رواسي إعشيبة
لم تكن قراراتنا نابعة من دافع الشّغف الذي يكسوا داخلنا، لم تكن تعبّر عن ذواتنا، لم تكن كل اختياراتنا هي تلك الغيمة التي رافقتنا منذ الصّغر حتى الكبر، لم نحقق شيء من تلك الأحلام تائهة الطريق بل كانت أغلبها اختيار أشخاص غيرنا فرسمت طريقاً مليئاً بالعثرات، غليظ المسلك..
لم تكن الدّمية التي اقتنتها أمّي لأجلي وأنا ابنة الثّامنة حينها من اختياري، كانت رغبتي امتلاك تلك السّيارة الصّفراء ذات جهاز التّحكم، ولم يكن حلمي أن أكون راقصة باليه محترفة، بل كان حلمي أن أتعلّم السّباحة بمهارة، هناك الكثير والكثير مما نتمنى لكنّه القليل مما نصبح عليه!
نمتلك أجنحة متينة وقوية حين نسعى ونحلم بمستقبلنا، نرى المرَّ عسلاً، نصبح نحلق بها بعيداً في مخيّلتنا، نخطط لأدق التّفاصيل لنصل إلى العنان ناجحين وفخورين؛ إلاّ أننا ننسى تفصيلاً واحداً ألا وهو المجتمع، تقبّل الأهل لهذه الأحلام، موافقة التّقاليد يا ترى هل تتماشى أم غير مسموح لنبدأ المسير فهذا مناسب للرجل والآخر غير مناسب للأنثى.
فالكثير منّا تبتر أجنحتهُ قبل أن تبدأ التّحليق والقليل من تصل بهِ حدّ العنان.
هكذا سلبت حرّيتنا من الاختيار في كل مرّةٍ قرّر فيها غيرنا مصيرنا من خلال غرس أفكارهم ومعتقداتهم في جوف عقولنا ونحن لا زلنا أبرياء في مهد طفولتنا فتنمو تلك النّبتةِ شيئًا فشيء حتى نصبح نسخة من أفكارهم.