…. (حين فُضّتْ بكارة النفاق)
صفّق كهنة اللغة وسدنتها، صانعو مجد خيباتها، جُبِلوا على الثرثرة، وسوْقِ العِظات الرميمة، الخيال الحانق يشطحُ كصبْوةِ الريح، الغيرة تُبدّدُ شغف المسافات لسلطان الفسطاط، تتراءى له نبوءات الحضارة الهجينة، حين يسقي نبيذه لليل الحاني ويغفو على كتفِ المخيّلة الفاجرة، يتلمسُ هزلٌ هستيري آبقٍ، ممجوجٌ بلغةٍ مرتبكة، تُفْقِدها الاثارة وتنكرُ عليها بديعية الدراويش الحمقى في محفلٍ صوفي النشيد، يفتّقون مناقبهم الخرافية، كلّما لوّحوا بمناديل الغياب البيضاء من نوافذ القلق وشُرفات الملل الخانقة تجهشُ بذاكرة الوهم المجيد، حيثما أذعنت في الضوء، أنجبت وحشة الأحجيات، مجّدوا صرخة الأنا وركضوا في فلاةِ الوحشة السادرة، خبأوا فداحة الاقتراف السيئ، إذّاكَ كنا نحصد الغمام من جوفِ السفوح الجائعة للمطر كالتوقِ الطاعن في أهداب الخريف البكر، فجائعٌ تثرى، تتناسل فوق رمل صحراءٍ لا تبيد إلا سالكها بلا دليل، هنالك حيث أجتثت مرارة النفاق وكُمّمتْ أفواه مدينة ضاجعها ثُلّةٌ من حُفاةٍ شادّون، متكئين على هوامش الشغب القميء، لا يحفظون المقامات الرشيدة ولا يفقهون في أخْيلة البداهة الجليلة، نهموا من أرضٍ شاسعة الهلام، يأكل رخوها الصبّار، تخمشُ بصلصالها قرين الجنِّ من لدن امتلاء نجيب، الصمت فقاعات مبلّلة بحُمّى الحصى اللوني اللزج، كزغبِ عُذري ينمو في مسامات أبطِ الفراشات المحمومة حين يُغويها الضوء وإن كان من سراب مائي.