طيوب البراح

أفقدته عقله!

موسى الفاخري

من أعمال التشكيلي عادل الفورتية
من أعمال التشكيلي عادل الفورتية


فيما مضى، كان هناك شاب يمتاز بالتفكير العقلاني الإيجابي، ولا يعرف إلا الفكر الصحيح الذي يجعلهُ متوافقاً مع نفسه وعقله، يميزه تفكيره بالقوة والصحة النفسية، وكان من أكثر الأشياء التي لا يفكر بها الحب ويعتقد في مخيلتهُ أنه أشبه بالخطأ العقلي والأخلاقي كذلك، وكان سنين من عمره مسيطراً على قلبه..

حديثهُ مع عقله يجعلهُ دوماً يتفوق على كل جميلة ترق لها عينيه ويتراقص القلبُ لها، وكان عقلهُ يرجعه إلى الطريق الصحيح كلما تباعد بأفكاره بعيداً..

وذات يوم كان مع أصدقائه جسمانياً فقط، وكان حين ذاك يتحدثُ مع أفكارهُ بشكل منطقي في أمر ما، ناظراً أمامهُ مباشرةً وفي حالة سكون شديدة.. فجأة تظهر أمامه زنبقة جميلة، فتاةُ بها طلةً مغناطيسّية لم يسّبق أن رآها، تقتل عقله وأفكاره بلمحة من عينيها، وتسبب انقلاباً داخله معلنة تحرر قلبهُ..

أصبح معها يوماً بعد يوم يفكر بقلبه لا عقلهُ، يتواجد عقله في أوقات غيابها فقط، كان التفكير القوى الإيجابي له متسّلطاً عليها هي فقط، وباقي الأمور لا يهتمُ لها.. حتى وإن فكر بشيء ما يجعلها عقلهُ ويشاركها تفكيره وأعماله العقلية، تلكَ هي التي أفقدتهُ عقله وفكرهُ حقاً..

بعد مدة معها، أنتهى كُل شيء مرتبطاً بها، فكّما تعلم (عزيزي القارئ) أنّ لكل شيء نهاية، وتلك النهاية لم تكّن نهايتهما أو نهاية أحد منهم، بل كانت نهاية عقلهُ الذي أصبح مجنوناً بعد فقده وتحوله من إنساناً عقلاني إلى أخر لاعقلاني.

إنسان أفكاره غير منطقية وسلبية وكل ما يدور في صومعةَ فكرهُ سوداء لا معنى لها ولا منطق، إنسان لا يعرف إلا الظلام والأخطاء في تفكيره..

صار يقهقه ليالي طويلة على ما يجُول في فكرهُ من أفكار غبية وحمقاء، أصبح مجنوناً مخبُولاً ذاك الذي كان رزين مع عقلهُ، أجل لقد أفقدتهُ عقلهُ ولا يصلح له الآن إلا غرفة مظلمة تميزها عتمة لا نور لها كعقليتهُ وتفكيرهُ الأسود تماماً..

مقالات ذات علاقة

بيوت الله

المشرف العام

رصاصة طائشة

المشرف العام

زلزلة القلب

المشرف العام

اترك تعليق