( مزنك ذايب يا بكَّايا.. متنسِّم غربي الغنايا ) .
ذوبانُ المِزْنِ يعني هطولَهُ سيولاً.. ثمَّةَ دمعٌ ذارفٌ كالغيمِ .. هطلٌ كالمطرِ .. إنه الاشتياقُ الرَّهِيبُ الَّذِي يُذِيبُ غُيُومُ الرُّوحِ فتهمي مطرًا .. مطرًا .. مطرًا .. لكنَّها ( بكَّايا ).. ذائبةُ الغيمِ.. غزيرةُ الدَّمْعِ.. كثيرةُ البكاءِ إلى حَدٍّ لا يُعْقَلُ ولا يُصَدَّقُ.. !!
ثمَّةَ مُعَادَلَةٌ ثَابِتَةٌ وهي أنَّ ذوبَانَ الرُّوحِ اشتياقًا = هطولَ غيمَاتِ العينِ دمعًا.
سيَّما وهي مؤهَّلةٌ لهذا الهطلِ العنيفِ المُتَوقَّعِ؛ إذ هيَ أصلاً ( بكَّايا ).
لِمَ كلُّ هذا السَّيَلَانِ !؟..
(… متنسِّم غربي الغنايا).
ثَمَّةَ رياحٌ أثارَتِ الغَيْمَ فَهَمَى، سَاقَتِ السَّحَابَ الثِّقَالَ إلى أوديَةِ العينِ، إلى تُخُومِ الرُّوحِ العَطْشَى، وَعَصَرَتْ أثدَاءَهُ الملأى بالمطرِ فأمطرَ..
هذا الغيمُ المُشْبَعُ بالماءِ، المُسَاقُ بِرِيَاحٍ غربيَّةٍ مُنْذِرَةٍ – أبدًا – بالنَّشِيجِ..
وأَيُّ غربيٍّ هذا الذي ينسفُ هدوءَ العينِ، ويعصفُ بهدْأَةِ الرُّوحِ، فتُسيلُ بِهِ تحنانًا وأشجانًا، وتحترقٌ بِهِ أحزانًا ونيرانًا ..
إنَّهُ (غربي الغناي) الأحبَّةُ المغتنونَ عنها .. عنِ العينِ الذَّارِفَةِ بهم ولهم ومنهم.. فلم يبقَ منهم غيرُ ذكرياتِ الدَّمْعِ والوَجَعِ واللَّهَفِ والنَّزفِ والعزفِ..
عندَ سدرةَ الآهِ سيرفعُ العَاشِقُ عقيرَتَهُ بِالغناءِ الحزينِ .. يرتَفِعُ نشيجُهُ بِالهَوى العَمِيقِ .. لائمًا عينَهُ الغرقى بالدَّمْعِ .. المُتْرَعةِ بِالشَّوْقِ.. المَمْلُوءَةِ بِاللَّهَفِ، مجابًها إيَّاها بدواعي سيلانِهَا الرَّهِيبِ:
( مزنك ذايب يا بكَّايا.. متنسِّم غربي الغنايا ) .
#الشتَّاوة للشتَّاي : بو زرقون الفاخرى.