العالم لا يُريد منك شيئا
ولا أنت تُريد
والحياة ما عادت تحتمل هشاشتك
فذهبت لتستند إلى غيرك
أنت الآن ترفل في نومك العسليّ
ولست مُطالبا بشيء
لا الأصدقاء يُقلقونك بمواعيدهم الطارئة
ولا الكُتب تُطالبك بأنقادها من الغُبار
وزوجتك هي الأُخرى
لا تُريد شيء
لا بقدونس ولا طماطم
بعد أن امتلكت عادات جديدة
أنت لست من بينها
تصفح الفيس بوك
والدردشة مع الصديقات
القريبات . . البعيدات .
وأنت الآن مهجور تماما
حتى من نفسك
كرصيف غادرته الخُطى
والقُمامة والمُتسولين
والباعة المُتجولين.
أنت الآن حُر في وقتك
فها هُم أُمراء الحرب
يمنحونك تقاعُدا إجباريا مُبكرا
لمّا أوقظوا حربا غافية
حتى أنك نسيت سجل الغياب
والروتين الوظيفي المُمل
والكُرسي الذي أقل ما يُمكن أن يهبك إياه
هو السُكري وضغط الدم
وأوجاع العمود الفقري
وأنت الآن حُر في نفسك
تمشي وتسهو
تمشي وتُفكر في القصيدة القادمة
أكثر
وحين يخذُلك الإلهام
تستعين بحدسك .
تجلس بعيدا
في زوايا أيامك البائسات
ما من شيء يعرف طريقهُ إليك
إلا أفكارك
كأنك ترى ولا تُرى
حتى الموت لا يتذكرك
فيستبعدك حين يُخطئ في عدّك
أنت الآن ملك نفسك
ويُعجبك كثيرا أن يُخطئ الموت في عدّك .
*******
الدرس الأصعب
ولنا في الحرب عبرة
ألا نُطيل النظر في أوصافها
وألا تستدرجنا فخاخها
وأن نُطيح بأوهامها وهما . . وهما
ونكسر سهاما سهما . . سهما .
لنا فيها أنتظارات
أن نؤجج الطمأنينة
أن نُجيد الحب زهرة . . زهرة
ونُتقن السلام إسما . . إسما
ألا نصحبها معنا إلى المستقبل
أن نترُكها حيثُ انتهت
تبحث لمجازرها عن صفحة في التاريخ
وتُلملم شظاياها لجولة قادمة
تُجفف ضراوتها
وتهضُم مآسيها فقرة . . فقرة
لنا في الحرب عبرة .
