متابعات

من ذاكرة مجالس الأمس

الكاتب ” أمين مازن” في محاضرة بعنوان (مجالس الأمس)

أقام المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية بمدينة طرابلس محاضرة حملت عنوان(مجالس الأمس) استضاف فيها الكاتب “أمين مازن“، وذلك بقاعة المجاهد مساء يوم الأربعاء 14 من شهر فبراير الجاري في إطار الأنشطة الأسبوعية للمركز، حيث قدم وأدار المحاضرة الدكتور “محمد الجرّاري” رئيس المركز بحضور لفيف من الكتّاب والمثقفين وعموم المهتمين، واستهل مازن محاضرته بتوطئة أشار من خلالها إلى أن الملموس في ما أطلق عليه مجالس الأمس هم أولئك اللذين دأب في الكتابة عنهم على صفحات موقعه الإلكتروني بشبكة الإنترنت منذ أن اختارها كمجال أفضل للتعبير لما يزيد عن خمسة عشر عاما ليتجاوز عدد من تناولهم أكثر من سبعين إدراج منهم ما تجاوز الخمسين، وأوضح مازن بأن بعضهم برز في المجلس التشريعي الطرابلسي حيث كانت بداية الرحلة العملية فمجلس النواب الذي وسّع التجربة النظرية، وقبل ذلك الجمعية الوطنية التي حفظت محاضرها الطريق نحو الحقيقة علاوة على دور مجلس الشيوخ إلى جانب التواصل مع عرفه بالمدينة حيث كانت الملتقيات المشهورة في أكثر من مكان وزمان ووسط، وأضاف مازن أن النية كانت متجهة للطباعة إلا أن ما عم البلاد من سوء الأحوال، وانعكاس ذلك كله على الثقافة والمثقفين جعله يكتفي بتقديم ما لديه عبر شبكة الإنترنت فهي الأقدر على تحقيق المبتغى مما عداها، ولفت مازن إلى أنه اعتمد على جهده الخاص ومساعدة من يهمهم بقاؤه على الساحة واستمراره في التواصل مع المحيط في تجلياته المختلفة.

التوثيق لرموز الوطن
كما أكد مازن أنه إذا ما عنّ له أن يُدلي بمساهمته في هذا الموسم المنزه عن الاصطفاف والمرتبط مع ما دُرج عليه طوال الحقبة السابقة من التوثيق لرموز الوطن ممن ساهموا في أحداثه على نحو ما فكان هذا الحديث أو المحاضرة التي استصوب أن يجتزئ منها ما تيسر إدراجه ونشره على سبيل الاستشهاد وإنعاش الذاكرة ولو بالقليل، وبيّن مازن بقوله : قد بدأت علاقتي العملية بهذه العوالم من المجلس التشريعي الطرابلسي الواقع بالمبنى المتوسط لشارع الاستقلال مثلما سُمي لاحقا إذ أمر الملك بإزالة اسمه من على الشارع تحسبا منه دون شك لما حدث لاسم الملك فاروق الذي نفي من مصر بعد استقلال ليبيا بستة شهور فأزيح اسمه وآله من شوارع مصر عندما أسقطهم الجيش بقيادة الجنرال “محمد نجيب”، وأردف مازن : لقد كان ذلك المبنى مقرا لنادي مكابي اليهودي حين أمر بإغلاقه مجلس النوب فور تشكيله برغم تشكيك الكثيرين في وطنية المجلس جراء موافقته على النظام الاتحادي فكانت رئاسة المجلس المذكور مناطة بالسيد الطاهر العقبي المنتخب من مدينة صرمان للمرة الثانية إذ كان عضوا بالمجلس الذي ترأسه في البداية الأستاذ على الديب، وكان العقبي قبل هذا التاريخ قد امتهن التجارة بعد أن نال ما تيسر له من التعليم المدارس الإيطالية والتعليم الديني حسبما رويت عنه.

