الذكرى الـ13 لرحيل الفنان الليبي الكبير محمد الزواوي
عبدالعزيز تاج | مصر
كانت الصدمة الكبرى في حياتي.. نكسة 67، وبعد تخرجي من كلية الفنون الجميلة بالزمالك 68.. لم استطع العيش في أجواء القاهرة الجريحة، ورفضت التعيين في مؤسسة روز اليوسف، هاجرت بشهادتي إلى الصحراء – الوادي الجديد – ومنها إلى ليبيا، مدرسا للتربية الفنية. حيث كان توزيعي لقرية الأبيار ضواحي مدينة بنغازي… وكانت الفصول في مدرسة الأبيار الإعدادية مشتركة.. وفى حديث لي للطلبة والطالبات.. أخبرتهم أنني رساما للكاريكاتير.. وقفت طالبة جميلة وسألتني:
– هل تعرف رسام الكاريكاتير الليبي محمد الزواوي الترهونى؟ !!
أجبتها بالنفي.. وعرفت منها أنه أحد أفراد عائلتها.. في اليوم التالي.. بحثت عنى الفتاه ومعها قصاصة من صحيفة بها رسم كاريكاتوري للفنان محمد الزواوي.. وقالت بسعادة:
– أنت بترسم مثله؟؟ !…
فنظرت إلى الكاريكاتير.. وحدث لي انبهار.. هل من هذه القرية الصغيرة يخرج فنان مذهل هكذا؟!
وكانت الفتاة دائما تأتى إلى حجرة الرسم.. وكان حديثنا دائما يدور حول عبد الحليم حافظ وإسماعيل ياسين ومحمد الزواوي….
أخبرتني أن الفنان الزواوي لم يكمل تعليمه… وهو يعمل الآن في صحف طرابلس.. وفى مرة قالت لي بهمس كأنه سر.. أن الأستاذ محمد (بعين واحدة)…
وانتقلت إلى المدينة الجميلة بنغازي للعمل مديرا فنيا ورساما الكاريكاتير في صحيفة ((الجهاد ))، وبدأت ابحث عن الصحف التي يعمل بها الزواوي.. أحببت رسومه وإخلاصه وإتقانه أدق التفاصيل في ملابس الرجل الليبي الشعبي وزوجته بملابسها الليبية،
وملامح كل منهما.. وساعدني ذلك وأنا ارسم يوميا في (الجهاد)… أثناء ذلك قدمت اشهر برنامج رسوم متحركة ((بسمة)).. ونجح البرنامج نجاحا كبيرا وتعرفت على الكثير داخل مبنى التليفزيون، منهم المطرب الليبي الشهير إبراهيم فهمى.. الذى بحث عنى لكى نذهب سويا إلى معرض الفنان محمد الزواوي المقام في أحد فنادق بنغازي..
استقبل الزواوي المطرب إبراهيم فهمى بالأحضان.. وصافحني.. وعندما قدمني إبراهيم: هذا صديقي تاج صاحب برنامج بسمة. على الفور احتضنني الزواوي بشدة معربا عن سعادته بي وإعجابه الشديد ببرنامج بسمة، وأصبحت والزواوي أصدقاء.. يزورني في مكتبي بصحيفة الجهاد كلما جاء إلى بنغازي.
اختلفنا..! وكان السبب الرئيس أنور السادات !! عمر المحيشى.. أحد رجال الثورة الليبية اختلف مع القذافي…. وهرب إلى مصر.. تلقفه السادات ليقدم يوميا الساعة السابعة مساء في إذاعة الشرق الأوسط برنامجا يهاجم فيه معمر القذافي، وكانت إذاعة الشرق الأوسط مسموعة جيدا في ليبيا..
استشاط القذافي غضبا.. يريد الرد على السادات.. ولم يكن أمامه غير الزواوي، الذى أفردت له أكبر مساحة كاريكاتير ليهاجم يوميا الرئيس السادات… بقسوة وعنف.. ازعجني ذلك.. وقطعت علاقتي بالزواوي…
حتى عندما جاء إلى القاهرة بعد وفاة السادات، وأقام معرضا لرسومه في فندق سميراميس.. لم أذهب إليه، عرفت بعد ذلك أن هناك خلافا كبيرا بين القذافي والزواوي.. الذى بدأ يحاربه، والزواوي مستمرا في الهجوم على أعمال القذافي..
اسعدني كثيرا أن الفنان محمد الزواوي ارسل لي طردا عباره عن كتابه الجديد (الوجه الأخر).. الكتاب طوله 75 وعرضه 45 سم!
بصراحة الصراحة أقر واعترف أنا فنان الكاريكاتير المصري عبدالعزيز تاج.. أمام الله وأمامكم أن الفنان محمد الزواوي أعظم فنان كاريكاتير أنجبته الأرض العربية… بل وأعظم فنان كاريكاتير في القرن العشرين..
رحمة الله عليك حبيبي البدوي الطيب.. وأسكنك فسيح جناته…
مات الزواوي وهو يرسم جالسا على مكتبه، إثر جلطة في القلب يوم الخامس من يونيو 2011 عن عمر 67 عاما.
ملك الكاريكاتير (تاج) / 2022/11/20
(محمد الزواوي.. أسطورة الكاريكاتير العالمية)، سلسلة إبداعات محو الأمية البصرية، القاهرة، أكتوبر 2022م.