رواية أرجوكم لا تسخروا مني!!
طيوب عالمية

أرجوكم لا تسخروا مني!!.. بين النبذ والإيذاء الجسدي والنفسي للطلاب

رواية أرجوكم لا تسخروا مني!!
رواية أرجوكم لا تسخروا مني!!

أرجوكم لا تسخروا مني ، رواية اجتماعية تسلط الضوء علي المشاكل التي تقع علي الطالب من قبل زملاؤه ، في غياب معرفة المدرسين بهذه الممارسات و العصابات الفصلية التي يتخذها بعض الطلاب كنوع من التغطية علي فشلهم الدراسي و محاولة السيطرة علي الفصل ومنع الطلاب الإيجابيون من التفاعل مع مدرسيهم في الفصل و عقاب كل من لا يتماشي معهم في هذه المجموعات الفصلية بالنبذ و الايذاء النفسي .

و في توطئة لي أقول أن مراحل الطفولة مهمة جداً في عمر الإنسان وهي الفترة التي من خلالها  تترك الأثر  الغائر وتنقش في الذاكرة  أشياء  كثيرة  من شأنها  التأثير  على بناء شخصية في مراحل  متقدمة من حياته العملية والعلمية وكيفية تعامله مع الآخرين من خلال تصرفاته  ما أن كان واثق  الشخصية أم لا.

الذكريات كما أسلفت تشكيل حياته  المقبلة  وما يترتب عليها من أشياء كثيرة وعرضي  هنا لأحداث رواية ” أرجوكم لا تسخروا  مني” هذه  من الروايات  التي أنصح كل والدة أن تقرأها لما فيها من  حقائق عما يحدث في المدارس  وداخل الفصول تحديداً.

وبما أن هذه الرواية قد تطرقت إلى قصة معاناة لفتاة في مراحل دراستها الابتدائية وحتى الثانوية، وفي تناولها وسردها لحكايتها مع تلاميذ الفصول  والعصابات الفصلية التي تساهم  في عملية  اختلاط  الطالب من عدمه عن انسجامه  وتطبيقه لقواعد المجموعة وانتمائه لها.

هذه الرواية التي تعتبر أدب  لسيرة ذاتية  تحكي  قصة  مراهقة وهي جودي بلانكو كتابتها  وسردها لمعاناتها  الحقيقية  التي تحملتها وأثرت  على سير حياتها  بالكامل بالرغم  من نجاحها بعد ذلك في تحقيق  ثقتها بذاتها إلا  أن فترة المراهقة  الصعبة التي تعرضت  لها بقيت موجودة  بذاكرتها بشكل لا يمحى.

فنقلتنا جودي بلانكو منذ اللحظة الأولى إلى حياتها بكافة التفاصيل  لنعيش معها  ونشعر بمعاناتها ، تحكي بعمق  ما تعرضت له  من مضايقات سخرية في الفصل الدراسي من قبل أصدقائها لدرجة النبذ ودخولها بحالة  نفسية مزرية وصعبة  من خلال  محاولاتها الدائمة لكسب حب زملائها الذين معها بالصف إلى جانب عدم ثقة والديها فيها من خلال اعتقادهم الخاطئ كونها  هي من لا تتكيف أو تتأقلم مع زملائها بالصف كونها  وحيدة، ومن ناحية زملائها لا توجد  مشكلة غير كونها  محبوبة لدى مدرسيها  وذكية وتجيد حفظ فروضها وواجباتها المدرسية . وذات شعبية محبوبة لدى كل من يقابلها من أعضاء التدريس بالمدرسة وكردة فعل من زملائها على تفوقها الدراسي تعاني الأمرين من سوء معاملتهم لها لدرجة الإيذاء الجسدي في حال عدم تماشيها مع قوانين زملائها وتراجعها في دروسها مما يضطرها في بعض الأحيان إلى رفض الإجابات عن الأسئلة التي يقدمها لها الأساتذة لها لكسب ود زملائها ولو لساعة من الوقت… ولكن ما أن تهفو منها حركة واحدة إيجابية تجد نفسها بعيدة عن مجموع الزملاء ومنبوذة من خلالهم.

