القصة هي بذرة الرواية وعمودها الفقري
أن تكون رأساً لذباب خير من أن تكون ذيلاً لأسد
الرواية هي عالمي المفضل وملعبي الذي ارتاح فيه
حاوره: رامز النويصري.
على مر العصور، تأثر الإنسان بمحيطه، وبيئته بشكل كبير، وفي مجال الآداب، تمثل البيئة جزء مهماً من تكوين الأديب، وثمة الكثير من الأدباء ممن تأثروا ببيئتهم ولم يخرجوا عنها.
في هذا اللقاء، نلتقي القاص والروائي “إبراهيم الإمام“، والذي تأثير بمدينة غدامس، التي تربى وعاش فيها، وتشبع من تراثها وتاريخا، فأبدع، وكتب عنها واستلهم منها الكثير. إضافة إلى مناقشة بعضاً من تجارب الكاتب الإبداعية. خاصة ترجمة أحد كتبه، ألا هو (قطرات من ذهب)، الذي ترجم إلى اللغة التركية.
– بداية، سألناه عن مدى تأثير البيئة على المبدع؟
طبعاً للبيئة تأثير على الإنسان.. وهي على المبدعين أكثر تأثيراً.. فالمبدع يرى في بيئته ما لا يراه الآخرون.
– ماذا تمثل لك غدامس؟
واحتي هي ملهمتي..
بل هي تلهم كل من يمر بها مروراً عابراً.. سواءً كان كاتباً او رساماً أو مصوراً.. فما بالك بالشعراء والكتاب.. أما من يعيش فيها ويتنفس هوائها كل يوم فلاشك أنه مجبر أن يكون مبدعاً..
أنا ابن هذه البيئة المليئة بالخيال.. المحشوة بالحكايا.. الغنية بالتاريخ والتراث والأصالة.. كل تلك عوامل تساعد على الاشتعال والاشتغال بالجمال..
أرجو أن يكون ما أقدمه يستحق أن يطلق عليه لفظ ” إبداع”.. وإلا فالويل لي.. فواحتي لا تتسامح في أمر الجمال ولا تتهاون مع منتهكيه.
– وعن علاقة المكان بالإبداع والمبدع، يقول الإمام:
لا شك في ذلك.. على المبدع ألا يحصر نفسه في لون واحد ولا أن يحشر نفسه في ركن يضيق فيه على نفسه.. وإن كنت لا أرى في ذلك بأسا.. فأن تكون رأساً لذباب خير من أن تكون ذيلاً لأسد.. كما يقول مثل من أمثلة واحتي..
قد يتفوق المبدع في مجال ويرى قوته وتأثيره فيه لذلك يركز عليه..
وجهت لي هذه التهمة أكثر من مرة.. ربما السبب في ذلك عدم نشر كل ما كتبته.. فلدي أعمال كثيرة تناولت فيها مواضيع تختلف كثيراً عما نشرته عن واحتي.. فقط هي بحاجة لشيء من العدالة مني والحرص على اظهراها للعلن.. إسوة بأخواتها التي كانت واحتي بطلة متفردة في اعمالي المنشورة..
ربما يحدث ذلك قريباً.. علماً بأني نشرت مجموعة قصصية بعنوان امم امثالنا.. هي لون مختلف كثيرا.. كما اني كتبت اعمالا في ادب الطفل والادب الساخر والخيال العلمي.. فقط الامر بحاجة لشيء من الدعم لتظهر للعيان.
– القصة، الرواية، في أيهما تجد نفسك أكثر؟
القصة هي بذرة الرواية وعمودها الفقري.. قد تجتاحني فكرة ما.. اشرع في قولبتها في ذهني في قالب قصة.. أجد نفسي مسترسلا فيها متغلغلا في اغوارها فتتبلور كنص طويل قد يقترب من الرواية ولكنها بالتأكيد ابتعد عن القصة..
الرواية هي عالمي المفضل وملعبي الذي ارتاح فيه.
– وماذا عن تجربة القصص التراثية؟
القصة التراثية عالم مختلف عن باقي عوالم الادب.. انا مع نقلها كما هي كمرحلة أولى لحفظها للدارسين والباحثين.. ومع اعادة كتابتها وصياغتها وتوظيفها بطرق مختلفة.. فدور المبدع أكبر من ناقل بل هو صانع..
