حوارات

د. أحمد عيسى فرج: قطع الآثار الليبية تظهر يوماً بعد يوم في المزادات العلنية العالمية

المستقل – (حوار: خلود الفلاح)

د. أحمد عيسى فرج: قطع الآثار الليبية تظهر يوماً بعد يوم في المزادات العلنية العالمية

برزت على الساحة الليبية نداءات من قبل خبراء ومتخصصين في مجال الآثار تطعن في قرار لجنة التراث العالمي رقم (40 COM 7B.106) القاضي بإدراج مواقع التراث العالمي الليبية الخمس (المواقع الصخرية الفنية في جبال أكاكوس على الحدود مع الجزائر التي تتميز باحتوائها ومحافظتها داخل الكهوف والمغارات على العديد من لوحات يعود تاريخها إلى ما بين 12 ألف عام قبل الميلاد إلى 100 بعد الميلاد، والموقعان الآخران هما لبدة وصبراتة على الساحل الغربي للبلاد يعتبران موقعين تجاريين هامين على البحر الأبيض المتوسط، ​​كانا ذات يوم جزءًا من المملكة النوميدية الزائلة في ماسينيسا قبل الاكتساح الروماني، وأضيفت المواقع الأثرية الثلاثة شحات ولبدة وصبراتة باعتبارها من بين العجائب الطبيعية والثقافية البارزة في العالم في العام 1982، بعد غدامس في العام 1986، وجبال أكاكوس في العام 1985). ضمن قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر.

 هذه القائمة تم إقرارها في مدينة إسطنبول بتركيا في يوليو 2016، بسبب الأخطار الحالية والمحتملة التي يسببها الصراع القائم في البلاد، بحسب اليونسكو.

غير قانوني
يقول الأستاذ المساعد في إدارة وحماية التراث الليبي – جامعة عمر المختار الدكتور أحمد عيسى فرج، ضيفنا في هذا الحوار حول ما تتعرض له الآثار الليبية من نهب وسرقة وتهجير: اعتقد أن أسباب إدراج مواقع التراث العالمي الليبية غير موضوعية بل هي أسباب سياسية بامتياز. وللأسف هناك أطراف دولية متورطة في ذلك. ففي الفترة من 9  – 11 مايو 2016، عقد اجتماع دولي لخبراء الآثار بشأن صون التراث الثقافي الليبي نظمته اليونسكو و إلايكروم UNESCO and ICCROM ووزارة الثقافة الليبية، وبتمويل من سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا والتي مقرها  في تونس. هذا الاجتماعات بنت عليها لجنة التراث العالمي قرارها لإدراج مواقع التراث العالمي في قائمة الخطر. وهذه هي الأسباب في رأيي:

– لم يتم تقييم حالة المواقع بشكل دقيق ولم يتم وضع برنامج للتدابير التصحيحية بالتعاون مع جهات الاختصاص كما أن المعلومات المستقاة المقدمة من خلال المؤتمر المذكور غير دقيقة وربما تكون قد قًدمت (من قبل الاطراف الليبية) لأغراض الحصول على تمويل مالي أو دعم فني من المؤسسات الحاضرة.

– مصلحة الآثار (بنغازي) لم تمثل كما يجب في الاجتماعات، أيضا لم يكن هناك ممثلاً عن مراقبة آثار شحات (تشرف على الموقع الاثري قوريني) في حين حضر كل من مراقبي الآثار عن كل من صبراتة ولبدة ممثلين عن (مصلحة الآثار بطرابلس).

– لم توجه الدعوة إلى جهاز تنمية وتطوير مدينة غدامس (احدى المواقع الخمس) وهو جهاز منفصل ولا يعمل تحت ادارة مصلحة الآثار أو جهاز ادارة المدن التاريخية.

– الأهم أن المعلومات المقدمة لم تخضع للتدقيق العلمي – كما يجب.

– السفارة الأمريكية وICCROM اللتان دعتا لهذا الاجتماع لم يخطرا الجهات الليبية المعنية قبل أوبعد هذا الاجتماع بنيتهما استخدام المعلومات التي قدمت في هذا المجال القانوني، وبالطبع هذا يتنافى مع الحقوق القانونية للأطراف الليبية المشاركة.

– بعد خمس سنوات من الصراع الليبي وما تتعرض له الآثار الليبية من سرقة وبيع وتهجير الا يتطلب ذلك وجود هيئة موحدة بدلا عن انقسام مصلحة الاثار (غربية وشرقية)، ما هي جهودكم كمهتمين لحماية هذا التراث من الضياع؟

– بالطبع يجب إبعاد الاثار والتراث عن التجاذبات السياسة والانقسام هذا شان وطني هام، ويجب ان يكون واضح إن تفاقم أزمة التراث الليبي اشتدت وصارت أكثر خطورة على التراث بعد هذا الانقسام – والذي لا مبرر له.

بالنسبة لجهودنا، على الصعيد الشخصي قدمت بحثا علمية يبين كيف يمكن أن يدار التراث الليبي ونشرتها في عدة مواقع كما حاولت تقديمها للحكومات الليبية ويمكن الاطلاع عليها في الرابط التالي: http://loopsresearch.org/projects/view/125/?lang=ara

– هل لديك إحصائيات وأرقام تفيد بالخطر الذي تتعرض له الآثار الليبية؟ وما هي أشكال هذه التعديات ومواقعها؟

– لا.  ليست لدي أي إحصائيات لا وأعتقد حتى الجهات الرسمية لديها أي إحصائيات تفيد بذلك. وهذا بسب الانقسام الحادث لإدارة الآثار.

