آية الوشيش
الرابع من يناير هذا العام، استرقت السمع لصوت فأر يتجول في باحة المنزل، كان الذعر قد ارتسم على ملامح وجهي، أنا لا أحب الفئران، فهي تذكرني بكافة أنواع البكتيريا التي درستها بعلم الجراثيم!
نصبت فخاً عن طيب خاطر، فخ لفأر صغير يحاول اصطياد فُتات خبز من باحة منزلنا لأجل الحياة.
أرسلتهم ليشتروا (صمغ فئران)، قطعتُ الجبن والخبز بابتسامة خبث، وتركت الصمغ المزين بما يسد جوعه أمامه! لحظات وارتفع صوت النميم، فيما ارتفعت أصوات أخوتي بفرح: قد اصطدنا الفأر عدونا اللدود!
رفعتُ من الأرض رقعة الصمغ، صوبت عيني ناحيته استجداني المسكين، بعينين دائريتين يملأهما البؤس، عبثاً لم يلن قلبي! طويتُ الرقعة علي كامل جسده كما لو أنها فارغة. ازداد النميم لم يلن قلبي مطلقاً، حشرتها داخل كيس بلاستيكي أسود ثم رميتها في القمامة، ورميت القمامة في سلتها العامة. ساعات مرت دورية النظافة بالحي فالتقطت الأكياس ورحلت.
رميت رأسي بفخر الإنجاز!
مرت الأيام، ولَم أنس شارباه وعيناه البائسة، وصوته المسكين ورحمتي التي انطفأت.
الْيَوْمَ التاسع والعشرون من سبتمبر، كنت في خلوتي أصلي كررت في صلاتي دعائي المعتاد: لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين.
تذكرت وجه فأري المغلوب علي أمره، وبكيت! بكيت النمل الذي دهسته سيارتي دون قصد، والصراصير التي أرشها بحب، والديدان التي أحاربها بكل قوة، والورود التي قطعتها رغبةً في امتلاك الجمال، والعقارب التي اشبعتها ضرباً، وكل تلك الكائنات الوحيدة الضعيفة، التي افترستها بحجج البقاء والاستمرارية!!