حوار مع القاص والروائي الليبي محمد المغبوب
الكتابة لدي هي عملية بحث متواصل
مسألة التعامل مع النقاد مسألة مزاجية
المرأة من أجمل الكائنات على الأرض وهي بعد الشمس مباشرة
حاوره: محمد القذافي مسعود
* أي وجه تبحث عنه في قصصك وجهي الذي أريد؟
– الكتابة لدي هي عملية بحث متواصل يقودنا عندما نفلح في الكتابة الجيدة التي تكون خالصة لوجه الكتابة إلى عملية بحث عن معرفة نحن ننشدها , أعتقد إني بهذا المفهوم , ابحث عن شيء افتقدته منذ زمان بعيد , وفي مكان أبعد , أو أنني أبحث عن شيء لم أمتلكه , ربما أبحث عن هدية ممتازة تليق بحبيبتي كي أقدمها لها , فقط لأني لابد أن أعبر لها عن حبي الذي يحمل المودة والوفاء والإخلاص.
وجهي الذي أريد ليس وجهي , إنه النوايا الطيبة , وجه الوطن الجميل , وجه الحياة التي أراها في المنام أحياناً , وأنا متيقظ الذهن , أحاور نفسي وأناقشها في أمور كثيرة . إنني سأحمد الله تعالى , إذا عثرت على ما أبحث عنه , وسأشكره أيضاً إذا لم أعثر على أي شيء.
أما مسألة الأكثر اكتمالاً ونضجاً , فهي متروكة للقارئ , وأنا لا أدري في أي مزاج يطالعني هذا القارئ الذي أقدره وأحترمه .
* توالت مجموعاتك تباعاً من وجهي الذي أريد حتى راقصة على وجع هل ثمة إضافة وتطور في نتاجك؟
– طالما أنني أحرك خطواتي إلى الأمام , فحتما ً أنني أقترب من الوصول إلى الهدف ولحظة الوصول هذه هي قمة هذا التطور , لأنني أحقق إحرازاً واضحاً في الطريق ..التطور هو من ضمن ما أبحث عنه على مستوى الشكل , وعلى مضامين حوارات القصص التي تشكل رؤى وأفكاراً , أما من خلال طرحها الأول , أو من خلال تكريس طرحها بزاويا عدة وقوالب متعددة .
التطور هنا , يعني أيضاً محاولات البحث عن تجربة جديدة في الكتابة القصصية , بإيجاد صيغ جديدة للربط اللغوي كاللعب على الاشتقاق , أو استعادة ألفاظ مهجورة على سبيل المثال .
أعتقد انهم التطور يشغل بال كل الكتاب للخروج من حالة الرتابة التي قد يلاحظها البعض في بعض الكتابات واحسبني من ضمن هؤلاء .
* كيف تعاملت مع النقد وهل كانت لك مواجهات ساخنة مع النقاد؟
– مسألة التعامل مع النقاد مسألة مزاجية في أغلب الأحيان وعلى مرمى مضي من الوقت فإن حركة الإبداع النقدي لازالت في طور التشكيل إنما يوجد من نقد هو حالة إنطباعية تخضع لمزاج وتبتعد عن المنهج .
جملة من الحالات الساخنة للمزاج بين المبدع والناقد لم تحدت على الشكل الذي نراه في بعض الساحات الأدبية العربية بما يثرى النقاش واستبيان الباطن , والكشف عن جوانب أخرى تطهر من خلال السخونة لأنها تفور بدرجة غليان عالية فتفرز ما يمكن افرازه وتقتل كل الجراثيم العالقة بين الأجزاء غير أن بعض الأقلام الجديدة يمكن لها ان تؤسس لحالة نقدية لحركة الإبداع يمكن هنا أن اذكر سمير الشويهدي , حسن الفيتوري , عبدالمنعم المحجوب , ومنصور بوشناف , إدريس المسماري , ومحمد الزوي على سبيل المثال لا الحصر.
* تناولت عدة قضايا اجتماعية في قصصك أين قضايا المرأة فيها؟
– المرأة من أجمل الكائنات على الأرض وهي بعد الشمس مباشرة إذا هي تمنح الضوء والدفء أيضاً فالمرأة هي هذا القلب الذي يمنحنا الحنان والمودة ويدخ الدم في شريان الطموح والأمل وهي القوة الدافعة ومصدر الإلهام ولا أذيع سراً حين أقول أن لا وجود لي بدون أمرأة هذه المرأة عبرت عنها ذات مرة في احد القصص وكانت استثنائية كما بدت لي بشكل قد يراه البعض مثالياً.
محاولة البحث عن هذه المرأة ومعاودة رسمها من جديد عبر تشكل أخر يلائم الحياة الجديدة هي محاولة أجدني أقوم بها في الواقع المختلف للمرأة في الكثير من بقاع العالم يجعلني اقدمه على نحو ساخر عنيف .
هذه المرأة العربية أود أن تكون على مستوى عال من الثقافة والفن , أناقة وعفة , علم وجمال , لان الحياة بدون هذه المرأة حياة سخيفة ليس لها من بهجة .
* بعد ثلاثة مجموعات قصصية أو يزيد ورواية واحدة هل تحدد اتجاهك في كتابة القصة ؟
– لا انوي السير في اتجاه محدد ولم اخطط للوصول إلى ناحية في القصة اوالشعر او الرواية , كل غرضي هو أن أقدم الجديد وان أقفز على المكرر , وأن أتي بصورة جديدة , أقصص الواقع وأرسم الأماني الحلوة والأحلام الجميلة عبر أفكار أعتقد ان الله سبحانه وتعالى يلهمني بها عبر لحظات الإبداع ودائماً في اعتقادي الجازم بأن المبدعين هم قبس من نور الله تعالى, ينيرون الدروب ويزيدون التأكد حد الإطلاق بأن الله أبدع المبدعين على هذا الأساس , فأنا أكتب قصة الحياة وهذه العلائق بين الكائنات جميعأ.