وفي الحقيقة بُعيد الاشهر الأولى لثورة 17 فبراير أظهر الليبيون تضامنا غير عادي مع الآثار والتراث. واتخذت الجهات المشرفة على الآثار عدد من الاجراءات الاحترازية لحماية الآثار والمتاحف. لدرجة أن التقرير الذي قدمه الدرع الازرق Blue Shield، في البعثة الخاصة لليبيا في نوفمبر 2011، أشاد بالتضامن الشعبي مع التراث ولم يسجل التقرير أي اعتداءات. إلا الاعتداء على إحدى لوحات فسيفساء الفصول الأربعة في مدينة قوريني (شحات) وكان في الحقيقية قبيل اندلاع ثورة فبراير.  والاعتداء الثاني الذي وقع للوديعة الأثرية بالمصرف التجاري ببنغازي.

ولكن بعد استقرار الأوضاع تغير المشهد كلياً حيث اندلعت أعمال تجريف واسعة للمواقع الأثرية وانتشرت أعمال تشويه الآثار عبر رمي النفايات والكتابات والاصباغ وازدادت نشاطات اللصوص في البحث عن الآثار وتهريبها. ومازالت السلطات الدولية تكتشف يوماً تلو الاخر قطع أثرية ليبية تباع في المزادات العالمية.  فضلا عن تهديدات أخرى جديدة متمثلة في التطرف الديني وتفجير الأضرحة حتى الأثرية منها، وأهمال غير مسبوق في ملفات التراث العالمي حيث دخلت مواقع التراث العالمي الليبية الخمس دفعة واحده في قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر في 14 يونيو 2014.

– الاعتداء الثاني كما قلت سابقا أو “الكنز القوريني”. الذي كتبت عنه الصحافة العربية والأجنبية في بداية فبراير العام 2011 ، والذي يحوي أكثر من 9000 ، قطعة أثرية بين عملات وتماثيل ومنحوتات، هذه الواقعة هل تتطلب ملاحقة قانونية لمرتكبيها؟ وهل هناك جهود فردية برأيك حاولت الوصول لبعض هذه القطع؟

– نحن في الحقيقية من بلغ السلطات الدولية في تلك الفترة (أنا والمرحوم الدكتور فضل علي والدكتور حافظ الولدة) في مؤتمر الآثار الذي عقد في نابولي الايطالية 1 – 2 يوليو 2011م، وطلبنا من السلطات الايطالية دعم جهود ملاحقة الكنز المسروق.

– يباع التراث الليبي اليوم على المواقع الالكترونية… هل من قانون يمنع ذلك؟

– بكل تاكيد القانون المعمول به في ليبيا يمنع ويجرم ذلك، فالمادة ( 23 ) من القانون رقم (3 ) لسنة 1995 م، تنص على ” يحظر الاتجار في الآثار المنقولة وذلك فيما عدا الآثار التي تعطي الجهة المختصة شهادة بإمكان التصرف فيها”.

كما تنص المواد المعنية بالتراث في مسودة الدستور المقترح وخاصة في المادة (35 )، “تلتزم الدولة بحماية الآثار والمدن والمناطق التاريخية ورعايتها وإعادة تأهيلها والتنقيب عنها. ويحظر الاعتداء عليها أو الاتجار بها وتتخذ ما يلزم لاسترداد ما استولي عليه منها. ولا تسقط الجرائم الواقعة عليها بالتقادم”.

– ما هي أهم القطع التي سرقت وهربت من العام 2011 ، إلى الان؟

– عدد كبير حسب المصادر الإعلامية، وللأسف لا املك اي تفاصيل عن عددها. ولكن من المهم القول إن هذه الاثار التي سرقت لم تكن مسروقة من متاحف أو مخازن الآثار الليبية بل عثر عليها اللصوص من خلال الحفر السلبي (غير القانوني).

– يقال إن هناك أكثر من 50، متحف في بريطانيا والإسكندرية وهولندا والنمسا تحوي آثارا ليبية سرقت أو هجرت خلال فترات تاريخية متعاقبة؟ إذا كانت هذه المعلومة صحيحة ما هي الأسباب التي أدت لذلك؟

– المعلومة صحيحة إلى حد ما. لكن الرقم المذكور (50)، ليس دقيق. إنما يمكن القول إن قطع اثرية كثيرة من ليبيا تنتشر في اغلب متاحف العالم وربما تعود الأسباب إلى:

– ليبيا من أغنى الدول في العالم بالآثار.

– ليبيا من بين الدول التي تعرضت لنهب اثارها ومواقعها الاثرية.

– منذ القرن 17، بدأت أعمال نهب التراث الليبي.

– كيف ترى أوضاع الأثار الليبية اليوم؟

– باختصار إدارة الآثار تمر بأزمة حقيقية تتمثل في انقسام المؤسسة. ودخول مواقع التراث العالمي الليبية في قائمة التراث المهدد بالخطر.

مقالات ذات علاقة

عزة كامل المقهور: لماذا علينا أن نعود دائما إلى البدايات؟

المشرف العام

(العاشقة الطرابلسية) مشاكسة للقاريء ومتميزة من حيث قيمتها الإبداعية

المشرف العام

الدكتورة فريدة المصري تحكي تفاصيل عن روايتها (أسطورة البحر)

يونس شعبان الفنادي

اترك تعليق