للرجال وكان هناك عدد من الفنانين القدامى أمثال: أحمد عاشور، البيزنطي، محمد سليم، إدريبيكة والشيخ شاكر لمرابط في الموشحات والموالد..والعرّاسة هذه خاصة بالرجال فقط حيث كانوا يغنوا “العتبي” ومعناه أن الصوت لا يخرج من عتبة الباب ويكون خافتاً ورتيباً حتى في الألحان أما الزمزامات فإنها كانت تغنى للنساء.. إلى أن جئنا أنا وكاظم نديم رحمه الله ومحمد سليم وبدأنا نغنى بشكل واضح وجلي.
* هناك إمحمد حسن بي كان فناناً ملحناً فهلاّ حدتنا عنه؟
هذا الفنان كان عازفاً ممتازاً على آلة الكمان عزفنا معاً في فرقة عملناها لجمع التبرعات للشعب الجزائرى في حرب التحرير تقدم شهرياً حفلة..كان أبوه عازفاً لآلة العود في إذاعة إيطاليا وإمحمد حسن بي كان ملحناً وعازفاً ولكنه لا يغني فكانت أعماله معظمها التي غناها “محمد سليم” وتغني بها أيضاً قدري عبدالقادر،وأيضاً أبن مصطفى الدهماني.
* من هم جيلك من الفنانين؟
من المطربين البارزين أذكر:”سلام قدري،عبداللطيف إحويل، محمود الشريف،محمد الفرجاني،نوري كمال، محمد خليل”..أما من الملحنين: محمد الكعبازى،كاظم نديم،محمد الدهماني،سالم القمبري..أما من مدينة بنغازي فكانوا:علي الشعاليه، سيّد أبو مدين،عبدالسيد الصابري.
* يقال أن كل ملحن ينحاز لمطرب معين فلمن كنت تُعطي الحانك؟
في الفترة الأولى التي فتحت فيها الإذاعة بشكل رسمي سنة1957كنت لا أذهب إليها كنت أغني في الأفراح وأعزف مع الفرقة الموسيقية التي كنا نجمع ريع حفلاتها لحرب التحرير الجزائرية كما قلت لك وكان في تلك الفترة الفنان المرحوم:كاظم نديم هو من يرأس قسم الموسيقى في الإذاعة فكان متفقاً مع 5مطربين ألا يغنوا إلاّ الحانه وكان من بينهم الفنان “سلام قدري” أما أنا فإنني أعطيت الحاني لكل المطربين بدون استثناء وفي بدايتي كنت ألحن وأغني بنفسي وقد غنيت أكثر من 100لحن وغني ألحاني الكثير من المطربين الليبيين والعرب ومن بينهم:خالد سعيد، عبد اللطيف إحويل، سلام قدري ،نوري كمال ،محمود الشريف، محمدالسيليني، محمد رشيد أما من المطربين العرب فكانوا:فايده كامل ،سعاد محمد،طلال مداح،كارم محمود،عفاف راضي ،عُليا إسماعيل شبانه ومطربين أيضاً من السودان والجزائر والمغرب.
* مع من تتعامل من كتاب الأغنية؟
أنا لديّ أسلوبي الخاص في اختيار الكلمات وأنحاز للعمل ولا أنحاز للشخص فأنا أول من لحن لأحمد الحريري في بداياته ولحنت له أعمالاً كثيرة بعدها..لدي إحساس خاص بالكلمة وأختار الكلمات التي أرغب تلحينها على هذا الأساس لحنت أيضاً لشعراء عرب مثل الشاعر الفلسطيني هارون هاشم الرشيد وأيضاً الشاعر:عبدالله شمس الدّين مؤلف..نشيد الله أكبر..من هنا أقول لك إنني لدى رأيي الخاص فيما يُقدم الآن من أعمال.. فعندما تراجع الأعمال التي تُقدم الآن تجدها غير ناضجة وغير ناجحة ومقياسى أنه لايرددها أحد في الشارع..أيام زمان كانت الزمزامات تصنع الأغنية..كانوا يغنون أغاني المطربين التي تُغني في الإذاعة وبذلك انتشرت الأغنية..كما تقدم حفلات كاملة في الإذاعة والمسرح..الإذاعة القديمة في “الصمعة الحمراء”كانت حجرة صغيرة بها المذيع وجهاز البث ومدة البث”عشرون دقيقة على الهواء” فكان شاويش إنجليزي يترأس الإذاعة عندما “يسكر” يقفل الإذاعة ويتركنا نعزف “لوحدنا”دون أن يصل صوتنا لأحد..كان من المؤلفين والفنانين محمود السوكني، السني، بن عصمان،نصر الدين القبلاوى،الشيخ مختار شاكر المرابط كنا نُسمع بعضنا البعض الألحان ونبدى الملاحظات كانت ألفة ومحبة.
