طيوب عربية

سماواتنا وقاذفات الموت

(مهداة إلى فرانز فانون)

حازم خيري – مصر

“بامكان الضربات الجوية المعادية افقادنا احتياطياتنا،
لن نستطيع مواجهتها بالمتفجرات”
من أوراق وجدت في مكان اغتيال بن لادن

الأمريكيون يجيدون قراءة خصومهم، ولا يجدون صعوبة تذكر في بناء مشروعية أخلاقية “مفبركة”، ينطلقون منها لتبرير إراقة دم الخصوم والشعوب المستضعفة. كتابات استراتيجييهم وساستهم واقتصادييهم تشي بأن غير الغربي هو فائض عن الحاجة(!!)، ليس ثمة مشكلة في اراحة الحياة من عبء وجوده.

الغربي برأيهم الأحق بالحياة والأقدر على اثرائها ودفعها للأمام، في مواجهة برابرة الأرض ونحن منهم! نجد ذلك في مأثوراتهم الاستراتيجية، ففي تبريرهم لتفويض العسكر وملوك الاستبداد لحكم منطقتنا بالوكالة ما بعد الحرب العالمية الثانية، يزعمون أن الضرورة اقتضت حماية الحقائق بالأكاذيب، لهم الحقيقة ولنا الأكذوبة!

هم أيضا يفاخرون بمكافحة النار بالنار. نيران تخلفنا – برأيهم – لا تواجه إلا بنيران تكريس الظلم والفساد في أرضنا، لادامة خروجنا من التاريخ وابقائنا مسوخا نقتات بالألم وخبز الاحسان! فضلا عن حرصهم المحموم على تلويثنا بنفاياتهم الفكرية، فلاعنفيتهم اللاأخلاقية وإرهابهم الاستخباراتي وافسادهم المنهجي لذمم المتعاملين معهم وانتاجهم الحقائق بما يخدم مصالحهم..كل هذا نراه عندنا اليوم.

الأمريكيون خلصوا من حربهم مع الإسلاميين إلى وجوب تجنب المواجهة المباشرة والاكتفاء بقاذفات الموت – خاصة الطائرات بدون طيار –. الأمريكيون يلوثون سماواتنا بقاذفات الموت ويخضبون أرضنا بدماء الأبرياء، وفي مقدمتهم شباب الإسلام السياسي – الوجه ربما الوحيد الحي لحضارتنا الاسلامية اليوم -.

في خطاب ألقاه في كلية الدفاع الوطني، وصف الرئيس أوباما هجمات 11/9 بقوله: “لم تأت جيوش لشواطئنا، قواتنا العسكرية لم تكن الهدف الرئيسي، بدلا من ذلك، مجموعة من الارهابيين جاءت لتقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين”.

عنصرية الأمريكي أوباما تبدو عارية، حزين لمقتل المدنيين في بلاده – وأنا أشاطره الحزن -، غير أنه مستريح الضمير لمقتل المدنيين في منطقتنا. سوريا تشهد شلالات دم، وكذلك مصر وباكستان وأفغانستان والعراق واليمن وليبيا وفلسطين..

أوباما ذو الوجه الأفريقي يحمل في صدره ضمير الرجل الأبيض، لهذا استخدمته أمريكا كغطاء لاقتلاع الشوك – والذى هو غرس يدها – من منطقتنا!

يرفض الغرب دفع نصيب جاد من فاتورة الربيع العربي. “مجموعة من الأفكار الكبيرة وحفنة من الدولارات، هي كل ما يمكن أن نسهم به في فاتورة اقتلاع الشوك من أرضكم”..هكذا يتكلم الرجل الأبيض بينما يلعب الجولف في مزرعته!..

مقالات ذات علاقة

الشعر .. وما أدراك ما الشعر؟

المشرف العام

الرسالة الثامنة والأربعون: لماذا أنا ضائعٌ إلى هذه الدرجة من البؤس؟

فراس حج محمد (فلسطين)

علاقة الرواية مع الدراما

نعمان رباع (الأردن)

اترك تعليق