– حدثنا عن تجربتك الترجمة؟ ولماذا إلى التركية؟
يقول الفيلسوف سقراط : تكلم كي أراك..
الترجمة ضرورة ملحة يجب أن نعتني بها كثيراً.. فكل الأمم تحرص على نقل ثقافتها خارج ديارها.. علينا ان نصدر للعالم ثقافتنا وتراثنا.. العالم فضاء مفتوح للجميع علينا ان نسهم في إثراء الثقافة العالمية بترجمة انتاجنا الادبي.
ما شجعني على خوض التجربة عبارة سمعتها من الكاتب الكبير السيد ابراهيم النجمي الذي يعمل على ترجمة القصة القصيرة الليبية في موسوعة ضخمة إلى اللغة الانجليزية.. قال:
(لدينا كتاب من طراز رفيع.. ولدينا انتاج ادبي عالمي.. فقط ينقصنا نقله بطريقة صحيحة للعالم.. كما شجعني حين اخبرته عن فكرتي ورغبتي في خوض هذا العالم).
– لماذا التركية؟
لا شك ان الاواصر والعلاقات التي تربطنا بتركيا كثيرة كما ان هناك شعوب كثيرة تتحدث هذه اللغة مثل الارمن والتركمان والاكراد بالإضافة للأتراك.. لا أخفي عليك ان الفكرة راودتني بعد ما لمسته من اهتمام الناس بالمسلسلات التركية التي غزت بيوتنا من خلال الفضائيات.. انه نوع من الغزو الناعم للعقول باستخدام الادب والثقافة.. وهذه الترجمة هي نوع من المقاومة.. اعلم انه لن يكون لها التأثير القوي لما تفتقده من الدعاية اللازمة لمثل هذه الاحداث.. لكنها خطوة لابد من أن نخطوها.. قد تكون الخطوة القادمة بلغة اخرى وبيئة اخرى وثقافة اخرى.
– هل نتوقف عند مجموعة من تجاربك الثقافية:
– منتدى المناضل بشير السعداوي
منتدى المناضل الزعيم بشير السعداوي براح ثقافي ومتنفس أسبوعي التقي فيه مع كبار الشعراء والأدباء والكتاب والمفكرين.. نتعلم من تجاربهم وننهل من معينهم ما نتزود به في مسيرتنا..
– كرة القدم، وما العلاقة بينها والكتابة؟
كلاهما ثقافة.. كلاهما وسيلة للتعبير.. ربما كرة القدم وسيلة للتنفيس عن البدن أما الكتابة فهي متنفس للروح.
– النشر، فمعظم كتبك قمت بنشرها على حسابك الخاص!
انتظر من وزارة الثقافة صدور مجموعة قصصية منذ أربع سنوات.. لك ان تحكم حجم الكارثة.
في عام 2013 طلبت وزارة الثقافة من الكتاب والشعراء والادباء تقديم إنتاجهم بغية نشره.. استبشرت خيراً.. فتقدمت مع المتقدمين الذين كانوا من الكثرة بما يفرح القلب ويطربه.. تطور الأمر لتوقيع عقود يتم بموجبها قيام الوزارة بنشر تلك الأعمال.. لكن الخطوة الأخيرة والمهمة لكل مبدع هو ظهور تلك الأعمال على أرفف المكتبات وفي معارض الكتاب المختلفة.. لم يحدث إلى الآن.
هذا ما يجعلنا نفكر في وسائل بديلة، مثل النشر على الحساب الشخصي، أو النشر الالكتروني.
– قبل الختام؛ ما هي قصة أبو إسحاق الغدامسي؟
أبو إسحاق لقب حملته منذ الصغر.. منحني أياه جدي رحمه الله.. قد اعتاد ان يكني احفاده كل منهم بكنية فحظيت بهذه الكنية الجميلة.. وإكراما مني له وعرفانا لذكراه جعلتها توقيعي الخاص.
– كلمة أخيرة.
اتمنى أن تحظى مجالات الأبداع في وطننا بالمزيد من الاهتمام والرعاية.. كما اتمنى التوفيق لك سيد رامز فما تقوم به يفوق عمل مؤسسات كاملة..
تحية ود لك مني وبارك الله جهودك وتحية لرواد موقعنا المتفرد بلد الطيوب.