النقد

هكذا صرخت حواء القمودي

هكذا صرخت للشاعرة الليبية حواء القمودي

هذا شباك
يفتح باتجاه الريح
هذه نافذة
تخبر النسائم توقها
هنا باب ينتظر

10/7/2919

بهذه الكلمات الناعمة والمعاني الرقراقة الجميلة صرخت الشاعرة حواء القمودي (نيابة عنا جميعا) في ديوان جديد لها.. بعنوان (هكذا صرخت).

الديوان الجديد للشاعرة حواء القمودي الذي صدر هنا في ليبيا عن دار إمكان للطباعة في طبعته الأولى وقد جاء الديوان في واحد وسبعين صفحة من القطع المتوسط.. متضمنة تسعة عشر نصا..

استهلت الشاعرة ديوانها بإهداء جميل قصير كانت قد خصصها للسيدة والدتها.. حيث تقول..

إلى امي
(زهرة)
وهي توغل في الغياب..

في هذا الديوان اختارت حواء القمودي لنصوصها التسعة عشر شكلا مميزا فقد كانت كلها تختلف في عناوينها عن جل دواوين الشعر التي صدرت للشعراء والشواعر.. فكانت العناوين عبارة عن تواريخ تؤرخ لكل قصيدة واليوم التي صاغتها فيه وكان كل ما كتبت في العام 2019

عدا نصا وحيدا كان قصيدة مشتركة بينها وبين الشاعر السنوسي حبيب حيث اشتركا في كتابة هذا النص في عام 2012 يحاكي طرابلس التي تشكل عمقا مميزا في وجدان الشعراء الليبيين عموما وفي وجدان الشاعرة حواء القمودي خاصة..

وتظهر القصيدة المؤرخة بـ 29/1/2012 بمحاكاة جميلة نسجت بنسيج متناسق متين في وصف طرابلس العصية وكأن النص مكتوب بروح واحدة وهذا ما يدل على اتفاق مشاعر الليبيين على حب هذه المدينة الموغلة في التاريخ وهي تستلقي بعبء حملها لتشاكي البحر.. تقول القصيدة:

لأن طرابلس بنت البحر
عصية هي
كما لو كان الماء
ما خلق
إلا ليغسل قدميها..
أما في قصيدتها المؤرخة
والزرقة لم تخلق
إلا.. لتزين سماءها

بتاريخ 20/9/2019

فنجد الشاعرة تثير شجنا من نوع خاص وكأنها تتخبط في رمل هذه الحياة وتركله بكلتا قدميها فيصير غبارا يغشي العيون فهي تلوم هذه الحياة وما يحدث فيها وتعاتب الوقت الذي يمضي دون فائدة وهي تحمل على عاتقها أصول القصيدة وقواعدها حين تصرخ بأن القصيدة كالعجين نفرده ونصفه ونلتهمه احيانا.

كما انها تعيد في نص آخر مؤرخ بتاريخ 8/9/2019 بأن قصيدة النثر فضاء يمكنها من خلالها أن تفعل كل شيء دون ان تقيم اعتبارا لقافية أو وزن.. أن تركل ما لا يحلو لها وان تغضب وأن تفعل اي شي ولكنها فجأة وكأي شاغرة رقيقة مرهفة وعندما تهطل المطر فهي تعود إلى حواء اللطيفة الحانية بعد ان تنطفئ أفعالها المشتعلة.

أما في قصيدتها المؤرخة بتاريخ 6/11/2019 تنبهنا الشاعرة بأحاسيسها بتواجد هذه النجمة التائهة..

مثل نجمة تائهة 

رصدتها حواء القمودي في طريقها وحين أيقنت أن هذه النجمة تائهة وأن هذه الطريق ليست لها وتنصلت من كل ما يربطها بما تعرفه.. اليد، البلاد، شقوق الروح

كل شيء مما سبق لا ينفع في شيء

هو لا يعني أحد ولا يدفئ طفلا مقرورا ولا يطمئن قلبا واجفا

ولن يسكت الجوع..

الحرب عبث لا تفضي إلا للقبح..

في هكذا صرخت ثمة نصوص لا يمكنني الكتابة عنها فهي تمثل للقارئ مرآة يمكنه أن يرى فيها هذا العام وما حدث فيه من حروب خبيثة في طرابلس كبلت فينا الكثير من المشاعر وجعلت من الحزن بيتنا الذي لا نغادره..

وأخيرا أستطيع ان اقول من وجهة نظري كقارئة لنص حواء القمودي بأنها الشاعرة التي تصور كل نص لها وهي توثق دون عنوان بل تصرخ في كل تاريخ من تواريخ نصوصها.. تصرخ صرخة عالية بشهقة أعلى كي تبين للعالم كم من اللوعة التي بها تؤكد… هكذا صرخت..

مقالات ذات علاقة

الواقع من زاوية أخرى

المشرف العام

التحليل النقدي لقصة “أخطر أسراري” للقاصة عائشة إبراهيم

المشرف العام

قضايا الإنسان في الشعر الليبي المعاصر

المشرف العام

2 تعليقات

د/عبدالهادي 13 أكتوبر, 2020 at 13:54

شكرا جزيلا للاستاذة/ حنان محفوظ على هذا الايجاز وهذه القراءة الرائعة التي فتحت شهيتنا لقراءة الديوان..اتمنى من هذا الموقع نشر نماذج مما جاء فيه -حتى يتمكن من ليس بوسعه الحصول على الديوان في الوقت الحاضر الاستمتاع بما جاء فيه …شكرا

رد
المشرف العام 13 أكتوبر, 2020 at 15:55

نشكر مرورك الكريم

رد

اترك تعليق