مقهى صبرا
جانب مكتبة الأندْلسْ
شارع يافا
حيُ القدسْ
كان صديقٌ لي من عمري
جمُّ الأنسْ
حيناً أمضي نحو هناك
أخرى يأتي هو إليّ
ذلك ما اعتدناه
وذلك هو “اللا بأسْ”.
نجلس في الطرف المهجور
ونشرب شيئاً
يعكس أحوالاً للطقسْ
ضد البرد، وضد الحر
وضد اليأسْ
كي لا نؤذي
كي لا ننفع
نحن المقهى، نحن النادل
نحن بقيةُ ما تحتاج إليهِ الحال
ونحن الكأسْ
نسمع “قارئة الفجان”
فنعرف أن غداً لم يأتِ
وأنا بين غداً والأمسْ.
كان صديقي يعمل أحياناً بالليل
وأحياناً تشقيه الشمس
أنا مازلت بدائرة الآثار
أرمم فيها طلعة قيسْ
أرسم وضعاً للبارودة
بين الرمح وبين السيفْ
أدفن أسفي بين النصر وبين القوسْ
بعض الطعنات المحفورة فينا تبقى
بعضٌ يستهويه الطمسْ.
كان صديقي يهرب من أشياء
يجوز تناولها بالهمس
فالحيطان لها آذان
مثلٌ أوصله الهلّين إلى الرومان
ويوجد في حكم التاميل
وكتب الفرسْ
كان صديقي يرجو أن يعرفه معنا
حتى الخرسْ.
زمنٌ ما في نفس الحي
ونفس الشارع
نفس المقهى
مات صديقي، وهو يقيس لباس العرسْ.
_______________________________________________
صحيفة (الجماهيرية)، العدد: 3063، الأربعاء: 10/5/2000.