النقد

الواقع من زاوية أخرى

خديجة زعبية

رواية علاقة حرجة للرواية عائشة الأصفر
رواية علاقة حرجة للرواية عائشة الأصفر


عندما تتشابك العلاقات و يصبح من الصعب تمييز أي منها عن الآخر فهذه هي العلاقة الحرجة تلك التي يصعب تفسيرها أو التعبير عنها.

في هذه الرواية جمعت الكاتبة عددا من القصص المختلفة بين خيالية و واقعية مازجة عدداً من الأحداث التاريخية للنص دون إخلال بالتركيب أو نقصان في المعنى، ضاحية ليبية هي المسرح الأول للأحداث فمن معامل نووية في أمريكا إلى قرى بسيطة في الريف المصري و الحي رقم 2 و ما صاحبه من أحداث بعد 2011 سواء سياسية أو اجتماعية تصحبنا فيها الكاتبة.

أشارت الكاتبة إلى أن الإنسان ربما يكون عليه أن يستغني عن الذاكرة لينسى خوفه خصوصا مع المعاناة والظروف القاسية و رسمت من خلال وصفها صور الحرب و ماخلفته من دمار و تخريب ونزوح، رغم كل ما حدث يبقى للحب والأمل مسكنا في قلوب البشر أينما وجدوا.

تحكي القصة عندما أراد جبر أن يستبدل ذاكرته منذ 2011 لتحل محلها ذاكرة سميرة موسى و تسرد من خلالها قصة حياتها من نجاحات و طموحات كانت تتوق لها في فترة زمنية سابقة و قالت جملتها الشهيرة عندما عرضوا عليها امتيازات خاصة في أمريكا “هناك وطن ينتظرني يسمى مصر”.

استخدام الكاتبة لبعض الحوارات باللهجة المصرية كان جميل جدا و الشخصيات المشار إليها أضافت كماً من المعلومات الجديدة للقارئ فمثلا مسيرة حياة عالمة الذرة سميرة موسى منذ طفولتها حتى وفاتها سنة1952 هي رحلة مليئة بالنجاحات و الاكتشافات و التكريمات التي قدمت لها بعد رحيلها سردها لها فضل عندما كان يقدم لها صورها ليعرفها بنفسها و أن ذاكرتها انتقلت بشكل ما إلى جسد صديقه جبر، كذلك اشارتها لهدى عماش عالمة الذرة العراقية و رحاب طه التي سكنت معها بتهمة إحياء البرنامج النووي العراقي بعد حرب الخليج الثانية، و تجدر الإشارة إلى قصة ذات الهمة وحكاية بطولاتها في فترة زمنية قديمة جدا.

تركز الكاتبة على حضور المرأة في الرواية وتذكر عددا من النساء ذوات النجاحات في مجالات مختلفة سواء في العلوم الحديثة أو دورها في القيادة كقصة ذات الهمة و تشير كذلك لمعاناة المرأة ويظهر ذلك في شخصية غزالة وغيرها.

دائما ماتحضر الخرافة الشعبية في أعمال الكاتبة ونرى بعضا منها هنا في قصة زيارة أم جبر لقبر الولي الصالح والتبرك بخرقة خضراء كانت سببا لملاحقة ابنها وسر جرد عمي الغناي و ارتباطه بجبر.

الشخصيات الأساسية في الرواية كثيرة ولكل منها قصة من شخصية لمياء و اختبائها وراء اسم مستعار على الفيس بوك إلى فضل وهو يروي قصصا مختلفة عن سبب احتجاز صالح واتهام كل فريق بأنه ينتمي للعدو و عيشه لقصة حب ينتظر نتيجتها السعيدة.

قصة صالح قد تكون هي ذاتها قصة الكثيرين من أبناء ليبيا كانوا ضحية لحرب كما قالت الكاتبة “بيننا و بيننا” .

أسلوب الكاتبة في هذه الرواية جميل جدا و أحسنت اختيار الموضوع و القصة و نسجت الأحداث فيها بشكل جيد.

عمل مميز للكاتبة ويوثق الكثير من الأحداث المهمة إضافة لشجاعة الكاتبة في إظهار الكثير من العلاقات الحرجة.

مقالات ذات علاقة

اللقيط يواجه المجتمع في (الرسالة)

يونس شعبان الفنادي

المحيطُ لا ينتظرُ مرتين

يونس شعبان الفنادي

فخاخ السخرية في “توجس” فتحي نصيب

المشرف العام

اترك تعليق