عبدا لواحد حركات
كان يفترض أن يبتكر العرب نظام حكم ” بدوقراط ” خاص بهم.. يناسب ثقافتهم وموروثهم الاجتماعي.. ويعكس الهوية العربية بتفاصيلها.. بدل التخبط بين أنظمة حكم مستوردة..!!
فالدبلوماسية العربية تشطح باتجاه بعيد جد عن متطلبات الإنسان العربي، وهنالك لا وفاق دائم بين إنسان الشارع وإنسان الكرسي في عالم العرب الممتد من حواف الخليج شرقاً إلي حواف الأطلسي غرباً.. فقد تعود العرب في الشارع الانتماء إلى تاريخهم والي أوطانهم، ولكن عرب الكراسي تعودوا الانتماء إلي معسكرات أخرى، أو الانتماء إلي مصالحهم.. فقط يشترك عرب الشوراع وعرب الكراسي في شرب البترول.. والانكسار.. !!
مع العرب فشلت كل أنظمة الحكم المعروفة.. بداية بالبيروقراطية إلي الديمقراطية الحزبية.. لأنها لا تناسب المفاهيم ولا المعتقدات العربية.. فالمشكل العربي ليس مشكل سياسي، لان العرب مازالوا يقبلون النظام الوراثي تحت أي مسمى.. ولازالت العقلية العربية تعظم الانتماءات القبلية وتقدرها.. فالمدنية العربية تختلف عن المدنية في المجتمعات الغير عربية وكذلك الحزبية في الدول العربية تختلف عن الحزبية في الدول الأخرى.. فالدول العربية لم تكون أحزاب بل استوردت أحزابها من الخارج.. من أوروبا وأمريكا والاتحاد السوفييتي سابقاً.. لذا فشلت الأحزاب في العالم العربي وغلبت الانتماءات الاجتماعية على باقي الانتماءات الأخرى.. !!
.. الدبلوماسية العربية مجندة ومكرسة للحفاظ على كراسي الحكم والحكومات ” النجوعية “.. والقضايا العربية بمجملها تعتبر قضايا ثانوية لأصحاب الكراسي والعروش المتوارثة.. النفط العربي هو السبب في بقاء الحكومات العربية واستمرارها الوراثي.. وهو سبب الشتات العربي.. فمصالح الحكام العرب وعائلاتهم تتعارض مع جميع الأفكار القومية والوحدوية.. وقد كان عبد الناصر آخر حكام العرب المطالبين بالوحدة العربية.. ربما كان عدم وجود البترول في مصر حينها هو سبب اختلاف رؤى عبد الناصر عن باقي العرب الذين ارتبطت مصالحهم مع شركات البترول، وأصبحت لهم غايات أخرى يخدمها وجودهم على كراسي الحكم..!
.. عرب الكراسي اليوم اقتحموا نظام التكنوقراط ولكن باسلوب مغاير لمفهوم التكنوقراطية المعروف منذ عام 1932.. فالحكومة التكنوقراطية تستخدم في حالة الخلافات السياسية.. وهي لا تعتمد على الانتماء الحزبي أو القبلي بل تعتمد على الاختصاص وتتجنب في العادة الانحياز إلي أي موقف.. إلا أن حالة الخلاف الدائم التي يعيشها العرب جعلت من التكنوقراطية مجرد موديل خاضع للتحسينات والتغييرات العربية وفق ما يلبي احتياجات عرب الكراسي ومصالحهم.. ووصول العرب إلي فكرة التكنوقراطية جاء باسلوب مشبوه فالعلماء المفترضون والنخب المتعـلمة والمثقفة أنتجتها واحتكرتها العــائلات الحاكمة وأصحاب النفوذ.. أي أنها محصورة في عرب الكراسي وأشياعهم فقط.. فالتعلم والثقافة متاحة في الأغلب لأصحاب النفوذ دون غيرهم.. والريادة أو التميز مقصور فقط على من ينتمون للحكام سواء اجتماعياً أو فكرياً.. وهكذا أضحت التكنوقراطية العربية امتياز خاص للحكام.. وأصبحت هي أيضاً وسيلة لتأكيد مبدأ وراثة الحكم المعروف..!!
سياسة العرب لا يمكنها أن تخالف الفكر العربي.. وتطوير الفكر العربي ينبغي أن يتم ضمن منظومة المعتقدات والأعراف المتوارثة، وان يناسب واقع العرب.. !!!
وإذا كان لابد للعرب أن يكونوا عرب.. أي أن يعيشوا وفق منظومة الأعراف والمعتقدات الموروثة عليهم أن يبتكروا نظام يلبي متطلباتهم البدوية والعشائرية والقبلية ويحقق التوازن المطلوب.. وان يتعلم الجميع مما حدث في العراق وفي غزة.. !!!