إدريس ابن الطيب
الذكرى الأولى للرحيل الشاعر الليبي إدريس ابن الطيب
إلى الصديق الشاعر محمد الفقيه صالح
1 –
علمنا السجن أن تستحيل المعية فيه محادثة
وكتيبة شعر
وجيشا من الأغنيات
يفاجئنا الشعر
تاجا على جبهات الرفاق، عروسا تهدهد أحلامهم
ويفيض بصوتك مشتعلا بابتهال وعرس
ومعزوفة الوجد ترفع ألحانها للسماء
جميل بلقياك هذا المساء
وقلبك مزدحم بالمودة مثل ازدحام الزنازين بالأمنيات
والسجن ينتأ بين انفساح البساتين مزرعة للمواجع
تنبت أطفالنا يهتفون بأغنية الفجر والابتداء
2
تمنيت لو يتزحزح سجنك نحو الشروق قليلا، ويرفع هامته
لتلاقي الأشعة عند انتصاف الطريق
ولكنه ثابت كثباتك
أن قليلا من الود في السجن مثل قليل من الشمس
والشمس تأسرها همهمات القصيدة، يصنعها الشعراء
فتشرق في داخل السجن، عصفورة تتقاسم أرغفتي
وتحملني كل يوم إليك تحايا الصباح..
3
ولا شيء
غير الهدوء وشقشقة الطير
عند الظهيرة تفتقد الشمس
تأتي إلي
فاغضب منها
أحاورها خلف قضبان نافذتي
وأحاول إقناعها بالذهاب إليك
تجيئك قبل المغيب
فتهديك قبلتها بارتعاش التعجل والخوف
تذهب
أن المواجع تشتد حين تغيب
فيمسح شاى المساء الكآبة
نغرق بين الأحاديث
ينبت عبر الممرات شعر، فيربط شوق زنازيننا للتسامر
من يقتل السجن في النفس
لا سجن يقتله
والتماسك يشتد
إن مفاجأة الأمسيات الجميلة في مهرجاناتنا
ذلك الضيف يجلس مبتسما، ويسامرنا بابتهاج
وحين نسائله: من يكون
يجيب بإشراقة الابتسامة
إني الوطن.
سجن الجديدة / 1979/7/21
إدريس بن الطيب (معزوفة الود والمرافقة – شعر)، مجلة عراجين، العدد: 2، 01 يونيو 2004م.