وما الدهر في حال السكون بساكن لكنه مستجمع لوثوب.
ظل سي وناس يغالط ويخطي في الجمع بين التاريخ والاجتماع وتعسف في الإسقاطات بينهما علينا كثيرا ولم نعد نعرفه باحثا أو مؤرخا أو عالم اجتماع أو (بتاع كله). فضيع التاريخ وفقد الاجتماع والمصداقية العلمية أيضا ولاحت تناقضاته على الدوام، فمثلا في كتابه السابق الذي أصدره عام 2000 في تونس عن السلطه والمجتمع في ليبيا أشار إلى أن هناك نشاطا جمعياتىا في ليبيا العثمانية والإيطالية وتطور ذلك النشاط فى مرحلة الاستقلال وعزز ذلك بوثائق في الملاحق ضمت القوانين الصادرة في هذا الشان، ثم في ليبيا التى رأها الآن لحس ذلك كله ونسفه نسفا عندما أكد أن ليبيا منذ 164 عاما لم تشهد ذلك العمل، وحتى وإن وافقه البعض في بعض تحاليله الركيكة والمكررة والمقززة مرات كثيرة فإن ثمة أكاذيب ظلت تطل برأسها وتحتاج إلى قناعة من الصعب الوصول إليها، فما يؤكده من جهد وتعب ومشقة في إنجاز ما رآه ينهار دفعة واحدة أمام تلك الأكاذيب:
أولها: قوله (وفعلا ففي سنوات قليله حفظت عن ظهر قلب أسماء السياسيين والوزراء والإعلاميين والأدباء وبدأت أتعرف تدريجياعلى البنية القبلية في المجتمع الليبي).
وثانيها: قوله (اشتغلت أكثر من 26 سنة حول المجتمع الليبي تمكنت خلالها من زيارة جل مدن ليبيا وبلداتها وقراها في الوسط والصحراء والشريط الساحلي وجمعتني الصدفة بعديد الليبيين الخدومين الذين قدموا لي شتى أنواع المساعدة).
وثالثها: قوله (إنني أذكر ما حصل لي في صائفة 1995 من قبل مدير مركز الجهاد على أثر حصولي على وثيقة مهمة حول الحركه السنوسية، فإذا به يرسل أحد الموظفين لينتزعها غاضبا من يدي في قلب شارع أول سبتمبر).
من يصدق ذلك إلا يحرص على وضع أوراقه أو ما يحصل عليه من وثائق في حقيبة أو مظروف والانتزاع ألا يؤدي إلى التمزيق وهل يحدث ذلك بسلام في الشارع أي باحث هذا يكذب علينا.
ورابعها: قوله بعد صدور كتابه عن الجمعيات في ليبيا (دعاني موظف ص ش بالمندوبية الليبية في تونس قصد تبادل الحديث، وإذا به يوجه إليَّ الكلام بلهجة حادة ويتهمني بأن كتاباتي حاقدة على منجزات الثورة الليبية، وبأني أريد النيل منها ولم يكتف بهذا بل عبر عن استعداده لمخاطبة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي شخصيا زاعما امتلاك هاتفه الخاص، فأجبته بأنني لا أعمل في بيت بن علي ولا في مزرعته الخاصة، واقترحت عليه أن يخاطب بن علي الآن أمامي وسأرد عليه بالطريقة ذاتها ولا أخشى البتة بن علي، ولا أكاد أشك في أن الأمر برمته رفع إلى الأجهزة الأمنية الليبية، وهذا ما يفسر المراقبة الأمنية التي بدأت أحس بها انطلاقا من سنة 2002 إلى غاية 2010 فأينما حللت يصادر جواز سفري، وفي إحدى الليالي فتحت باب غرفتي في نزل ببنغازي صدفة ووجدت من يتنصت علي فبمجرد أن رآني بادر بالانصراف راكضا).
وتخيلوا فقط كل هذا الهراء.
خامسها: قوله (إن اللواء عبدالفتاح يونس قتل يوم 28 يوليو 2011 بصحراء اجدابيا حوالي 165 كيلو مترا عن بنغازي).
سادسها: قوله (لقد تابعت بانتباه كبير وعلى امتداد عقود حركة اللجان الثورية الحزب غير المعلن رسميا، وأمعنت القراءة في مرجعياتها السياسية وحللت مضامين بياناتها السياسية المتعاقبة، وحاورت حتى بعض قيادات هذه الحركه وناقشني بعض المثقفين الليبيين في مآلاتها خاصة بعد 2004).
سابعها: قوله (بعد فبراير طلب لقائي عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين. كان الخطاب الطاغي آنذاك هو خطاب الحرب بلا هوادة. حاولت أن أقنعه بأن الحل السلمي هو الأفضل أخذا في الاعتبار بعض المعطيات).