* ترأستم فرقة الإذاعة كيف تم ذلك؟
الإذاعة كانت تسمى مصلحة الإذاعة والمطبوعات وكان مديرها المرحوم”علي المسلاتي”وقد كلفني برئاسة الفرقة الموسيقية وكان رئيس القسم آنذاك “بشير فحيمة”..كنت قد وضعت برنامجاً تنظيمياً للفرق ومن بينها توجيه رسائل للملحنين بموعد التدريبات والتسجيل حتي لا يضطر الفنان للانتظار ويضيع وقته ورفعت أجور العازفين في ذلك الوقت من 6جنيهات إلى 15جنيها كان ذلك في15/12/1960م.
* بالإضافة إلى دراستك للموسيقا في ليبيا درستها في تونس كيف كان ذلك؟
سنة1961م ذهبت إلى تونس لغرض الدراسة وتحصلت على الدبلوم من المعهد العالي”الكونسير فتوار”وكانت مدة الدراسة سنة.
* كنت المدير للمعهد الوطني للموسيقا كيف جاءت الفكرة؟
بدأت الفكرة بدوره لإعضاء فرق الإذاعة والمجموعة الصوتية في حجرة وصالة بمبنى المجلس التشريعي ومن هنا جاءت فكرة تكوين المعهد الوطني للموسيقا والتمثيل وكنت المدير والمدرس وانتقلنا بعدها إلى شارع الزاوية وأبوهريدة وكان “عبدالجليل خالد،إبراهيم أشرف،عادل عبد المجيد،مصطفى القناص،عمر رضوان”وكان رئيس قسم التمثيل السيد/محمد العقربي..أما رئيس قسم الموسيقا فكان السيد/عبدالله أرحومه فكان المعهد قد انطلق للتدريس رسمياً وهو الذي أصبح اسمه فيما بعد”معهد جمال الدين الميلادي للموسيقا والمسرح” وهو يدرس حتي الآن.
* مارأيك فيما يقدم الآن على الساحة الفنية؟
لدينا كتاب جيدين ولدينا ملحنون جيدون حتى في الشباب الجدد وكذلك عازفون ولكن من يهتم بهم و من يأخذ بيدهم ويشجعهم، مستوى الأغنية العربية هابط بشكل عام..أغنية الشباك والصور التي تعرفونها تأتي بالملايين لأنها تقول “باحبك ياحمار”أين الأغنية المسؤولة فهي للثقافة والاصلاح وليست للتدمير.
* من في رأيك المسؤول عن تدني العمل الفني؟
المسؤولون بالدرجة الأولى..لا يوجد تشجيع للعمل الجيد ولا إيقاف للعمل الرديء فنان يبحث عن مقابلة مسؤول يبقى شهراً أو اثنين ولا يقابله.. الإذاعة تسير في اتجاه الأغنية الوطنية وحتى هي موسمية..شريط السوق غير شريط الإذاعة ويجب أن نختار الكلمات التي تجسد حالة الناس..دخلوا شعراء وليسوا كتاب أغاني..شعراء الفصحى يستعملون مفردات ليست في القاموس ويقدموها للمشاهد من يسأل عن الفنان الحقيقي إذا غاب أو إذا مرض ليس هناك وفاء للفنان الحقيقي والملتزم كما في المثل “اللي إيغيب إيعلقوا كاشيكه” منذ أسبوع أو أقل إذاعة تونس تتكلم عن حسن عريبي ومحمد مرشان.. أين نحن في إذاعة ليبيا منذ سنة 2006ف رغبت في المشاركة بلحن مع الفرقة الوطنية التي توقفت اتصلت عندما كانت موجودة بثلاثة مسؤولين لتسجيل مسرحية غنائية كتبها الشاعر “عمر رمضان ” عن إمعيتيقه وعمل “لأحمد الحريري”ضاع النص لثلاث مرات أخيراً تم تحويله للأمين للاعتماد ولم يحصل شيء”يضيق صدرى ولا ينطلق لساني” أين الأخذ بيد الفنان؟ من يعلم عن ظروف محمد مرشان؟
* ما هو جديدك؟
لدي أحد عشر عملاً جاهزاً ..قصائد “لعلى الحاراتي “وأعمال “لأحمد الحريري” وعمل “لمسعود بشّون” من بنغازي ولكن ما هو السبيل للتنفيذ؟
أحب ليبيا وأغار عليها و”كنت “أحب الفن ومخلص له ولكني أقول :”على قدر مالى الناس يحبوني..وكان أفرغ الجيب مايبوني”
* كلمة أخيرة؟
أتمنى من كتاب الأغنية ومن ملحنيها أن يقدموا ما يبرز ثقافتنا وتراثنا الأصيل لأنه فخر لنا.
