طيوب عربية

الخاضعة؛ وعي في مهب الريح

كتاب (الخاضعة)
كتاب (الخاضعة)

لكل صياد، صبر، ويأس، وعزيمة، وتكرار محاولة؛ ليوقع الفريسة. ولكل فريسة مهما قاومت لحظات تضعف فيها، وستنقاد دون وعيها لطُعم الصياد صاغرة.

ماريان؛ الطفلة المهملة من أبويها اللذين أنهكتهما الحياة الريفية الصعبة، وجعلت هوة المشاعر تتسع بينها في ظل أب سكير لا ينفق ماله إلا على الحواني والمجون، وأم خاوية ترى الطفلة لعنة عليها، وهما أكبر، لتصارع الطفلة الحياة وحدها، ولا تجد ملجأ في ذلك إلا جارهم الذي يتودد إليها في مقابل أخذ ما يحتاجه منها.

أخذ منها الكثير، وأغدق عليها بالصداقة الزائفة والعطف المصطنع، والحنان المشوب بالعنف، ثم رماها، في المرة الأولى وتركها تصارع مع الحمل وحدها في دار للأمهات غير المتزوجات، وقد أرغمت على ترك طفلتها للتبني، ثم اختفى وعاود الكرة فحملت مجددا، وهي لم تكمل بعد عامها الثالث عشر.

وكان في هذه المرة يهددها كما هددها في المرة القادمة: قولي بأنك لا تعرفين الأب، وأنك عبثت مع مجموعة من التلاميذ. هذا أسلم لك.

كانت خائفة من فقدانه؛ إن صرحت بالحقيقة.

فإعلان الفاعل معناه؛ قطع العلاقة به نهائيا، وسيصير عطفه وحنانه، سرابا ووهما، ولن تجد ما تغذي به روحها بعد أن لم يغدق عليها أبويها بالحب.

ظلت في صراع، وكتمت السر، وعانت من الألم، والطرد من العائلة، حتى جاء الخلاص أخيرا، وتزوجت، وغادرت.

لكنها قبل ذلك كان عليها أن تصفي دينها مع الجار الذي ظل يطاردها قبل الزواج بفترة، آملا في المزيد من خضوعها، واستسلامها، لكنها كانت أقوى من أن تتركه يواصل أساليبه المقززة، خاصة بعد أن هددها بأنه سينتقل للعبث بأختها الصغرى. وهذا ما جعلها تثور ثورة كبرى، وهددته بالقتل، فنكص على عقبيه، ولم يعد. كانت تعي جيدا بأنها أفعال مشينة، لكنها لم تستطع التخلص منه، بعد أن قيدها بقيد العطف والحنان، وأحست أن إهماله سيكون أكبر من إهمال عائلتها. تحملت لأجل أن يستمر الاهتمام، والحنان.

رواية يجب على كل امرأة تمتلك أطفالا أن تقرأها؛ لتستبين الطرق التي يجلب بها الكبار ضحاياهم الصغار؛ بالحلوى، والتنزه، والعطف الزائد عن اللزوم، وبعدها يأخذون منهم كل شيء، ولا يستطيع الأطفال فهم شيء أو محاولة إفشائه خوفا من تهديدات الفاعل الذي يصر على المداومة على الفعل.

إنها رواية الاستغلال، وتكميم الأفواه، واستغلال البراءة وتشويهها، استجابة لرغبات حيوانية تدفع الكبار لتدنيس البراءة، مخلفين بذلك آثار تبقى معهم عمرا من الزمن، كجرح لا يندمل.

مقالات ذات علاقة

مَلَامِحِي مُفَخَّخَةٌ .. بِمَوَاعِيدَ مَوْقُوتَة!

آمال عواد رضوان (فلسطين)

ونحنُ أيضاً كنّا نمتلك ماكينة خياطة

فراس حج محمد (فلسطين)

تدفقات ليلية

إشبيليا الجبوري (العراق)

اترك تعليق