صاحب الرؤية الهادفة
من جانب آخر تابع مازن بالقول : إن العقبي استطاع رئاسة المجلس الجديد لأكثر من عام وأكثر من منافس وإن كانت المنافسة تدل على وجود شيئ من التخطيط الذي ضمن له الفوز حين نضع في الاعتبار أن العقبي لم يؤيد التكتل الذي قاده الديب في مواجهة الصديق المنتصر ثاني والي لمدينة طرابلس خلفا للسيد فاضل بن زكري الذي بدا منه ما يدل على أنه سيكون أي الصديق طيعا للحاشية الملكية عندما قادها الثنائي عمر شنيّب وإبراهيم الشلحي، وأضاف مازن إلى أن العقبي سعى منذ البداية لسد كل الثغرات التي قد تحول دون نجاحه في مهمته فحرص مبكرا على إزاحة السكرتير العام ليحل محله أحد من وثق فيه من أقاربه بحكم النشأة والسن، بينما واصل مازن استطراده قائلا : إنني إذا ما أردت ضرب الأمثلة استعادت ذاكرتي السيد سالم العجيل المنتخب من دائرة الخمس لما اشتهر به من المداومة على حضور الجلسات والمساهمة في أعمال اللجان وعضوا ببعضها ورئيسا أو مقررا لبعضها الآخر كان السائل والمستجوب وصاحب الرؤية الهادفة إلى تعميم الخدمة للمناطق المجاورة لمدينته مما جعل المناطق البعيدة كثيرة التعويل على تحركه كلما قرب افتتاح دورة من الدورات حيث يعاد تشكيل هيئة المكتب وتتم مراعاة المناطق في المراقبين والسكرتيريين دون أن يُعرف عنه السعي لأيّها ولو بحجة أنها فرضت عليه كما لم يلاحظ عليه الوقوف إلى جانب النُظّار أثناء فترات الاستراحة المعروفة عادة بتحقيق الطلبات الشخصية، ودوره كذلك ملحوظا في السعي لاستحداث المقاطعة الشمالية ورئاستها في مدينة الخمس فتحقق من خلالها شيء من العدالة في توزيع فرص العمل والخدمات حين لم يدخل النفط ضمن الموارد.

جهود لا يضيّعها الزمن
فيما سلط مازن الضوء على شخصية وطنية أخرى فجهود الرجال حسب المُحاضر لا يُضيِّعها الزمن وهكذا نرى على سبيل المثال السيد محمد عمار الذي حل بالمجلس منتخبا من الزاوية الممثلة بعضوين، وذلك بعد أن كان على رأس البلدية وفي تطور آخر أسندت إليه نظارة الصحة إذ كان القانون آنذاك يسمح بالجمع بين عضوية مجلس النوب والنظارة ولكن بمقابل مالي واحد يُمنح الشاغل أعلاهما امتثالا لما يجري به العمل في الاتحاد حيث يجمع النائب بين الوزارة والنيابة بل إن الوزارة لا تكتسب قوتها إلا بعدد الوزراء القادمين من مجلس النواب فلا تُدوّن أسماؤهم في حالة الجمع إلا وهي مرموقة بالشيخ المحترم أو النائب المحترم، وأضاف مازن بالقول : لقد كان محمد بن عمار رجلا قليل الكلام لا يقضي من الوقت بالمجلس إلا ما يفرضه واجب العضوية عندما كانت مهمته محصورة في المجلس ولجانه وإبداء رأيه حين يكون الإبداء مؤثرا في الترجيح لا فرق بين اللجنة أو الجلسة العامة، وكذلك وهو يحمل حقيبة الصحة، وأردف مازن : وقد كان أشهر نقاش ساهم فيها هو المتعلق بالأراضي الرزاعية عندما قدم حولها بعض الأعضاء طلبا للمناقشة لم يخلو كما بدا له من بعض الدوافع التي لم يسترح لها فآثر أن ينأى بنفسه عن المشاركة لولا إصرار الكثيرين أجبره على التدخل ليبين للحاضرين التنظيم القانوني للأراضي المذكورة والذي كان ساريا المفعول أوان ذاك الزمن ليعيد من ذاكرته التصنيف الرسمي لجميع الأراضي وشروط استغلالهاو المدد الزمنية اللازمة لها وفقا لما يحفظ حق المستثمر في ما ينفق وملكية الأرض وما ينوبها فكان توضيحه مبهرا.

مقالات ذات علاقة

تاناروت تحتفل باليوم العالمي للكتاب

المشرف العام

بوكليب يبحث عن ذاكرته المفقودة في «الحكايا الخمس»

عبدالسلام الفقهي

في ذكرى صلاح عجينة

المشرف العام

اترك تعليق