السيرة الذاتية
> الاسم: محمد حسين مفتاح مرشان
> مواليد طرابلس 1929م
> تعلم العزف على آلة العود على يد الشيخ المرحوم صالح الفزاني.
> درس الموسيقا في أوائل الخمسينيات وكان أول درس في قراءة الموسيقا تعلمه على يد الفنان “رمضان الأسود” والد الفنان مختار الأسود.
> تحصل على دبلوم الموسيقا من المعهد العالي “الكونسير فتوار” في تونس سنة 1960 .
> ترأس فرقة الإذاعة الموسيقية سنة 1960 .
> قُبل كأحد أعضاء جمعية “حقوق المؤلفين الموسيقيين بباريس.
> أسس المعهد الوطني للموسيقا والتمثيل سنة 1963 وكان أول مدير ومدرس به والذي أصبح فيما بعد “جمال الدين الميلادي للموسيقا والمسرح”.
> لحن وكتب وتغنى بعديد الأغاني والتي تزيد على 500 أغنية.
> تغنّى بألحانه عديد المطربين الليبيين والمطربات العرب
> أول من لحن كلمات الشاعر: أحمد الحريري ولحن للعديد من الشعراء العرب من أمثال عبدالله شمس الدين وهارون هاشم رشيد .
> يعتز كثيراً بعمله الملحمي “خير أمة أخرجت للناس” وهي من أشعار الشاعر الفلسطيني “هارون هاشم رشيد” وقد غنّاها مجموعة من المطربين العرب.
> ألّف كتاب “الموسيقا قواعد وتراث”.
> غنّى أكثر من مائة لحن وله أكثر من 500 أغنية.
5 تعليقات
انا سعيد وفخور ان اريواطلع على هذه الصفحة لما فيها من مقالات ومواضيع جد قيمة وهادفة ، ويشرفنى ككاتب فى عدة صحف عن البيئة بشكل عام وطرح المواضيع الهادفة التى تخدم المواطن والمجتمع بصفة خاصه فكلي شرف وفخر ان اتواصل معكم ان اردتم ان اكون بين اساتذة عظماء فى الكلمة والمقاله ، نتمنى الرد على مقترحي والله يبارك كل خطواتكم .
مرحباً بك أخي
الموقع يرحب بكل من يريد المشاركة بإنتاجه الإبداعي.
تحياتي
انا سعيد وفخور ان اريواطلع على هذه الصفحة لما فيها من مقالات ومواضيع جد قيمة وهادفة ، ويشرفنى ككاتب فى عدة صحف عن البيئة بشكل عام وطرح المواضيع الهادفة التى تخدم المواطن والمجتمع بصفة خاصه فكلي شرف وفخر ان اتواصل معكم ان اردتم ان اكون بين اساتذة عظماء فى الكلمة والمقاله وهذه اول مرة اخاطبكم فيها ، نتمنى الرد على مقترحي والله يبارك كل خطواتكم .
لكمم سعدت بالمرور على هذه الصفحة التي تناولت ترجمة للفنان الليبي محمد مرشان
الذي ادعو له بالشفاء فقد تناهى الي من خلال المذياع وعبر برنامج الاذاعي اللبق عبد المنعم سبيطة(ايام طرابلس ..،)ان استاذنا الجليل مرشان يعاني من مرض بالقلب هذا القلب الذي نبض بالحب للفن فاهدى روائع الاعمال التي شكلت جانب من وجداننا الفني و اثرت المكتبة الفنية الليبية من خلال مسيرة عطاء زهااء 60 سنة….ياليت اهل الاختصاص والمسؤلية يلتفتوا وقبل فوات الاوان الى هذه القامة الفنية ويتعهدوه بالرعاية التي تليق بشخصه الكريم على الصعيدين الانساني والفني….دمتم باحترام.
لكمم سعدت بالمرور على هذه الصفحة التي تناولت ترجمة للفنان الليبي محمد مرشان
الذي ادعو له بالشفاء فقد تناهى الي من خلال المذياع وعبر برنامج الاذاعي اللبق عبد المنعم سبيطة(ايام طرابلس ..،)ان استاذنا الجليل مرشان يعاني من مرض بالقلب هذا القلب الذي نبض بالحب للفن فاهدى روائع الاعمال التي شكلت جانب من وجداننا الفني و اثرت المكتبة الفنية الليبية من خلال مسيرة عطاء زهااء 60 سنة….ياليت اهل الاختصاص والمسؤلية يلتفتوا وقبل فوات الاوان الى هذه القامة الفنية ويتعهدوه بالرعاية التي تليق بشخصه الكريم على الصعيدين الانساني والفني….دمتم باحترام.