شعوب الجبوري – العراق
يعد الأبداع في غمرة تعريفاته بساطة، هو محاولة سعي محدده المعرفي الكمي/النوعي نحو كشفه المعنى حكمة، اقتدار فض شكوى اشتباك عبث “إمكان” تأرصف أنسنته، دهشة، باحثا فيضه الدلالي لوعي يتلقيه، ويمنحه آهلية وجوده اساسا، ومحتوى يسعي تجسده أن يتميز بأخلقته قيمة مضافة عن ذلك. يستوي في ذلك أبداع صنعة جمالية الأدب وتستقيم منه صنعة جمالية تصنيف صتعة التكنولوجية واهداف مجموع الوقائع الثقافية الاجتماعية القابلة للعزل والمفارقة. أنه، في هذا وذاك، خروج عن المألوف أو الممتد في التذهين واللفظ والسلوك والاسترسال العام في كل شيء، ذلك أن “المعرف” في سديم غمرته هاديء، لا تصميم عن شكله، ويتجاهل أن يكون مصدرا لمعنى ما. هناك، مخاضه في الضبط الدلالي، سعيه، هو، الضامن على وجود واقعة ـ إرادة ـ قابلة للوصف المستقل، وهناك في ذات الحال إلتزام “فيضي قيميي”، هو ما يؤخلق توجه الأفهومات “مقامات” لممكناته الداخلية للأشياء، وضابط حد من انتشار تعريفاتها المتوه.
هذه الآهلية هي التي دفعت بعض الباحثين إلى السعي للتحديد في ” الابداع”، فيض دلالي قيمي، وإن ما هو القابل للحدود هو في انفصال كلي عن كل المخبؤات الثقافية المرتبطة بما يمكن أن يعزى انتقاءها من وحدات تصنيفاتها الدلالية. وبناءا على هذه الأطروحة من مسلمات لفظ الباحثون البنيويون القبليون تلقييهم وتقبلهم في أن لا يكون للأبداع صلات حيثية آخرى غير تلك ” فوائض القييم” الموصوفة خارجه، ورفضهم الشديد أن يكون للابداع علاقة بشيء آخر غير معطيات المحتوى داخله، أو محايثة إليه، تلك التي تقتضي انفصال الممارسات الموصوفة، وعزل وقائعها عن محيط موضوعها وشد “تمركز بؤرها” للمحتوى هي سعي الابداع في المعنى وغاية إرادته. وتلك الفرضية، أخذت قناعة تتمدد طواعية بالأخلاص بأنهم يبحثون في “الموضوع” لا “المحتوى”، أي، البحث في الإرادة والاستطاعة لهم خارج النص مخلصيين، فليس هناك ما لديهم في الأبداع قصد عما يسلم به “المحتوى” طواعية أو قسرا، كي يجعل الاخلاص إليه عرفا، أي أنه ـ الأبداع ـ ابتكار خارج السياق، ليس إلا، ما يجعل لديهم قاصدين في هذا، أن السياق هو العرف، وصلة حصرية وموثقة بغايات قبلية ضرورة تلقيه والقبول به، إنه في ابتكار القيم الابداعية داخل السياق وليس خارجه.
وقد يكون لبعض القوى في هذا، ميزة تنافسية متأصلة في تمدد ثقافتها واتساعها، تأصل فيها تعريف معنى الأبداع، حيث ترى فيه؛ الثابت الظاهر في اللفظ الدال من القطع بالأحكام، أو كل ما يمكن أن يكون “حقيبة معرفية” سعيها فيه لمعنى محدد، مستوفى، لا يمترن التقويل فيه، ولا يحتمل التأويل به. على اعتبار محمولاته “علم كلامي” إليه الطاعة، إشارة منه في الحكم القطعي/الفقهي الذي يؤكد لا تأويل في المحتوى. وهو مايشير إليه ايضا يحمل توقفات معرفية، تعريفات، تتضمنه الفروع بمحتويتها التي تهمهم إلى أن كل سعيها فيه ما هو مشتق من تأصل جذوة فيها، من تربة جذر اصلها الأبداعي المعرفي القبلي، هو دال، بهذا المسار أو ذاك، على ما بان وظهر فثبت، وبدا لافتا واصبح جليا فشخص. فالأبداع رفعة الشيء، أي، كل ما ابدع فقد رفع. تماما كما هو اصله في الاثمار، على فعل النمو والانضاج والطعم الصالح، أي موهبة وصناعة ما يمكن تشخيصه بلفظة مستقلة بذاتها.
لكن كيف إن تم فصل الابداع عن سياقه الأصلي؟ ذلك ما سنتابعه في حلقة لاحقة.