* في رأيك هل استطاعت الرواية الليبية أن تأخذ خصوصية منفردة بين أشكال الرواية العربية الأخرى؟
– الحديث عن الرواية يطول , وأختصر القول بأن الرواية الليبية متفردة , وتقدم الجديد , ولقد تميز إبراهيم الكوني , وأحمد إبراهيم الفقيه , وأحمد نصر , وأعلم بأن حسن الفيتوري له رواية جيدة لم تنشر , ورضوان بوشوشة له رواية لم تنشر , ومنصور بوشناف له رواية لم تنشر , وان عبدا لله الماي له رواية لم تنشر , وأحمد الفيتوري له رواية لم تنشر . مسألة النشر لدينا مسألة أرجو أن تحل .
* كيف برزت شخصية المثقف عندك ككاتب ؟
– المثقف قدمته بوجهه الذي أريد في أكثر من قصة : في راقصة على وجع وفي التمثال وأيضا في رواية أكتبها الآن , إنه المثقف المعايش للواقع بوعي حاد, وهو الذي يعاني هموم الوطن والمواطنة , إنني أتعامل معه داخل مرآتي التي أرى فيها وجهي وذاتي أيضاً.
* علاقة المثقف بالسلطة سؤال قديم جديد يعاد طرحه الآن في الساحة الثقافية العربية , أين تضع حدود هذه العلاقة ؟
– السلطة في العالم الثالث سلطة متخلفة جاهلة , أول عدو لها هو المثقف , فهو دائماً متشرد على طاولات المقاهي مرة , وسجين مرة أخرى , أو هو في وجهة مقابلة مكنظ برفاهية مفرطة وينقل من قصر إلى أهدافها.
* أسماء عديدة تشكل خارطة القصة الليبية : سالم العبار- كامل المقهور – يوسف الشريف – محمد المسلاتي واخرون , لا تكفي هذه الأسطر لذكرها , أين تضع نفسك ضمن هذه الخارطة؟
– مازال اسمي على حافة خارطة القصة الليبية , إنني أحاول الوصول الى لقب كاتب قصة وعندما سأصل , سأتوقف فوراً ولو بعد ألف عام وأرجو أن لا أصل . أنني أريد أن أمشي وأمشي حتى لاأصل.
* يقال إنك إتخدت من أسلوب “خالف تُعرف” وسيلة للوصول إلى الشهرة؟
– ليس هناك ما يدعوني للشهرة وهي لا تفيد في أي شيء كما يمكن الحصول عليها عبر عديد المنافذ والمسالك .
لاحظ أن الرقصة فيفي عبده أشهر من نجيب محفوظ وأن بولانكي أشهر من أنست همنغواي وأن نعوم كامبل أشهر وأكثر ثراء من طاغور.
نحن الكتاب والأدباء في ليبيا لا نسعى للشهرة ولا هي تعرف طريقنا وإذا حدث وتم اللقاء صدفة فإننا نرمي بها بعيداً كصدفة بحر صغيرة.
الشهرة هنا امرأة عقيمة لا تلد لنا المال ولا تأتي بالأحترام إلينا.
ما أكتبه يبدو مخالفاً للسائد وهو محاولة متواضعة جداً لأَتي بكتابة جديدة.
أكتب من أجل عيون بلدي التي في أحايين كثيرة تغضُ الطرف عَني , ربما لأن شكلي لا يعجبها .
أكتب من أجل العربي الليبي المسلم , أني أكتب وكأنني الكل في الجزء , لا يهمني ما يقال عني , يهمني ما يقال عن قصتي وقصيدتي وروايتي .
* هل استطعت تحقيق منفعة أدبية من خلال علاقاتك داخل المؤسسات الثقافية كالدار
الجماهيرية مثلاً؟
– علاقاتي الشخصية إنسانية بحتة ولم أمارس حالة الانتهازية ومنها الدار الجماهيرية التي أصدرت لي كتابين فقط , بقت في أدراجها أكثر من عشر سنوات وبمكافأة لا تسد لي حاجة فقط مصروفي الشخصي من قهوة وتبغ وبنزين …الخ.
أنا مثل غيري مجرد كاتب ولست مقاولاً له علاقات مع لجان العطاءات , أو مورداً للسلع له علاقات مع مدراء الشركات والمصارف.
كاتب يحب طرابلس ويعشق ليبيا ويجزم أن الثورة قادرة على تغيير العلقم إلى شهد.
* لماذا هاجمت رابطة الأدباء والكتاب بمقالتين في صحيفة الزحف الأخضر ؟
– ليس لدي ما أهاجم به أي أحد تقريباً , فقط انتقدت أداءات الرابطة وتصورت أنها قادرة على تفعيل عملها من أجل سيادة الثقافة التي تُغير من نمط التفكير والسلوك معاً.
ثقافة جديدة تتوافق وطرحنا الشعبي كي نعيد صياغة الواقع ليصير الأبهج والأبهى والأدهش والأروع.
أن تساهم الرابطة في تفعيل المراكز الثقافية في الخارج التي تُدارُ من قبل عناصر لا علاقة لها بالثقافة.
أن ترسم السياسة الثقافية للبلد أن يصير للكلمة قوة تهدم البائد وتبني الجديد , أن تؤسس للكاتب مكانته الطبيعية له.
أن نعقد الندوات الفكرية العالمية لنصل إلى العالم ونؤثر فيه من خلال رؤانا الجديدة ومن نافذتنا نحن.
أن نسهم في الكثير من الفاعليات عبر حوار صادق ورزين.