ثامنها: قوله (بعد جلسات حوار أربع توصلت إلى استنتاج أنه لاتوجد رغبة حقيقية في السلم فى ليبيا. تأكدت من كل ذلك حينما هاتفني دبلوماسي أوروبي في الأسبوع الثاني من شهر مايو 2011 قائلا. إننا لم نستمع البتة إلى نصائحك وعلى الرغم من الخبرة الميدانية ما سألتني الدولة التونسية في يوم من الأيام معلومة أو مشورة الأمر الذي يؤكد الهوة السحيقه بين الباحث وصانع القرار).
تاسعها: قوله (إن المجتمع المعطل الذى نعتمد عليه في إجراء حفريات تحليلية في عمق كيان الأزمة الليبية، هو محصلة عمليات تفكيكيه سريعة وفجئية ولكنها ناجعة، بدليل أن الكفاءات والمؤسسات التي تكونت في العهد الملكي تلاشت بسرعة دون مقاومة تذكر، في حين كان البعض يتوقع حربا أهلية مثلما حصل في كاتنغا وليس ذلك بغريب من الناحية السوسيولوجيه، طالما أن النظام الملكي كان مسيطرا عليه من قبل نخبة من شيوخ القبائل ووجهاء المناطق الريفية وأعيانها الذين هيمنوا على أغلب مفاصل الدولة الوليدة، وراكموا الثروات جراء التربح من استغلال نفوذ الواقع الإدارية والسياسية).
ألم يكرر بأن العهد الملكي لاتوجد به مؤسسات.
عاشرها: قوله (وقد تترجمت ثقافة التعطيل في هيمنة الشرائح المتوسطة والفقيرة من الطبقة الوسطى على مفاصل الحكم، مع أنها طبقة مثلما تعرفها الأدبيات الماركسية رجراجة اقتصاديا واجتماعيا متطلعه دائما إلى مواقع البرجوازية، بدليل أنها انحازت إلى انتفاضة فبراير حرصا على تموقعها الطبقي، وينضاف إلى ذلك أنها غلبت البدو على الحضر وخلقت نتيجة لذلك فتنا ثقافية بين المكونين الأساسيين في صلب المجتمع، فانضافت إلى جغرافية الأحقاد أحقاد جديدة بين البدو والحضر التي وجدت في فرصة 17 فبراير مساحة سياسية وثقافية للتعبيرعن نفسها)
وهكذا يترجرج وناس.
حادي عشر: قوله (نتابع يوميا باهتمام تطور أوضاع إقليم فزان وصراع القبائل فيه وخاصة صراع أولاد سليمان والتبو وذلك عن طريق بعض الوجهاء وبيننا في هذه المواقف اعتمادا على معلومات استقيناها منهم)
(جاك الخير) يافزان من وناس أين الخارجية أين الدولة فى ليبيا ومن هو حتى يتابع باهتمام موضوع فزان ومن وراءه هذا الوناس؟
الثانى عشر: قوله (لقد كانت سبها تشجع نخبتها النشيطة فى بداية القرن العشرين التى ستعمل على الاستثمار مستقبلا في معارضة الملك ولذلك فهي مفصل مهم في تاريخ ليبيا الحديث والمعاصر ولذلك يكون مفيدا أن نشير أيضا إلى أن البعثيين كانوا متمركزين في الجيش وفي الأجهزة المخابراتية وفى الحياة المدنية على رغم من قلة عددهم)
انظروا إلى سبها فى بداية القرن العشرين ثم إلى الجيش المثقل بالبعثيين فى لحظة واحدة من سبها إلى الجيش والبعث ماذا يريد بالضبط من فزان ومن سبها بالتحديد
وماذا يعنى بذلك وإلى أين سيصل؟
الثالث عشر: وهي كذبة الكذبات العريضة قوله (إن الجيش الليبي في العهد الملكي كان مسيسا على شاكلة الجيش المصرى على الرغم من الفوارق).
الرابع عشر: قوله (إن القذافي أوضح للضابط الاستخباراتى المصري وممثل عبدالناصر فتحى الديب بأننا بحثنا عن عائلة محمود المغربى فى الجبل الغربي فلم نعثر لها على أي أثر فهو إذن ليس ليبيا حسب رأي القذافى)
وهذا الكلام الذي يأتي به هذا الوناس يدل أنه سمع بكتاب فتحى الديب (عبد الناصر وثورة ليبيا) الصادر فى القاهرة عام 1986 دون أن يقرأه ففي صفحة 72 منه يؤكد الديب بأن هذا الكلام ورد فى نقاش له مع المقدم آدم الحواز عن محمود المغربي.