تدخلها هذه المعاناة في رحلة انتقال من مدرسة إلى غيرها من أجل أن تتأقلم مع زملائها في الصف الجديد والبحث عن مناخ جيد داخل الفصل أو المدرسة التي تنتقل لها ولكن الكرة تعاود من جديد وفي كل مدرسة كانت بمجرد إبرازها لمواهبها الدراسية أمام مدرسيها ينقلها الطلاب إلى قائمة المنبوذين فوراً.

الصدق في المعاملة ـ الإجابة عن الأسئلة التي يوجهها الأساتذة ـ المثابرة في دراستها داخل وخارج في مقابل هذه الأشياء كانت تتحصل على البصق ـ العقاب البدي ، التجاهل.

تقول “عند وصولي إلى المنزل بعد المدرسة، أتشاجر مع أمي ،أشعر بإحباط وتعب شديد من سماع عبارة “تفوقي على كل شيء” ما أريد فعله حقاً هو إلحاق الأذى بأحدهم،  تصر أمي  ! “أريهم مدى قوتك من خلال تجاهلهم”.

لقد كان لشكل جودي العادي المقارب إلى القبيح نصيب في زيادة عذابها كذلك الأذى الجسدي الذي يمارس عليها من بصقة في الوجه أو إلصاق الأشياء المقرفة أو العلكة في شعرها جميعاً  أشياء تغضبها بشدة تتمنى من خلالها افتعال الأذى في زملائها تتمنى أن تنتقم ولو مرة واحدة من هذه الأفعال.

تستمر معاناتها في عدم التأقلم من خلال سردها ليومياتها في المدرسة وبإصرار والديها على أنها تمتص وتسيطر على غضبها وعدم دراية مدرسيها لهذه المضايقات تحدث سوءاً في نفسيتها إلى  أن تنتقل إلى الجامعة وبهذه المرحلة تقل المضايقات لأنها مرحلة أكثر نضجاً لها وللطلاب الذين معها وأقل احتكاكاً من مقاعد الفصول في الإعدادية والثانوية.

وتسرد بلانكو كيف نجحت في حياتها العملية بعد كل هذه المعاناة  إلا أن هذه المشاكل ومنذ تعرضت لها قابعة في ذاكرتها لا يمحوها شيء، ذكرى راسخة في عقلها وقلبها، فمن  خلال حفل خاص لمدرستها الثانوية تلتقي بزملائها في الثانوية الذين سببوا لها الأذى وهم فرحون بها يضحكون معها بدل السخرية منها.

حيث تقول لإحدى صديقاتها إنها لم تكرهها وأخرى لم تنسها غير أن المعاملة السيئة بقيت  تتردد في ذاكرتها ولم يمحها التأسف وتنضم إلى أصدقائها الذين لا يستطيعون إيذاءها بعد الآن.. قالت في إحدى الفقرات “لا  أتمنى حياتي السابقة لأحد ولكنها حياتي، إن الألم الذي عانيته خلال المراهقة مدني بالقوة وعلمني حقيقة ذلك القول المأثور الرائع: عامل الآخرين كما تحب أن تُعامل”.

هذه الرواية بها الكثير من المواقف المؤثرة والمحزنة والتي تحدث لأي كان بإمكانية تسعين بالمئة في الفصل الواحد وتفتح أمامنا حقائق قاسية وعواقب طويلة المدى لإساءة معاملة الآخرين ويمكن أن تساعدنا هذه الأحداث على محاولة توخي الحذر في تعاملنا مع المراهقين في المدارس وكيفية حمايتهم من الإيذاء داخل الفصل من خلال طرق تعليمية واجتماعية خاصة وتزيد من محاولة تفاعل التلاميذ بشكل متوازن داخل الفصل الواحد والمدرسة ككل.

مقالات ذات علاقة

«ذي إندبندنت» تُصدر عددها الأخير

المشرف العام

مان بوكر تعلن قائمتها القصيرة الثلاثاء

المشرف العام

التـوكتـوقـراطـي أحمـر

آكد الجبوري (العراق)

اترك تعليق