حازم خيري – مصر
“لا تمت قبل أن تكون ندا”
غسان كنفاني
لا أعجب من ربيعنا العربي – خاصة المصري -! نسائمه استخباراتية خانقة، الأحداث تقع وكأن “لهوا خفيا” يقف ورائها، مما يشيع جو العماء والشلل الفكري!
ربيع ما بعد الحرب العالمية الثانية – أو ما يعرف بثورات الاستقلال الوطني في منتصف القرن الماضي -، صحيح انه أيضا لم يكن تنويريا على النحو المنشود، لكن أظنه كان أقل من ربيعنا استخباراتية وغموضا واشاعة للعماء والشلل الفكري.
ولا أدري أنتحرك إلى الأمام أم إلى الخلف؟! فمع كل موجة ثورية تفقد مجتمعاتنا المزيد من رأسمالها الحضاري، رغم تغني أصحاب المصالح – وهم كثر – بعظمة القادم، فضلا عن هرولتهم إلى الواقع الجديد، دون حرث لتربة حضارية آسنة ودون اجتثاث لجذور ظلم وفساد مزمنين ودون تقويض لفساد وترهل المؤسسات القائمة.
حدث هذا مع ثورات الاستقلال الوطني ونراه يحدث اليوم على نحو ربما أكثر ضراوة واستهانة بحق شعوبنا – شبه الميتة – في المعرفة والفضيلة. ناهيك عن وقوع ربيعنا العربي في قبضة قوى السوق الكونية، بكل غطرستها واستهتارها بالقيم والمثل العليا وكذا بأرواح أبناء شعوبنا المستضعفة واعتبارهم محض فائض عن حاجة الحياة.
اللاعنفية لم تثمر كثيرا، ليس للاأخلاقيتها فحسب، وإنما أيضا لعدم اتساقها مع طبائعنا، من جهة قسوتنا وعبادتنا للقوة والنجاح وعدم احترامنا للضعف والفشل..
رجال الأعمال وأنصاف رجال الأعمال، أغلبهم يعيثون في ربيعنا العربي تخريبا، هم ليسوا بمعزل عن نفوذ وسطوة قوى السوق الكونية في عصرنا العولمي، يدللهم الفرقاء جميعهم، بينما هم يتاجرون بالألم ويقتلون الحقائق بحرائق يشاركون في تأجيجها.
نحن نسير في الطريق الخطأ!