فكيف يستقيم الحال مع هذا الباحث الذى يمتليء جهلا وادعاء وهذه النقاط فى مجملها تبين العديد من المغالطات والتناقضات وتحتاج إلى الغربلة والتمحيص والتدقيق وأن الكثيرين سوف لن يسايرونه فيما مضى إليه.
ان هذه التحليلات منه غير منطقيه وتجعل كتابه ينهار أمام الجميع من الدور الأول.
خاتمة الكلام :
إن التاريخ قد يعيد وقائعه وتفاصيله بصورة واضحة خاصة التاريخ الردي للجواسيس والمرتزقه ففي عام 1896 وصل إلى الأراضى الليبية من سبق وناس فى ذلك في العمالة لفرنسا وخدمتها وصل عثمان الحشائشى وجال فى بنغازي والكفرة ومرزق ونشر كتابه الرحلة الصحراوية ضمنها مشاهداته في تلك الربوع وتكاد تكون تقارير إلى فرنسا التي ظل عينا لها ويشيد بها فى تمدين تونس واحتلالها وكان تلميذا مطيعا ومنتميا عن جدارة للفرنسيين وقد حاول مقابلة السيد المهدي السنوسي في الكفرة لكن السيد رفض لأن وراءه شيئا ما كما يؤكد السيد أحمد الشريف ذلك فى مخطوطه الشموس الشارقة لقد كان مع عمه السيد المهدي في الكفره وقت زيارته ثم لاحقا وضع الحشائشي كتابه الآخر جلاء الكرب عن طرابلس الغرب.
فرنسا منذ زمن عينها على المنطقه وعلى ليبيا وتستخدم مثل الحشائشى ووناس الذي وصل إلى ليبيا بعد تسعين سنة عام 1986 وواصل مهام الحشائشى بالتقارير والوشايات والأكاذيب الحشاشي ووناس وجهان لعملة واحدة وحتى بعض الباحثين التونسيين المشهورين مثل الأستاذ محمد المرزوقي رحمه الله نظروا للحشائشى بالريبة والتوجس ووصفوه بخدمة فرنسا والعمالة لها والجواسيس يتواصلون ولاينقطعون تحت ستار البحث والكتابة في التاريخ والأدب والاهتمام بالفنون وطبيعة المجتمع ويحاولون اللعب أو الضرب على الأوتار الحساسة فى الفتن وتمزيق الشعور الوطني والوحدة الوطنية ويراكمون السلبيات ويتجهون نحو الجوانب المظلمة في التاريخ بدلا من استخدام نقاط الضوء الإيجابية.
هذه مشكلة بعض النخب العربية والمحلية المتعلقة بهذه الأوهام والمصطلحات وتغرم بالتقليد وتشوه شخصية بلادها وتاريخها لإحساس ينتابها بالدونية والنقص والمرض.
فلماذا نترك الأجواء متاحة لأمثال المنصف وناس الذي اقتفى أثر الحشائشي تماما ونتمسح به ونلعق حذاءه ونلهث وراءه، وكأنه المنقذ أو من يمسك لنا بالذئب مع ذيله لماذا لانغلق أفواه أمثال المنصف ونرد عليه ونعلمه الأصول ونبلغه بأن جدارنا ليس قصيرا أو هشا وأننا نفهم ونعي رغم مافي تاريخنا من سلبيات كل شيء وأننا نستطيع نقد أنفسنا وكتابة تاريخنا دون عمالة أو رزالة لماذا لانعلم وناس وغيره من النخب الرديئة والكريهة تاريخنا ونجعله يحترم نفسه ويحترمنا ويحترم تاريخنا ويلزم حدوده لماذا لاتتحرك ليبيا وأجهزتها الرسمية الموجودة الآن كيفما اتفق وجامعتنا ومراكزنا العلمية ومن يعقدون الندوات فى تونس وغيرها صوب هذا الوناس وتحجمه وتشعره بتفاهته أمام ليبيا وتاريخها ورجالها لماذا لانقول له اهتم بتاريخك فقط ولاتكذب علينا ولاتلعب بالتاريخ لاتلعب بليبيا لأنها أكبر منك ومن تفاهتك وأكبر من كل من يجاريك أو يقلدك أو يلهث وراءك من نخبنا المسكينة أو غيرها.
المنصف وناس لاتستغل ظروفنا الحالية فقد نكون مهيضى الجناح الآن لكننا سوف ننهض من الرماد رغم كل شيء واعلم أن ليبيا حائطها ليس قصيرا ويصعب على الكثيرين النط عليه!.
_________________